يتوجه، اليوم الأحد، قرابة 47 مليون من الناخبين الفرنسيين نحو صناديق الاقتراع على مستوى 67 ألف مكتب تصويت يفتح أبوابه من الثامنة صباحا إلى غاية السابعة مساء، ليتم تمديد الفترة بساعة واحدة في كبريات المدن، حيث ينطلق الدور الأول لهذه الانتخابات الرئاسية تحت إجراءات أمنية مشددة تسعى من خلالها السلطات الفرنسية إلى طمأنة الناخبين بنشر 50 ألف عنصر أمن من شرطة ودرك إلى جانب 7000 عسكري في إطار عملية سانتينيل، وذلك بعد الهجوم الذي طال شانزليزيه مساء الخميس الماضي، أسفر عن مقتل شرطي وجرح اثنين آخرين. الاعتداء أخلط أوراق هذه الانتخابات الرئاسية وتسبب في اضطراب آخر يوم من الحملة، الأمر الذي سيؤثر حتما على نتائج عمليات الفرز مساء اليوم للدور الأول، ومن شأنه خدمة مصالح مرشحي اليمينين للجمهوريين فرانسوا فيون ولليمين المتطرف مارين لوبان اللذين يرتكز برنامجاهما على محاربة الإرهاب الإسلامي . وكانت مختلف البلديات قد ضبطت آخر الروتوشات اللوجيستيكية على مستوى مكاتب الاقتراع، حيث تم تحويل قاعات المدارس وتهيئتها بوضع الستائر وتثبيت العوازل وكذا ترتيب وتركيب الحقائب الإلكترونية التي تم توزيعها على مستوى 64 بلدية التي تعتمد طريقة الانتخاب الإلكتروني، مع وضع لافتات التوجيه وتحضير السجلات وكذا جلب صناديق بطاقات المرشحين تحت مراقبة المحضرين القضائيين الذين يشرفون على التأكد من صحة تشميع صناديق التصويت وغلقها وعدم إمكانية تمرير أي أوراق من خلالها، احتراما للشفافية وحفاظا على القوانين المعمول بها بكل ديمقراطية. هذا وحرصت السلطات الفرنسية على حماية هذه المكاتب دون ترك عناصر الأمن في الواجهة حتى لا يشعر الناخب الفرنسي بأي ضغط أو مضايقة أمنية، لاسيما بعد الارتباك الذي خلقه الهجوم الأخير، فضلا عن حالة التردد والامتناع التي تبقى معاهد استطلاعات الرأي ال9 جد حذرة بشأنها، خاصة بعد لمس الثلث من الفرنسيين المترددين والذين يقولون إنهم سيمتنعون عن التصويت اليوم، خاصة بعد دعوة ناشطين إلى الامتناع ولصقهم عبارة "قاطع الانتخابات" على صور المترشحين على حافات الطرق عشية الدور الأول، ما يزيد من التخوف على مستوى الساحة الفرنسية بتسجيل نسبة امتناع قياسية. الأمر سيان بالنسبة لمختلف أنظار العالم التي تنتظر بشغف نتائج الدور الأول وانعكاسات ذلك على جيران فرنسا الأوروبيين والقلق الدولي الذي ستتسبب فيه، بعدما احتدمت المنافسة خلال هذه الحملة واتسمت بطابع شرس وانتشرت روائح الفساد والفضائح فيها، في سابقة من نوعها في عهد الجمهورية الخامسة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الرئاسيات الفرنسية تعد الأولى من نوعها التي تجري في ظروف حالة الطوارئ والفريدة من نوعها في عاشر رئاسيات في عهد الجمهورية الخامسة التي يغيب فيها الرئيس الحالي للترشح لعهدة ثانية منذ وفاة جورج بومبيدو سنة 1974، وبالتالي يجتاز الفرنسيون اليوم اختبارا صعبا وهم أمام اختيار أصعب، فإما الإبقاء على فرنسا متفتحة أو إحداث زلزال سياسي لا يحمد بلد الحريات عقباه؟ الجواب سيسقط مساء اليوم بعد عمليات الفرز، في انتظار مراقبة وترقب عن كثب لنتائج الحسم الأخيرة للخروج برئيس جديد لفرنسا يوم 7 ماي القادم في الدور الثاني.