عرض فيلم وثائقي عشية أول أمس بالمركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران حول مسار الكاتب و الصحفي الراحل الطاهر بن عيشة من تنشيط الباحثة والأستاذة سنوسي صليحة التي أعطت لمحة عن الرجل من خلال مسار طويل في مجال الإعلام الجزائري . قدم الشريط الوثائقي مقتطفات من حياة الرجل و بعض حواراته التي ارتكزت عن تقديم عدة قضايا تهم الواقع الجزائري ، حيث قدمها الشريط على أنه عميد الصحفيين الجزائريين، ووصفه المتدخلون ، بأنه كان شاهدا على تحولات كبيرة عاشتها الجزائر، باعتباره صديق المثقفين. وقال الطاهر بن عيشة عن نفسه " لم يحدث وأن ندمت يوماً عن شيء قلته، فمنذ زمن طويل لا أقول إلا الحقيقة، لا أرحم لا حاكماً ولا محكوماً ". واعتنق بن عيشة اليسار كعقيدة سياسية وإيديولوجية، وكان على تواصل مع تشي غيفارا وكارلوس، فإنه كان مؤرخا جريئا وكاتبا مشاكسا. وزار الكاتب العديد من البلدان وتكونت لديه ثقافة كبيرة حتى وصف بالموسوعة المتنقلة، ورحالة الجزائر، وسليل ابن بطوطة، حيث التقى خلال مسيرته كبار الكتاب العرب، والأجانب، وعاصرهم ودون الآلاف من المقالات والشهادات حولهم. كما حرص على التوثيق بالصوت والصورة من خلال أسفاره الكثيرة التي جاب فيها العالم واستحق عنها لقب الرحّالة الذي كان مسكونا بهاجسي الكتابة والتوثيق. قد تختلف معه أو تتفق، لكن الرجل في كل الحالات يفرض عليك احترامه الكبير، لثقافته الواسعة في الدين والأدب، في التاريخ والفلسفة، في تاريخ الشخصيات البارزة وطنيا وعالميا وإسلاميا، فهو موسوعة متنقلة وذاكرة حية عن التاريخ في الوطن بل والتاريخ الإسلامي رغم اتهامه باليسارية، تحترمه أيضا لوطنيته المفرطة، ولتعففه عن المادة وعن المناصب أو الجري وراءها كما أكد عليه المشاركون في مناقشة عرض الفيلم . للإشارة فلقد ولد الطاهر بن عيشة في مدينة قمار بوادي سوف عام 1925.بعد التعليم الابتدائي انتقل عام 1942 إلى جامع الزيتونة بتونس ليتعلم علوم الدين وعاد إلى الجزائر العاصمة بداية العام 1949، وكانت له منذ شبابه الأول عدة مؤلفات غزيرة عن الحضارة الإسلامية في الجزائر والإسلام في آسيا الوسطى وإفريقيا لا سيما غرب القارة السمراء. وأصدر بن عيشة سلسلة حراس التراث التي دوّن فيها محطات وعطاءات الزوايا الدينية في الجزائر، وأجرى مسحا شاملا لأمهات المخطوطات الجزائرية القديمة، ما جعله يبرز كأحد أهم أعلام الذاكرة الشعبية، كما واظب الرجل منذ أربعينات القرن الماضي على الكتابة بتدفق في الصحف، ما جعل سجّل الراحل يحفل بآلاف المقالات.