على غير ما جرت عليه العادة، لم ينظّم الصالون الدولي للسيارات بالجزائر خلال شهر مارس، كما كان عليه الأمر في كل سنة خلال السنوات القليلة الماضية، من منطلق أنّ تقليص حجم الواردات الوطنية من السيارات بداعي التقشف، وتأجيل موعد الكشف عن حصة كل وكيل، جعل من المنطق تأخير هذا الموعد الهام للوكالات المعتمدة، الشركات المصنّعة والمواطنين الشغوفين بعالم السيارات كذلك. ومن هذا المنطلق، فقد برمج صالون الجزائر الدولي للسيارات خلال شهر سبتمبر بدلا من مارس، باعتباره الموعد الرسمي المألوف، بعد الفشل الذي عرفته طبعة السنة الماضية من المعرض، بالنظر إلى تراجع الإقبال ومشاركة العلامات المصنّعة على السواء، جراء إسقاطات الأزمة التي خلّفت تراجعا حادا للواردات الوطنية من السيارات المفروض عليها التعامل بنظام "الحصص"، بينما لم يتمكّن الوكلاء المعتمدون على تغطية الطلب المحلي المتزايد، على الرغم من التهاب أسعار السيارات. ومع تواصل أزمة القطاع وتأخر تسليم الحصص، فإن التوجّه الغالب هو لإلغاء الطبعة الجديدة لصالون السيارات لهذه السنة، بعد أن شهد صالون وهران غيابات بالجملة للمتعاملين. وفي الوقت الذي اكتفت العديد من الوكالات التي فضّلت المشاركة في الطبعة السابقة من الصالون، بالقيام بدور الترويج تحت ضغط العلامات المصنّعة الممثلة لها، فإنّ النسخة الحالية من المعرض ستواجه مصيرا أصعب بفعل تشديد الحكومة على خلق التوازن المنشود في معاملات التجارة الخارجية وتقليص نسب العجز المرتفعة، عن طريق تخفيض الواردات من حيث الحجم والقيمة وتفعيل نظام "الكوطة" على استيراد السيارات التي تراجعت خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية، بما يفوق 7 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية مسجلة 336 مليون دولار. وفي ظل هذه الظروف، لن يكون تأجيل هذا الموعد الدولي الهام للسيارات دون آثار سلبية بالنسبة للوكلاء المعتمدين، على اعتبار أنهم سيواجهون تحمّل خسائر إضافية، كون التظاهرة تعتبر محطة ترويجية هامة للعلامات المشاركة التي تحقق سنويا رقما كبيرا بفضل المبيعات المسجل على مدار أيام الصالون، فضلا عن ملفات الطلبيات المسجّلة لتلبيتها لاحقا، الأمر الذي يدفع العارضين إلى التنافس بقوة في إقناع الزبائن، من خلال طرح عروض للتخفيضات أو اللعب على وتر التسليم الفوري وغيرها من المزايا، وهو ما يفسّر ارتفاع عدد المشاركين في الصالون قبل بداية الأزمة. وبالمقابل تسعى السلطات العمومية الانتظار إلى حين انطلاق مشاريع تركيب السيارات المراد إقامتها في الجزائر، كما هو الشأن بالنسبة لمصنع "فولكس فاغن" و"بيجو" و"إيفيكو"، بالموازاة مع الوحدات التي انطلقت فعليا في الإنتاج، على غرار مصنع "رونو" في وهران الذي ينتج "سامبول" و"سانديرو"، ومصنع هيونداي في تيارت، وهي السيارات التي ستحظى بالأولوية بالنظر إلى مخطط الحكومة الرامي إلى تشجيع الإنتاج الوطني، الأمر سيجعل من طبعة السنة الحالية للصالون الدولي السيارات ب"نكهة" جزائرية.