تبدو المواجهات في عين العرب السورية كأنها فيلم هوليوودي محكم السيناريو، شأنها شأن كل الاضطرابات التي شهدتها المنطقة منذ الاحتلال الأمريكي للعراق. وقد بدا مسلحو "داعش" في هذه المدينة ك"رامبو" في أفلام المغامرات الأمريكية المصنعة في استوديوهات مدينة السينما هوليوود، ولكن هذه المرة في استوديو بالهواء الطلق يسمى عين العرب، غير أن الفرق هذه المرة أن الأحداث حقيقية، الموتى حقيقيون والأسلحة تفعل فعلها في العباد والمباني في مشاهدة غير قابلة للتكرار، لأنها في الأصل أريد لها أن تكون كذلك! وأكاد أجزم أن "أبطال" الفيلم هم مجرد ممثلين لا دور لهم غير الهرج والمرج، يقومون بأدوار لا يعرفون لا منطلقها ولا أهدافها النهائية، فهم مغامرون في أثواب "مجاهدين". وقد أصبحت هذه النزعة الهوليوودية في الحروب التي تشهدها المنطقة العربية شائعة بفضل وسائل الاتصال الحديثة التي أتاحت لزبانية الحروب بصفة خاصة والمتتبعين بصفة عامة مشاهدة أحداث المعارك على المباشر، وأصبحت الحرب مجرد فيلم عند كثير من الناس ترخص فيها الأرواح البشرية خاصة عند الشباب الذي يرمي بنفسه إلى هذه المحارق البشرية. لقد هونت هذه الحروب، بل هذه "الأفلام" على المسلم قتل أخيه المسلم بسبب في قليل من الأحيان وبدون سبب في كل الأحيان..! وعين العرب وما يجري فيها يعكس هذه اللامبالاة، ففي الوقت الذي يراد لها أن لا تسقط بين أيدي "داعش" يمنع عنها المدد لمقاومتها وتمنع عنها الأسلحة إلا ما ألقي من الجو في مشهد سينمائي وقد يسقط السلاح عند غير أصحابه، فيزيد من مأساة المدينة المحاصرة قبل أن يتقرر إنهاء الفيلم بدمارها ودمار المارد الذي احتلها.. فمتى تتوقف هذه المهازل التي كثر مدبّروها وكثر ممولوها وكثر ضحاياها، والعالم يتفرج عليها.