لماذا ينجذب الشباب نحو تنظيم داعش الارهابي باسم الجهاد المقدس مع أن هؤلاء الشباب يراهم الناس عبر القنوات التلفزية ينهبون البنوك و يسرقون سبائك الذهب و يخربون الموروث الثقافي الذي قاوم منذ آلاف السنين و يسفكون الداء و يبتزون الناس و يبيعون النساء في سوق النخاسة و يجندون الأطفال ...؟؟ يقول كثير من المحللين السياسيين أن معظم البلاد العربية سيطر عليها الخطاب السياسي الذي استحوذ على الساحة ملغيا بذلك فرصة بروز النخبة و إن هي ظهرت فإنها تدور في فلك السلطة وأمام وضع كهذا يجد الناس أنفسهم منجذبين نحو الخطاب الديني الطي غابا ما يوظفه المتطرفون لكسب التأييد و المنظمين تحت لوائهم و الغاية محاربة الدولة ورموزها من أجل الوصول إلى الهدف المرجو. و لعل من أهم الأكاذيب التي يسوقها هذا التنظيم الإرهابي هو تقديم نفسه للمغرر بهم من الشباب على أنه الحركة التي ستُعيد الخلافة الإسلامية إلى البلدان المسلمة تدريجيا و إقامة العدل و القضاء على الأنظمة الفاسدة و المسيطرة تبييض الأموال من سرقة عائدات النفط و السيطرة على أرزاق الغير و الفدية كما فعلت الجيا و( أي س ) في الجزائر. و تشير البرامج التي تتناولها وسائل الاعلام المرئية إلى أنّ غالبية الشباب الذين ذهبوا إلى سورية والعراق هم من الذين يعانون مشاكل اقتصادية واجتماعية ويشعرون بالانعزال. ولكن يظهر لنا اليوم أن عدداً غير قليل من المندمجين في المجتمع الغربي أي أولئك الذين لديهم عمل ومن خريجي الجامعات يذهبون أيضاً كمتطوعين للقتال مع التنظيمات الإسلامية المتطرفة ، وهذا ما يصعب من مهمة وضع برامج للحد من انتشار الأفكار المتطرفة في المناطق ذات الغالبية من السكان المهاجرين والمسلمين. ويبدو أن التجارب المتكررة في أفغانستان مرورا بالعراق ووصولا إلى سوريا للجماعات الأصولية ، أكسبت التنظيم نوعا ملحوظا في أدوات التحقق من أجندة من يريد الانخراط للقتال في صفوفه بساحات سوريا المشتعلة بالتطرف منذ نحو حوالي 4 سنوات إذ تشترط "داعش" على من يريد الالتحاق بصفوفها من المهاجرين الجدد ، وجود "تزكية" من رجال دين معتمدين لديها في المنطقة العربية أو أوروبا ، وذلك خوفا من الاختراق. وضمن تعليمات التنظيم المتطرف لأعضائه الجدد الذين أطلق عليهم صفة المهاجرين الكتمان العام بألا تخبر أحدا (الزوجة ، و الأصحاب ، والأبوين)، ولا مانع من إخبارهم بعد الوصول والانتهاء من معسكر التدريب ، ثم الاهتمام بالأمن عند السفر ومحاولة تجنب السفر المباشر ، بل محاولة الذهاب عن طريق عدة دول ، والسفر المفرد أفضل وأنجح وآمن . تتمّ عمليّة تجنيد الشباب وفق مراحل معقّدة ومتتابعة العوامل الرئيسيّة في استقطاب الشباب تتمثّل بإطلاق خطاب عامّ يؤثّر في نفوس الشباب ويرتكز على إبراز المظالم التي يتعرّض لها بعض الأطراف والطرْقِ على وتر الخلاف المذهبي إضافة إلى اللجوء إلى منابر المساجد ومواقع الإنترنت واستهداف الشرائح الشبابيّة ذات الخبرات الحياتيّة المحدودة التي تعيش في أوضاع اجتماعيّة سيّئة وتعاني يأساً من إمكان حصول أي تطوّر في حياتها." أمّا الأدوات المستعملة في عمليّة استقطاب وتجنيد الشباب والمراهقين فهي تتراوح بين النشرات الخاصّة وتأمين المصروف المالي الذي قد يحدث تغييراً نسبياً في مستوى حياتهم لقاء انخراطهم في أعمال قتاليّة. هذه الإيديولوجية التي تحفّزهم وتحرّضهم حتى الذروة على مدى ستة أشهر وحتى سنة تجعلهم أبطالاً وتخرجهم من حالة العوز التي يعيشونها. الفردوس المفقود هل التركيز على العوامل الإيديولوجيّة والاجتماعيّة والماديّة والسياسيّة تستأهل ذهاب هؤلاء الشباب بأرجلهم نحو الموت ؟ العامل الأساسي المحفّز على انجذاب هؤلاء الشباب إلى مشاريع تصنّف في إطار سياسيّ ومذهبيّ، هو الجهل وقلة الثقافة الاجتماعيّة وحالة النفور من الطقوس الاجتماعيّة المستوردة من الغرب والتي اختلطت في المجتمع الشرقي بطريقة غريبة إضافة إلى حال التمرّد التي تواكب الشباب في مرحلة المراهقة والعوامل الاجتماعيّة وفشل العلاقات وتفكّك الأسر. وفي المرتبة الثانية تأتي عمليّة غسل أدمغة السذّج فكرياً ، والفطريين وعديمي الكفاءة الذين يسهل تحريضهم في إطار فكري وقالب ديني واتجاه سياسي ، فيصبحون ضحية نزوات ورغبات مراجعهم التي تحرّك مشاعرهم ، فيقومون بأعمال تعطيهم قيمة اجتماعيّة يفتقدونها في حياتهم العمليّة ، وتعطيهم حظوة في عيون أسيادهم وقياداتهم ، وتوصلهم إلى حياة أفضل في مجتمع حور العين أو الجنّة. ما يُشاع عن أن الفقر هو العامل الأساسي لتحريك التكفير سقط بمرور الزمن لصالح أدلجة الشباب المُفتقر للثقافة ولمقوّمات فكريّة كافية ، تولّد لديه خللاً في العوامل التفاعليّة و الطاقات الإدراكيّة ، وتحوّل الإنسان إلى مشروع إرهابي. داعش مهتمة بمواقع الفيديو والأخبار العربية مثلما هي مهتمة بالمواقع الغربية مثل اليوتيوب ، وبحسب مواقع الأخبار العربية ، هناك العديد من فيديوهات التجنيد ل داعش بالعربية وحتى عدة ألعاب جهادية المنتشرة عبر الإنترنت. في إحدى تلك الألعاب الهادفة للأطفال بشكل خاص