إستعاد مسجد سيدي أبى مدين بأعالي العبّاد بمدينة تلمسان نهضته الدينية في أداء الفرائض الخمسة للصلاة و قراءة القرآن و التراويح في شهر رمضان و هذا بعدما أفتتح ثانية في وجه المواطنين بعد غلق دام أكثر من خمسة عشرة (15) سنة بسبب الفترة العصيبة من العشرية السوداء والتي أدت إلى تجميد الصلاة فيه وتم منع زيارة الولي الصالح سدي بومدين شعيب وحرقت باحته وهدمت شواهد القبور المحيطة بالضريح من قبل الإرهاب فأصبح المركب بمجامعه مجمد سياحيا و دينيا فخيّم السّكون على العباّد و انقطعت عنه آنذاك عبق الحضارة المرينية التي أنجزت أول مسجد لها بتلمسان بعد الأول في فاس المغربية ولمّا أستتب الأمن بالمنطقة العتيقة عاد للواجهة بنفس جديد ينبض بالإيمان الذي سطع بهذا الهيكل الديني بشكل قوي مباشرة لدا ترميمه في برنامج مشاريع التظاهرة الدولية تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية الذي انطلقت في سنة 2008 و برزت للعيان عام 2011 وهي الفترة الحاسمة التي جعلت مسجد سيدي بومدين يلقى إقبالا بالنسبة للصلاة فيه حتى أصبحت وظيفته الشرعية تضاهي دور جامع المرابطين الكبير الواقع وسط المدينة فأضحى سكان تلمسان الكبرى يقصدونه للتراويح و القيام باعتباره يتميّز بصحن جميل و منشرح ومفتوح على مصرعيه لتربعه على ساحة الصلاة المهواة طبيعيا أي المسجد ليس بحاجة لمكيفات مثل باقي المساجد المغطاة أكانت حديثة النشاة أم تداولت على بنائها الدويلات الزيانية و الموحدية و المرابطية لهذا يختلف عمران"جامع العبّاد" في هندسته الأندلسية التي إختارها السلطان الأسود أبي الحسن علي المريني حين أراد إنجازه بأفق تلمسان عام 1339 للميلادي ففكر في جلب بنائين أندلسيين لا تزال بصماتهم محفورة بكل شبر من مسجد المرنيين الذي ترك أثرا حسنا بمجده المنعكس على زخرفة معالمه الأثرية القائمة بتشييد فريد من نوعه تحاكي المنطقة بمستوى حضاري شاع عنه الكثير في العصور الوسطى برفعته و مكانته التي بهرت السائح و الفنان في وصفهم و ترنّمهم لأركانه . فذات المسجد الذي تطورت خدماته يلتحق به ما يزيد عن 400 مصلي من تلمسان الكبرى يوميا منذ بداية شهر رمضان مباشرة عندما يرفع أذان صلاة العشاء فترى فئات عمرية تتسابق للذهاب إلى العبّاد "فما أحلاها طلعة" أكانت بالنسبة للرجال أم النساء فهي سمة برزت للعيان و بكثرة منذ 2011 كفترة لا ينكرها جاحف في استرجاع قيمة المسجد التي اقتصرت في الماضي على سكان العباد فقط ليس كما أصبح اليوم بتعداد هائل للمواطنين ولسرد هذا التغيّر دفعني الفضول الإعلامي فقرّبت "جريدة "الجمهورية" من واقع المسجد البومديني للوقوف على نشاط المسجد وعدد قاصديه من المصلين و كذا لمعرفة الفرق في دوره أثناء شهر الإفطار و رمضان فقيل لنا أن قاصديه تضاعف و يخال لك أنه جامع الملثمين(الكبير) هي شهادة خادمه المتطوع "عمي الحاج محمد شرفي" صاحب الخمسة و سبعون عاما الذي منح للمسجد كل وقته ليكون نقيا و طاهرا و معطرا للواقفين أمام الله عزّ و جلّ فقال"إن مسجد سيدي بومدين لم أتخلى عنه منذ ما يقارب الأربعون سنة في تنظيفه و شظف ستائره و زرابيه لحين إنقلاب حال تلمسان اللأمني على غرار ولايات الوطن بداية التسعينيات فتريت عن واجبي لأن دوره جمّد فرحلت من العبّاد خوفا على نفسي و عائلتي و عندما عمّت سياسة المصالحة الوطنية عدت أدراجي نحو المسجد لمواصلة خدمة الجامع المريني (البومدييني) وهذا في سبيل الله.