ارتفاع معدّل التضخّم هذه السّنة كان متوقّعا و تنبّأت الفدرالية لذلك و طالبنا مصالح التّجارة بالتّدخل و تكثيف المراقبة لحماية القدرة الشرائية للمواطن لكن من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في الظرف الاقتصادي الرّاهن هو خفض قيمة العملة الوطنية مرّتين الأولى مع نهاية السّنة الماضية و الثانية هذا العام ،و أعتقد أنّه يجب إطلاع المواطن الجزائري بذلك تكريسا للحقّ في الخبر و المعلومة و مع تهاوي قيمة الدّينار زادت نسبة التضخّم و العائلات ذات الدّخل المحدود هي المتضرّر الأوّل ما دامت الزيادات في الأجور المترتّبة عن إلغاء المادّة 87 مكرّر من قانون العمل لم تطبّق وما يجب توضيحه هو أنّ للمواطن الجزائري دور كبير في حدوث التضّخم لأنّنا شعب يستهلك و لا ينتج ،فأزيد من 75 بالمائة من غذائنا يأتي من الخارج فأصبحنا عاجزين عن خلق قيمة مضافة كما فقدنا قيمة العمل و أصبح معظم الشّباب يبحثون عن السّهولة و يبتعدون عن الأعمال التي تتطلّب جهدا و مشقّة و يكفي أن نعطي كمثال عن ذلك ما يحدث بقطاع المؤسّسات الصغيرة و المتوسّطة ،شباب لا يملكون خبرة و لا روح المقاولاتية تقرضهم البنوك أموالا ضخمة فلا يقدرون على تسيير المؤسّسة المصغّرة و عمّالها فتفلس و لا تردّ أموال البنوك ،و في آخر المطاف نشهد ميلاد جمعية لأرباب مؤسّسات مصغّرة تطالب بمسح هذه الدّيون و يجب أن نعلم بأن هذه الدّيون هي مال عام و لم يأت نتيجة جهد و انتاج و إنّما هو من عائدات المحروقات الذي يموّل كل القطاعات و حتى أجور العمال تدفع من هذا المال و غرض الدّولة هو الاستثمار في قطاع المؤسّسات الصّغيرة و المتوسّطة لكن هناك من أخدوا المال و بذّروه و هناك من باعوا تجهيزات مرهونة على القرض و فرّوا بالمال و هناك الكثير من الأمثلة التي توحي بضلوع المواطن في كل ما يحدث و بقاء اقتصادنا مبنيا على عائدات المحروقات بنسبة 95 بالمائة .فللأسف الشديد طلّقنا العمل و سعينا وراء المال السّهل تماما كحرّاس السيّارات بالشوارع والأحياء يفرضون أنفسهم بالقوّة و يعتدون دون حق أو قانون فيعطى لهم المال ليس لقاء خدمة أو أجر بل اتقاء لشرّهم.