وزير الشؤون الخارجية يستقبل رئيس مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    سكك حديدية : برنامج شامل لعصرنة وتطوير الشبكات    أشغال عمومية : تكليف المفتشية العامة للقطاع بمراقبة كل مشاريع الطرقات    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    كمال الأجسام واللياقة البدنية والحمل بالقوة (البطولة الوطنية): مدينة قسنطينة تحتضن المنافسة    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    وسط اهتمام جماهيري بالتظاهرة: افتتاح مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    سوريا: اجتماع لمجلس الأمن حول الوضع في سوريا    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    معالجة 40 ألف شكوى من طرف هيئة وسيط الجمهورية    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 34 ألفا و305 شهيدا    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    بطولة وطنية لنصف الماراطون    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    تفعيل التعاون الجزائري الموريتاني في مجال العمل والعلاقات المهنية    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستراتيجية الثقافية الوطنية
إبراز الديناميكية الإبداعية في الجزائر
نشر في المساء يوم 18 - 04 - 2014

تعدّ الثقافة واجهة الجزائر الحضارية التي تدعّمت أكثر في السنوات الماضية بفضل إرساء إستراتيجية ثقافية وطنية تراعي عددا من العوامل المشكّلة للشخصية الجزائرية من أهمها إبراز تنوّع وثراء التراث الثقافي المادي وغير المادي ونقاط التقائه مع الامتداد الثقافي والحضاري الجزائري، الإفريقي، الإسلامي، العربي والمتوسطي، مع إبراز الديناميكية الإبداعية في الجزائر في جميع الحقول والميادين الثقافية وإبراز الأسماء الثقافية والفنية الجزائرية وتسويقها دوليا، ومن هذا المنطلق عاشت الجزائر خلال السنوات الماضية، التي تمتد إلى أكثر من عشرية ونصف حركية ثقافية دعّمت تواجدها على مختلف الأصعدة الإبداعية والفكرية من خلال عدد من الإنجازات الثقافية التي يشهد لها القاصي والداني، كيف لا وهي التي أعادت للجزائر ألقها داخليا وعزّزت تواجدها في شتى المحافل العالمية عبر التزامها تجاه مختلف الهيئات الدولية الإقليمية والدولية.
لقد وضعت الجزائر على رأس أولوياتها مسألتين في غاية الأهمية كونهما ركيزتين ثقافيتين حيويتين، هما الحفاظ على التراث وتثمينه وكذا وضع معالم واضحة لسياسة الكتاب، علاوة على مسائل ثقافية أخرى لها علاقة مباشرة بالمشهد الثقافي الوطني وامتداده على المستوى الدولي، ولا يمكن جزما الحديث عن الحركية الثقافية والإبداعية التي عاشتها الجزائر خلال السنوات الماضية دون التوقف عند أهم النصوص التشريعية؛ التي جاءت لتنظّم الحياة الثقافية الوطنية وتعطيها دفعا يجعلها أكثر حضورا ووضوحا، وذلك في شتى دروب الثقافة الوطنية بداية من التراث، الكتاب، السينما، النشاطات الثقافية التي أعطت مختلف ربوع الجزائر ذاك المتنفّس الذي خنق لسنوات عرفت خلالها الجزائر جمودا ثقافيا محليا وحصارا إعلاميا خارجيا، إلى جانب أهم التظاهرات التي شهدتها الجزائر وفاء منها لالتزاماتها مع الهيئات الدولية ومحطات أخرى شكلت بامتياز ملامح المشهد الثقافي في بلادنا التي تتهيأ لاستقبال مطلع 2015 تظاهرة كبرى أخرى هي ”قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”.
وعملت الدولة جاهدة من أجل إدخال مزيد من الديمقراطية في الحياة الثقافية بالبلاد، بالإضافة إلى دراسة التمويل والاستثمار وتنسيق مختلف أعمال الترقية الثقافية مع احترام التوازن بين متطلّبات السوق وضرورات تدعيم القطاع، كما اقترحت وزارة الثقافة برنامجا لمختلف الأشكال ينطلق من التشجيع على الإبداع ونشر أعمال الفن والفكر، إلى إعادة فحص ومراجعة التراث الثقافي الوطني لتوضيح الأشكال الأصيلة، مرورا بضبط مخطط للثقافة الموجّهة للطفولة والشباب، وكذلك إنعاش الصناعات المرتبطة بنشر الثقافة وتكييف المؤسسات الثقافية بالمعطيات الاجتماعية الجديدة.
