يري المسرحي المغربي أحمد بلخيري أن تطور المسرح العربي مرهون بالنصوص التي يقدمها على خشبة المسرح، وقال في حواره مع الحياة العربية، أن الكاتب المسرحي يجب أن يستوحي نصوصه من واقع المجتمع، وأن يراعي ظروفه السياسية والاجتماعية، حتى لا يتحول إلى أداة ترفيهية ويفقد دوره الأساسي في تنوير المجتمع وتثقيفه. حاورته: نسرين أحمد زواوي كما تطرق في هذا الحوار إلى جملة من المشاكل التي تقف عائقا في تطور المسرح العربي بصفة عامة والمسرح المغاربي بصفة خاصة. باختصار كيف تصف لنا واقع المسرح المغربي اليوم؟ المسرح المغربي شأنه شأن المسرح الجزائري، ذاع صيته بعد الاستقلال، في البداية كان هناك مسرحا للهواة، الذي كان بمثابة مدرسة أومعهد مسرحي، فإليه يعود الفضل في ظهور بعض الأسماء على غرار الناقد عبد الكريم برشيد، محمد مسكين، وحوري حسين، إلى جانب الفنان أحمد الطيب العلج والطيب الصديقي الذي فقدته الساحة المسرحية المغربية مؤخرا. يعاني المسرح العربي بصفة عامة من تدهورا كبيرا، هناك من يرجع ذلك إلى أزمة النصوص، أم هناك أسباب أخرى تقف عائقا في وجه المسرح؟ مستحيل أن يكون هناك أزمة في النصوص، لأن ما تتوفر عليه الساحة الأدبية من كتب وروايات التي يمكن إعادة صياغتها دراميا، وجعلها نصوصا تصلح لخشبة المسرح يكفي لسنوات طويلة، وهنا يجب الإشارة إلى ما قدمه الراحل الطيب الصديقي الذي كان يمسرح "المقامات"، كما كان يمسرح أشعار "سيدي عبد الرحمن المجذوب"، وهناك تجارب عديدة لا يسعني المكان ذكرها، فلذلك لا يكمن القول أن هناك أزمة نصوص بما أنها هناك نصوص روائية قابلة للأدرمة، فقط الموضوع يتطلب حس فني وخيال يتماشي والمقومات الكتابة الدراماتورجية، والكتابة الركحية، لان إذا كان الاختيار مرتكز على تصور ثقافي وفني متين سينعكس ذلك على الخشبة، ويمكن من خلال ذلك إعادة الجمهور إلى قاعات المسرح. بحديثك عن الجمهور، كيف تصف الفجوة بين المسرح وجمهوره؟ مع الأسف إن الجمهور الذي يتردد على المسرح اليوم قليل جد، وهذا الأمر معترف به عربيا، ولحد الآن لا توجد دراسة ميدانية، تبين أسباب هذا العزوف، لكن يبدوأن الصورة والتطور التكنولوجي أثرا سلبا على المسرح. رغم المشاكل التي تعرقل تطور المسرح العربي، هل حان الوقت للقول أن هناك مسرح عربي؟ بالتأكيد هناك مسرح عربي، والدليل هو العدد الكبير من النصوص الدرامية العربية المطبوعة والمنشورة في كل البلاد العربية، وهي نصوص درامية مرتبطة بهموم وقضايا العرب، فضلا عن ذلك، الكتب والدراسات التي نشرها باحثون ونقاد عرب وغير عرب عن المسرح العربي. هل مازال المسرح العربي لسانا عربيا للمسرح الغربي؟ هناك عروض عربية مستوحاة من الواقع العربي أومن التراث العربي لذلك لا يمكن القول أن المسرح العربي هو لسانا عربيا للمسرح الغربي، هذا إلى جانب هناك أدوات فنية، كالشخصية المسرحية مثلا، التي تقدم برؤية تبقى عربية، لكن الأسس البنيوية الفنية التي يقوم عليها المسرح تبقى غربية لان المسرح هوابتكار الغرب وليس العرب. أصبح مسرح اليوم يعتمد على "العبث" و"التجريب"، هل هذان النموذجان قادران على التعبير عن واقع العالم العربي الراهن؟ المسرح العبثي، ظهر خلال الحرب العالمية الثانية وظهوره كان كاستجابة فنية لظروف كانت قائمة في تلك الفترة، التي شهدت فيه النفس البشرية أزمة نفسية جعلتها تفقد التواصل، ولان مهمة المسرح هوالكشف عن الأسباب الداعية إلى ذلك. وماذا عن المسرح التجريبي؟ المسرح التجريبي يمكن أن يعبر عن الواقع العربي الراهن، لان المسرح التجريبي بدروه يسعى إلى البحث والتجديد في أدوات التعبير التي يعتمد عليها، كما أن التجريب يتأسس على معرفة الأشكال الدرامية والمسرحية المراد تجاوزها، لكن هناك مشكل يوجهه المسرح التجربي وهوالمضمون، لأنه ليس من السهل تقديم أي موضوع مسرحيا. فهل بذلك يمكن القول أن المسرح العربي تحولا إلى أداة ترفيهية؟ ليس إلى هذا الحد، لان دور المسرح منذ نشأته هوتقديم رسائل مهمة، رسائل تبصر المجتمع، وتضعه أمام واقعه ومشاكله وراهنه بصفة عامة، لكن لا ننكر ان هناك مسرح يعمل فقط على الترفيه، ولا يبحث في قيمة ما يقدمه وهذا ما نجده في المسرح التجاري. متى سيصبح للمسرح بعدا جماهيرا شانه شان السينما؟ إذا بحث أهل المسرح في المشاكل والأسباب التي تعيق تطور المسرح، وإذا عمل كل مختص في شأنه أي أن يكون هناك كاتبا مختصا، وأن يكون ممثلا مختصا، وأن يكون هناك مخرجا يتقن أهمية الأدوات الفنية ويحسن استخدامها ويعرف كيف يختار ممثله، وكيف يختار بالدرجة الأولى النص الذي سيعالجه، هنا يمكن أن نقول إننا سنعيد الجمهور إلى قاعات المسرح، وحتى يحقق بعدا جماهيرا يجب أن تكون العروض. كلمتك الأخيرة شكرا على هذا التواصل، أمنيتي أن أرى المسرح الجزائري متألقا مثلما عهدناه، وأتمنى أن نرتقي بمسرحنا المغاربي إلى المسرح العالمي.