الصحابي الجليل، فقيه الأمة، حليف بني زهرة وأحد أوائل المهاجرين حيث هاجر الهجرتين وصلى على القبلتين، وأول من جهر بقراءة القرآن. تولى قضاء الكوفة وبيت المال في خلافة عمر وصدر من خلافة عثمان. اسمه ونسبه: عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عبد الرحمن الهذلي. فضله وصفاته: كان رجلاً نحيفاً قصيراً شديد الأدمة . وكانت قدمه تتعرى إذا صعد النخل لجلب التمر لرسول الله، ومرة ضحك الصحابة لدقة ساقيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة مِن جبل أُحُد ". وهو صاحب نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسن الصوت حين يتلو القرآن. وكان إذا هدأت العيون قام فسمع له دويٌ كدوي النحل. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلِي نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ سَبْعَةَ رُفَقَاءَ نُجَبَاءَ وُزَرَاءَ، وَإِنِّي أُعْطِيتُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: حَمْزَةُ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَالْمِقْدَادُ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَحُذَيْفَةُ، وَسَلْمَانُ، وَعَمَّارٌ، وَبِلَالٌ ". إسلامه: قال ابن مسعود: كنت أرعى غنم عقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله وأبو بكر فقال: "يا غلام هل من لبن؟" قلت: "نعم ولكن مؤتمن". قال: "فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟" (أي لا تدر لبنا) فأتيته بشاة فمسح درعها فنزل لبن فحلب في إناء فشرب وسقاه أبو بكر قال للضرع: "أقلص" (أي إنضم وأمسك عن إنزال اللبن) فقلص قال ابن مسعود: ثم أتيته بعد هذا ثم اتفقا فقلت: "يا رسول الله علمني من هذا القول" فمسح رأسي وقال: "يرحمك الله إنك غلام معلم" فأخذت من فيه (فمه) سبعين سورة لا ينازعني فيها أحد. قربه من رسول الله: ما كاد ابن مسعود يعلن إسلامه حتى بدأ عهدا مع نفسه وهو القرب من رسول الله فكان كما قال أبو موسى الأشعري لقد رأيت رسول الله وما أرى ابن مسعود إلا من أهله – وقال القاسم بن عبد الرحمن: كان ابن مسعود يلبس رسول الله – نعليه ثم يمشي أمامه بالعصا حتى إذا أتي مجلسه نزع نعليه فأدخلها في ذراعيه وأعطاه العصا – فإذا أراد رسول الله أن يقوم إلى نعليه ثم مشي بالعصا أمامه حتى يدخل الحجرة قبل رسول الله – وكان يوقظ رسول الله إذا نام ويستره إذا اغتسل وكان صاحب سواكه ووسادته ونعليه.أسلم بمكة قديما وهاجر الهجرتين. مكانته عند الله: عن سعد قال كنا مع رسول الله ونحن ستة فقال المشركون أطرد هؤلاء عنك فلا يجترئون علينا وكنت أنا وابن مسعود وغيرنا. فوقع في نفس النبي – ما شاء الله وحدث به نفسه فأنزل الله تعالي "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي" الأنعام. 52. كما قال عنه رسول الله أن قدمه في الميزان أثقل من جبل أحد، يوم ضحك الصحابة من دقة ساقيه. جهاده في سبيل الله: جثا عبد الله يوم بدر على صدر أبي جهل بعد أن أثبته ابنا عفراء فقال رسول الله من ينظر ما صنع أبو جهل ؟ فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضربه إبنا عفراء غير أنه لم يمت فقال له أنت أبو جهل ؟ ثم حز رأسه وأعلم رسول الله الخبر فحمد الله تعالى. وفاته: لم يعلم عثمان بدفنه فعاتب الزبير على ذلك وكان عمر عبد الله بن مسعود يوم توفي بضعا وستين سنة، وقيل بل توفي سنة ثلاث وثلاثين والأول كثر – ولما مات ابن مسعود نعي إلى أبي الدرداء فقال ما ترك بعده مثله – أخرجه الثلاثة. توفي بالمدينة ودفن بالبقيع سنة 32 ه. قال ابن عباس: ما بقي مع رسول الله يوم أحد إلا أربعة: أحدهم ابن مسعود.