اعتدنا في مجتمعاتنا العربية، استخدامَ مصطلحات أو نعوت جاهزة لتوصيف شخص ما إيجاباً أم سلباً، غير أننا غالباً لا ندرك معناها الجوهري ولا أبعادها! فحين نلتقي بشخص متقلب المزاج، مثلاً، سرعان ما نصفه بأنه مزاجي بسبب طبعه الحاد وردود أفعاله العنيفة؛ ما يجعلنا نتحاشاه، أو نتعامل معه بحذر. م / ر تؤكد منال وجود الأشخاص متقلبو المزاج في وسطها وتقول "أتذكر شخصاً معنا في العمل، الكل يطلق عليه مزاجي فهو متقلب المزاج، إذ يكون متعاوناً ومبتسماً في بعض الأيام، وفي أيام أخرى نراه عصبياً! وبصراحة أرحم أمثاله؛ لأنني أشعر بأنهم يعانون من مرض نفسي يجعلهم متقلبي المزاج". في حين هناك من يرى في تصرفات تلك النماذج في مجتمعنا لفتا للإنتباه، وتقول "كانت لي زميلة في الجامعة معروفة للجميع بأنها مزاجية فهي غريبة الأطوار، إذ تغضبها أتفه الأسباب. وأعتقد أن أمثالها يطلق عليهم هذا اللقب؛ لإحساسهم بالنقص، وسعيهم للفت الأنظار". أما ريم فتعترف قائلة "أطلقت عليّ زميلاتي في المدرسة لقب المزاجية لأنني دائماً عصبية ومتقلبة المزاج، وكلما أحاول السيطرة على نفسي أفشل؛ فظروفي هي ما جعلتني هكذا". ويعتقد آخرون أن الوضع المزاجي هو حالة مرضية تتطلب تدخل نفسي عاجل يقول فاروق "نلتقي يومياً بهؤلاء النفسيات، وهم أشخاص ذوو مزاج سيئ ومتقلب، وعلى الآخرين تقبُّل أمزجتهم وآرائهم حتى لو كانت خطأ! وأعتقد أنهم يعانون من حالة نفسية تحتاج إلى علاج". وتخالفه الرأي صبرينة إذ تقول: "كلمة مزاجي أصبحت تستخدم كثيراً بلا أي مبررات، لكن علينا تذكّر ريتم الحياة السريع والظروف المحيطة بالشخص، والتي قد تكون سبباً رئيسياً في تقلباته المزاجية؛ لذلك لست مع إطلاق هذا اللقب". بينما تقول هند "في عملي التقيت برجال ونساء أطلق الزملاء عليهم هذا المسمى؛ لتقلب مزاجهم، وأضطر للتعامل معهم، محاولةً ألا أصطدم بهم. وهذه الكلمة التي يتداولها كثيرون لا أحبها؛ لأنها تُطلَق على أي شخص تصرفاته تثير غضبهم غير مفرِّقين بين المريض النفسي والشخص السليم". أما عبد الرحمن فيقول "هؤلاء الأشخاص موجودون، وتقلب مزاجهم يزعج الجميع، لكنني لا أحب إطلاق هذا اللقب عليهم؛ فهم أناس طبيعيون، ولا بد من وجود أسباب لذلك؛ أهمها الظروف المحيطة". ويقول طاهر، طالب جامعي "أتذكر زميلاً لنا أطلقنا عليه هذا اللقب وكان متعباً جداً، ولا يرضيه أي أمر، فكنا نتركه يتصرف على هواه، ونلتمس له العذر؛ لأن تعديله أشبه بالمستحيل". "وراء تلك الحالة النفسية اسباب لابد من أخذها بعين الإعتبار" الباحثة الاجتماعية والاختصاصية النفسيَّة، وفاء شما، تقول: «لا أحب أن أطلق مصطلح مزاجي على أي شخص؛ لأنه مرتبط بعلم النفس البشري، وربما إطلاقه على بعض الأشخاص أتى نتيجة لمزاجهم السيئ، إذ إنهم يغضبون لأتفه الأسباب ويشكّون بمن حولهم، فهم يعيشون باضطراب سلوكي يحول حياة من يتعاملون معهم في لحظة إلى كارثة". وأضافت "وقد يكون وراء كل ذلك أمراض نفسية لا يستطيع الإنسان العادي تشخيصها؛ فيطلق عليها اختصار مزاجي، أي بالعامية مجنون أو مختل أو منفصم! لكن في كل الأحوال، يجب اللجوء إلى مستشار نفسي لعلاج حالاتهم التي قد تكون مستعصية، كما يجب على أفراد المجتمع أن يحاولوا الابتعاد عن مثل هذه المصطلحات التي يطلقونها جزافاً".