قالت مصادر إعلامية تونسية أنه مباشرة اثر العملية الارهابية بمتحف باردو، بادر رئيس الحكومة حبيب الصيد الى دعوة مجموعة من الاحزاب والرباعي الراعي للحوار الوطني للنظر في خطة مشتركة لمكافحة الارهاب. الاجتماع انعقد قبل يوم واحد من اعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في ذكرى الاستقلال عن ضرورة السير نحو مصالحة وطنية. و كانت الحكومة قد اقترحت خلال جلسة منح الثقة لحكومته امام مجلس نواب الشعب ، تكوين «مجلس استشارى للاحزاب» تكون مهمته تدارس القضايا والملفات الوطنية وإيجاد الحلول لها فى نطاق التشاور بين القوى السياسية فى البلاد. وقال ان المجلس يمكن ان يجتمع بصفة دورية «لتبادل الافكار وإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة على الحكومة لتكون محل توافق اوسع قاعدة سياسية ممكنة ، مع تكثيف التشاور بين الاحزاب والمجتمع المدنى خلال المرحلة الاخيرة من الفترة الانتقالية ، كثر الحديث عن ضرورة التوافق بين مختلف الاطراف السياسية والمدنية من اجل انقاذ البلاد من الوضعية السياسية الصعبة التي آلت اليها في النصف الثاني من سنة 2013، بعد اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي. وهو ما ادى الى احداث مؤسسة الحوار الوطني برعاية المنظمات الوطنية الكبرى في البلاد التي نجحت في تجميع الفرقاء السياسيين على طاولة واحدة فكان الخروج من الأزمة بخارطة طريق واضحة المعالم ادت الى هدوء سياسي واجتماعي وفي الاخير الى تنظيم انتخابات وارساء سلطات ديمقراطية وقارة. مباشرة بعد تكوين حكومته ، وجد حبيب الصيد نفسه في وضع غير مريح ، انطلق باحتجاجات شعبية ثم نقابية وانتهى بإحداث ارهابية مؤلم ة، مع تواصل تشعب الامور على الصعيدين المالي والاقتصادي. العملية الارهابية الاخيرة بباردو وضعت حبيب الصيد امام خيارين: إما تحمل الحكومة بمفردها المسؤولية عما حصل والسعي لاستنباط الحلول العاجلة والأكيدة لمختلف المشاكل ، او تشريك البقية في القرار الوطني في إطار من التوافق داخل هيكل وهو عبارة عن «مجلس وطني للأحزاب» .. فكان الخيار الثاني مباشرة بعد عملية باردو، الذي جمعه برباعي الحوار الوطني وبممثلين عن 17 حزبا منهم الجبهة الشعبية ونداء تونس والوطني الحر والمبادرة والنهضة والوطنيين الديمقراطيين الموحد والتيار الشعبي والتكتل وتيار المحبة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتحالف الديمقراطي والحزب الجمهوري وآفاق تونس وحركة وفاء. وبذلك يمكن القول ان حبيب الصيد شرع في احاطة نفسه وحكومته بحزام سياسي واسع من شأنه ان يسهل مهامه ويخفف عنه وعن الحكومة عبء مسؤوليات ثقيلة تنتظره في الفترة القادمة. وحدة يأتي ذلك بعد ان كثر الحديث في الفترة الاخيرة عن ضرورة إطلاق حوار وطني لمقاومة الإرهاب. إضافة الى الارهاب ، تبدو البلاد اليوم مُقبلة على مشاريع اصلاحات من الوزن الثقيل بعضها عاجل (الارهاب و الاسعار والوضع المالي والاقتصادي للدولة) والبعض الآخر هيكلي على غرار ملف الاصلاح الجبائي وإصلاح المنظومة التربوية والإدارة. ولن تكون المهمة فيها سهلة لأنها ستتطلب مشاورات توافق بين مختلف الاطراف (المجتمع المدني الاحزاب الطرف النقابي ممثلو الاعراف الحقوقيون والخبراء المواطن ..). ولا يمكن ان يتحقق هذا التوافق الا داخل هيكل يجمع كل الاطراف على طاولة واحدة. الى جانب ذلك، فان جمع الاحزاب داخل هيكل (مجلس او جبهة وطنية) من شأنه ان يمهد الطريق امام دعوة رئيس الجمهورية للمصالحة الوطنية ، وخاصة للتشاور حول الخيط الرفيع الذي سيربط بين المصالحة الوطنية من جهة والعدالة الانتقالية التي نص عليها الدستور من جهة اخرى.