يجب أن نعي بأن اقتصاد بلادنا ليس مبنيا على العمل و القيمة المضافة فما يدخل الخزينة العمومية من أموال ليست نتاج جهد و انتاج و إنّما هي من مداخيل صادراتنا من المحروقات لذلك يتأثّر اقتصادنا من مجرّد حدوث صدمة في السّوق العالمية للمحروقات و إذا طالت مدّة الصّدمة يزداد اقتصادنا هشاشة و ترتفع معدّلات التضخّم و يكتوي المواطن بلهيب الأسعار و تضعف قدرته الشرائية بل بالأحرى "قوّته الشرائية " و خاصّة لدى الطّبقات الهشّة من المجتمع ممّن ينتظرون بفارغ الصّبر ضخّ الزيادات في الأجور التي وعدت بها الحكومة لكن من جهة أخرى تساهم الزيادات الكبيرة في الأجور في رفع معدّلات التضخّم أيضا مثلما حدث قبل بضع سنوات ما أدّى إلى تسجيل أعلى نسبة تضخّم بلغت 8.9 بالمائة في سنة 2012 حسب الدّيوان الوطني للإحصاء .فبارتفاع أجور فئات معيّنة من العمال تتحسّن قدرتهم الشرائية و تتغيّر الأمور بالأسواق بحيث يفوق الطّلب العرض و ترتفع الأسعار و يحدث التضخّم لكن في النفس الوقت علينا أن نفرّق بين التضخّم و المضاربة ،فما يحدث بأسواقنا ليس ظاهرة اقتصادية محضة بل زادت بعض الظواهر الغريبة ضغطا على المواطن الذي وقع بين أيدي لوبيات تتحكّم و تتدخّل في تسيير الأسواق بالأسلوب الذي يناسبها فتطغى الرّغبة في الرّبح دون أي خسارة ،لكن التجارة هي ربح و خسارة و السّوق الحرّة مبنية على منافسة نزيهة بين المتعاملين ،فلا مجال فيها لاحتكار السّلع و المضاربة و رفع الأسعار و التّخلص من فائض المنتوجات الزّراعية حتّى لكي لا ترخص السّلع و بتحليل بسيط سنكتشف بأن كل مظاهر التضخّم موجودة ،استيراد تجاوز كل المعدّلات و أسعار ترتفع بارتفاع سعر العملة الأجنبية و نشاط موازي ينهب في خيرات البلاد و الملايير تفلت من الرّقابة و الضريبة و احتكار للسّلع و مضاربة تطغى على الأسواق و مال نائم لا يستثمر في جهد لإنتاج قيمة مضافة و كأنّ ما يحدث تضخّم بالأبعاد الثلاث فمبدأ تحرير الأسعار يكرّس المنافسة التي تؤدّي تلقائيا إلى استقرار الأسعار و كل هذا سيكون في صالح المستهلك كونه الحلقة الأضعف في المعادلة لكن للأسف الشديد تكرّست ظاهرة المضاربة و احتكار السّلع بدل مبدأ المنافسة النزيهة و الحرّة لذلك من غير المعقول أن نتحدّث عن تضخم إذا تعلّق الأمر بمنتجات فلاحية محلية كالخضر و الفواكه و اللّحوم . أضف إلى ذلك تعدّد الوسطاء فهذا أيضا يرفع السّعر و يسبّب التضخّم و في نهاية المطاف تضعف القدرة الشرائية عند العائلات ذات الدّخل المحدود