نزل السيد عبد الوهاب زكاغ مدير الديوان الوطني لاستغلال وتسيير الممتلكات الثقافية المحمية أمس، ضيفا على موعد «سجالات ومعنى» بالإذاعة الثقافية حيث قدّم حصيلة نشاط الديوان، ووضعية المواقع الأثرية المحمية، متوقفا عند برنامج شهر التراث. كما أشاد بسياسة تثمين التراث ودمجه في حراك التنمية الوطنية الشاملة. حرص الضيف في بداية تدخله على استعراض مسار الديوان منذ إنشائه سنة 2005 (قبلها كان يسمى بالوكالة الوطنية للآثار). ومنذ سنة 2007 انتقل عدد موظفيه من 370 إلى 1700 موظف، منهم 75 مهندسا و83 أثريا، ومكاتبه منتشرة عبر 36 ولاية. كما ينسق مع السلطات المحلية والولاة ومديريات الثقافة في كل ما يتعلق بالترميم والحماية والترويج للآثار. وهنا أشار إلى أن 20 بالمائة من العمل ذو بعد اقتصادي (مداخيل). أكد السيد زكاغ أن عملية جرد وتصنيف المواقع لم تكتمل، «وينتظرنا الكثير»؛ إذ إن هناك ألف معلم مصنفة، بينما آلاف أخرى غير مصنفة خاصة بالجزائر العميقة، لكن الديوان يبقى متأهبا، يتدخل كرجال المطافئ في أجل أقصاه 24 ساعة، لإنقاذ أي معلم في خطر حتى ولو لم يكن مصنفا؛ فالحماية تسبق التصنيف. وفي إطار الحديث عن التصنيف قال المتحدث إن هذه العملية تأخذ وقتا، ويمكن أن تبادر بها سلطات محلية أو جمعيات أو أفراد ذوو خبرة يملكون وثائق ومعلومات، وبالتالي يقترحونها كمشاريع تصنيف، علما أن المصنف بعد 10 سنوات، يتحول من محلي إلى مصنف وطني. بالنسبة لجانب الحماية أكد الضيف أن التبليغ عن أي تجاوز أو سرقة لا بد أن لا يتعدى 48 ساعة، علما أن هناك وحدات مختصة تابعة للأمن الوطني تملك صلاحيات فتح التحقيقات والمحاضر. من جهة أخرى ألح الضيف على ضرورة التكامل بين المشاريع التنموية الوطنية والمحلية مع الخبراء الأثريين والجهات المختصة؛ من خلال التدخل الاستباقي لحماية الآثار خلال عمليات الإنجاز، وخير مثال استحضره عن هذا التعاون مشروع مترو الجزائر بمحطة الشهداء؛ حيث تم الحفر حتى 34 مترا تحت الأرض؛ أي 15 مترا تحت البحر من خلال لجان مشتركة، وانتهت الحفريات بسلام في 31 مارس 2015، ويتم حاليا تحرير التقارير، وسيكون مدخل المحطة على أسس فندق فرنسي قديم هُدم في عهد الاحتلال (5 أمتار تحت الأرض)، ولن يمس الآثار التي ستتحول إلى متحف تحت الأرض بالتعاون مع الخبرة الأجنبية. وإضافة إلى الاتفاقيات مع الجهات الأجنبية حث المتدخل على إقحام الجامعة في مجال الآثار خاصة بالمناطق الداخلية؛ فهي بحاجة إلى اقتراح مواضيع للرسائل الجامعية، وقطاع الآثار سيطلب، بالمقابل، تكوين أعوان الديوان المنتشرين عبر المواقع للمراقبة. من المكاسب التي تحققت 8 أثريين جزائريين من التكوين العالي، درسوا ترميم الفسيفساء بفرنسا. كما أن جمعيات أمريكية تمول هذا الجانب، وسيتم قريبا فتح ورشة ترميم الفسيفساء بتيبازة، إضافة إلى مشاريع التكوين التي يوفرها الاتحاد الأوروبي. رد الضيف على سؤالين طرحتهما «المساء»، أولهما متعلق بأهرامات تيارت وحضور الخبراء المصريين للمعاينة والفحص، وقال إن هذا أمر طبيعي؛ على اعتبار أن هذا البلد له خبرة في مجال الأهرامات. والسؤال الثاني متعلق بتحويل ملف القصبة إلى ولاية الجزائر؛ حيث أشار إلى أن القصبة مشروع دولة وتحت المتابعة الشخصية لرئيس الجمهورية، ثم لرئيس الحكومة. وأضاف أن مسألة توكيلها للولاية أمر طبيعي؛ باعتبارها جزءا من إقليم العاصمة؛ مما يعطي الحيوية والسرعة للمشروع، تماما كما كانت الحال مع قسنطينة وتلمسان، لكن الديوان متواجد، ويتدخل بخبرائه ومهندسيه 20، وقال: «نحن تحت تصرف الولاية». للإشارة، زار الضيف أول أمس ولايتي الأغواط وغرداية، هذه الأخيرة التي تخضع مناطقها المحمية منها واد ميزاب، لدفتر شروط يحدد إقامة المشاريع حتى لو كانت محطة بنزين. في الأخير، حث السيد زكاغ على ضرورة التحسيس بهذه المهمة خاصة من الجمعيات والجماعات المحلية. وعن التقشف أكد أنه مرادف لترشيد النفقات، وأن الأزمة أحيانا تكون نعمة؛ لأنها تعلمنا أن يصبح كل قطاع منتج ولا يعتمد فقط على دعم الدولة، وأن يتكثف العمل في الداخل من خلال الزيارات الميدانية التي تشجع السلطات المحلية والجمعيات للعمل أكثر في هذا المجال الحيوي. على هامش اللقاء حدّث المسؤول عن بعض المشاريع، منها مشاريع ترميم قصر الباي ومسجد الباي بوهران بشراكة تركية، ومشروع ترميم جامع كتشاوة الذي وصل إلى 80 بالمائة من الأشغال، لكن افتتاحه لن يكون في رمضان بسبب معالجة تشققات في المنارة يجري ترميمها. كما زار خبراء من اليونسكو منذ 10 أيام، تيبازة للمعاينة، وسيقدمون تقاريرهم في هذا الشأن. كما يجري التفاوض لاسترجاع أماكن بتيبازة وُزعت على الخواص فيما مضى بسبب احتوائها على آثار.