أكد الفنان المسرحي محمد حيمور أنه لا يفكر أبدا في الاعتزال، فهو لا يزال قادرا على العطاء رغم بلوغه 72 عاما، بدليل أنه بصدد القيام بالتمرينات الخاصة بمسرحية " لعبة الزواج " لمراد سنوسي التي عُرضت منذ 6 سنوات على ركح علولة ، حيث سيتقمّص حيمور دور المرحوم بلعروسي ليظهر أمام جمهوره شهر رمضان الفضيل، كاشفا خلال زيارته أمس لمقر الجمهورية أن المسرح بوهران لا يزال بخير،وهو في تطور مستمر، إذ وبالرغم من أن المضمون لا يزال متوسطا، إلا أن الأعمال الإبداعية تبقى جميلة وتفي بالغرض لاسيما من ناحية الفرجة، حيث كثيرا ما تجد الجمهور راضيا على هذه المسرحيات، ضف إلى ذلك أنه مرتاح لمستوى الشباب والنجوم الصاعدين، مشيدا بالمجهود الكبير للمخرجين و السينوغرافيين الذين يقدمون للنص والقصة بُعدا فنيا رائعا ومثاليا، على غرار مسرحية " الغلطة " لمخرجها مولاي ملياني محمد مراد ، التي وإن كان مضمونها ناقصا إلا أن مستوى الإخراج، الموسيقى و السينوغرافيا كان بديعا ومتميزا، وخلال حديثه عن كتاب النصوص تذكر حيمور أيام الزمن الجميل عندما كانوا يتشاورون مع الطلبة، الأصدقاء و المختصين وكل من له علاقة بالمسرح، مثل علولة و كاكي اللذان كانا يستشيران محيطهما الفني لمعرفة آرائهم بخصوص النصوص التي ينوون تأليفها، مع العلم أن الكثير من أعمالهما الفنية كانت تنتقد الواقع المعاش بطريقة بناءة وهادفة، وبالرغم أن حيمور يتمتع بخبرة مسرحية طويلة، إلا أنه لا يزال يتعلم أبجديات هذا المجال الإبداعي الخصب على حد تعبيره ، مبرزا أن سر نجاحه يكمن في قوة الاستماع والإصغاء للغير ،حتى يتعلم منهم المزيد ، حيث قال إنه لم يندم قط ممارسته للمسرح، بل بالعكس هو فخور بما قدمه لهذا الفن الراقي ، خصوصا أنه اشتغل مع نخبة مميزة من الفنانين الجزائريين أمثال محمد شويخ، علولة، كاكي ...إلخ، دون أن ينسى ذكر سيراط بومدين، مجوبي، صونيا وبن قطاف...إلخ، مبديا حزنه وأسفه على اغتيال العديد من هذه الوجوه الفنية في العشرية السوداء كعلولة وسيراط بومدين ، اللذان كانا يمتازان - حسبه - بروح التواضع والحرفية العالية ، وكثيرا ما كانا ينسبان نجاحهما للعمل والروح الجماعية للفرقة التي كانا يعملان ضمنها . حريّة الفن الركحي في ذات السياق أوضح المسرحي محمد حيمور أن الممثلين والفنانين خلال سنوات السبعينات والثمانينات لم تكن لهم أية مشاكل مع مسؤولي البلاد ، حيث أن الأعمال المسرحية التي كانت تنتقد آنذاك الأوضاع الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية للبلاد كانت تعرض في مختلف المسارح الوطنية بكل حرية ، حيث قال ابن حي قمبيطة، إنه و طيلة مسيرته الإبداعية لم يسمع أن الزعيم الراحل هواري بومدين أو الشاذلي بن جديد قاما بالتدخل لحظر أي مسرحية مهما كان نوعها، موضحا أنه يتذكر جيدا في أحد الأيام لما عرضت مسرحية " الأجواد " ، عندما أمر الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد شخصيا وزير الثقافة حينذاك عبد المجيد مزيان رفقة جميع الوزراء بحضور العرض في قصر الثقافة بالجزائر العاصمة ، وقد حضر فعلا جميع الطاقم الحكومي، وقبل انطلاق العرض، جاء أحد الموظفين في رئاسة الجمهورية، وطلب من مخرج مسرحية " الأجواد " المرحوم عبد القادر علولة بتقليص وقت العرض الذي يزيد عن 3 ساعات، إلا أن علولة رفض رفضا قاطعا الأمر ما جعلهم يكملون العرض حتى نهايته، بل وأن وزير الثقافة قام شخصيا في آخر العمل المسرحي رفقة بعض الوزراء بتكريم الممثلين ومنحهم باقة من الورود على روعة الجهد الفني المتميز، مضيفا أن الكثير من المسرحيين كانت تربطهم علاقات صداقة قوية مع الكثير من إطارات الدولة. أعمال سينمائية مشرّفة ومن جهة أخرى أعطى حيمور وجهة نظره خلال اللقاء الذي جمعنا به حول المادة الركحية التي باتت اليوم تلعب دورا كبيرا في جماليات العمل المسرحي، والتي ربطها بالدعم المالي باعتباره الوقود المحرك لجميع دواليب الحياة، مثمّنا دور الوزارة الوصية، التي تسهر على تطوير الحركة الثقافية بجميع مجالاتها، بدليل أنه في الماضي لم يكن لدينا سوى 7 مسارح، أما اليوم فالدولة قامت بتشييد العديد من المنشآت الفنية في الجزائر . وعن تجربته السينمائية، أوضح محدثنا أنها كانت مفيدة بالرغم من قلتها ، بسبب البرنامج المكثف للمسرح، الذي كان يمنعه من التمثيل والمشاركة في مختلف الأعمال التي كانت تعرض عليه، كاشفا أن أول عمل سينمائي شارك فيه كان فيلم "جحا" الذي أنجز سنوات الستينيات مع المخرج زكريا بوهران، ثم " نوبة نساء جبل شنوة " للأديبة والكاتبة الجزائرية الراحلة آسيا جبار، فضلا عن أعمال أخرى هو راض عنها تماما ، وفي الأخير أوضح حيمور أنّ المسرح لا يغير الواقع، وإنما هو بمثابة جرس إنذار ينبه الجميع بقضية ما، فهو ليس عدالة ولا يمكنه أن يفصل في مشاكل الناس، مؤكدا أنه مع قرار وزارة الثقافة الأخير لتقليص عدد المهرجانات، لاسيما تلك التي تستهلك أموالا طائلة داعيا إلى تخصيص أموال المهرجانات الملغاة في تدعيم المبدعين الشباب حتى يتحسن مستواهم وتتطور الساحة الإبداعية في بلادنا.