يعرض، اليوم، الأمين العام الأممي، بان كي مون، على أعضاء مجلس الأمن الدولي تقريره السنوي حول الوضع في الصحراء الغربية، مستمدا خلاصته من نتائج الزيارات التي قام بها مبعوثه الشخصي إلى المنطقة المغاربية كريستوفر روس طيلة عام كامل. ولأن تقرير بان كي مون حسم هذه المرة وبما لا يسمح بأي تأويلات في مسألة حق تقرير مصير الشعب الصحراوي بشكل واضح، بعد أن شدد التأكيد على أن نزاع الصحراء الغربية يبقى قضية تصفية استعمار وهو ما أثار ضجة في أعلى هرم نظام المخزن الذي يشد أنفاسه كل عام يحين فيه موعد مناقشة هذه القضية داخل مجلس الأمن الدولي. وبالعودة إلى مضمون هذا التقرير الذي منح من خلاله بان كي مون العملية التفاوضية التي تشرف عليها المنظمة الأممية بين جبهة البوليزاريو والمغرب مهلة عام وإلا فانه سيدفع باتجاه مراجعة شاملة لإطار هذه المفاوضات، فإنه يتأكد أن مجلس الأمن الدولي لم يعد يحتمل استمرار الوضع القائم في آخر إقليم محتل في إفريقيا. وهو الوضع الذي عمل المغرب على استدامته وعرف كيف يستغله لأنه يخدم مصالحه وخاصة ما تعلق بنهب جعلته ينهب ثروات وخيرات شعب صحراوي أعزل حرم حتى من أبسط حقوقه في التعبير عن مواقفه بحرية. وهو ما جعل جبهة البوليزاريو في المقابل ترحب بتقرير الأمين العام الاممي وأملها كبير في أن تدخل القضية الصحراوية العام القادم مرحلة الحسم النهائي سواء من خلال تحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولياته إزاء هذه القضية التي دخلت عقدها الرابع دون أي مؤشرات لتسويتها قريبا أو التخلي عنها نهائيا. ويؤكد هذا الوضع غير الطبيعي أن مجلس الأمن الدولي فشل في مهمته التي بدأها منذ عام 1991 في تسوية القضية الصحراوية باستثناء نجاحه في إقناع الطرفين المتنازعين بقبول وقف إطلاق النار فإن مسار تسوية النزاع في شقه السياسي لم يعرف أي تقدم بل ازداد الوضع سوءا بانتهاج المغرب لسياسة استيطانية بحتة لتعمير المدن المحتلة وإخلائها من سكانها الأصليين الذين يتعرضون يوميا لممارسات فظيعة وانتهاكات خطيرة في حقوق الإنسان لم تعد خافية على احد. وهو ما دفع بعدة منظمات حقوقية وإنسانية دولية كان آخرها منظمة "هيومن رايتس ووتش" وجمعية حملة الصحراء الغربية البريطانية التي دعت عشية جلسة مجلس الأمن بضرورة الأخذ بتوصيات بان كي مون وخاصة ما يتعلق بمسألة توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية "مينورسو" لتشمل حماية ومراقبة حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة. فهل ستجد هذه الدعوات آذانا صاغية في مجلس الأمن ويأخذ هذا الأخير بمضمون تقرير الأمين العام الاممي أم أنه سيتنصل كما جرت العادة من التزاماته ليعيد نفس السيناريو تمديد عهدة "مينورسو" دون تمكينها من آلية حماية حقوق الإنسان. وفي حال حدوث هذا يبقى السؤال المطروح حول الجدوى من إصدار لوائح تبقى مجرد حبر على ورق وتزيد فقط في استمرار معاناة شعب وجد نفسه في الشتات واللجوء بسبب إنكار دولة جارة حقه المشروع في تقرير مصيره.