وتضبط مختلف الأنشطة الثقافية منظومة تشريعية وتنظيمية متكاملة تتشكل لاسيما من قانون حماية التراث الثقافي لسنة 1998، قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 2003، قانون الإيداع القانوني لسنة 1996 وقانون السينما لسنة 2011 إلى جانب ترسانة تنظيمية ضخمة من مراسيم وقرارات وزارية.

تثمين التراث الثقافي..أولوية وزارة الثقافة
بعد حالة التدهور المتقدّمة جدا لتراثنا الثقافي وغياب مقاربة شاملة متماسكة لحماية وحفظ التراث الثقافي على مستوى التراب الوطني، تمّ تحديد مراحل إستراتيجية في مجال التكفّل بالتراث الثقافي لتعميق مضمونه، تعزيز النشاطات المتعلقة به وتكييف المساعي مع المتطلّبات الجديدة، وذلك بعد نشر النصوص الأساسية التطبيقية لقانون 98-04 المتعلّق بحماية التراث الثقافي ونشره، ونبعت هذه الإستراتيجية أيضا من مستوى الوعي المتنامي باستمرار للمجتمع المدني الذي أثبت حضوره في الميدان أو على مستوى المؤسسات.
نبعت هذه الإستراتيجية أيضا عن المتطلبات الجديدة على المستوى الوطني والعالمي، لا سيما في مجال التوافق ما بين الأدوات السياسية وتلك الخاصة بتوحيد القواعد الاقتصادية، وتعلّق الأمر في مجال التراث الثقافي في البداية بتأهيل مجمل الترسانة القانونية والتنظيمية، ثم إعادة تنظيم الإجراءات المؤسساتية وأخيرا تطبيق الآليات العملية التي من شأنها أن تفضي إلى لا مركزية التسيير، استغلال وتنشيط الممتلكات والثروات الثقافية.
واتّخذت وزارة الثقافة من تطبيق القانون 04.98 المتعلّق بحماية التراث الثقافي ونشره، الفعل المؤسس لإستراتيجية التكفّل بالتراث الثقافي، وهي بهذا المعنى ترسم رؤية خاصة بالجزائر وترسّخ تصوّرا للتاريخ يرتكز على الاعتراف بمختلف الحضارات التي تعاقبت على أرض الجزائر، فطيلة 31 سنة، من سنة 1967 إلى 1998 لم تقم الجزائر بشيء آخر سوى تطبيق إجراءات وقواعد حماية المواقع والمعالم الأثرية في إطار مبادئ إعادة تهيئة الإقليم.
ومن خلال القانون رقم 98-04، تجسّدت فلسفة جديدة للتراث الثقافي المبني على طلب اجتماعي في ميدان الثقافة، التاريخ، الفن، الهندسة المعمارية والتمدين، فلسفة تتّجه نحو إعادة الاعتبار، استرجاع، إدماج ومنح الذاكرة الصفة الاجتماعية، ذاكرة مكرّسة في الواقع.
وعملت وزارة الثقافة على وضع نصوص تطبيقية للقانون 98-04 تكفل الحفاظ على التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي وتثمينه، وفي هذا الإطار وضعت ترسانة من القوانين التي تحدّد المستويين التنظيمي والمؤسساتي لحماية التراث الثقافي، إذ كان التراث الثقافي مختزلا في البعد الأثري فقط، ولم يكن يعني سوى الجزء الشمالي من البلاد لذا تم تحويل الوكالة الوطنية للآثار وحماية المواقع والمعالم التاريخية إلى ثلاثة كيانات مستقلة، كلّفت كل واحدة من الثلاثة بقطاع معين وهي، ديوان تسيير واستغلال الممتلكات الثقافية، المركز الوطني لأبحاث الآثار والمركز الوطني لحفظ وترميم الممتلكات الثقافية، كما تم إنشاء المركز الوطني للمخطوطات بولاية أدرار، سنة 2005.
وقدّمت وزارة الثقافة مخطّطين أمام مجلس الحكومة، الأوّل يتعلّق بالتجهيزات والثاني خاص بالمناطق الأثرية والتاريخية، وهو برنامج عمل يحدّد الأهداف من هذا المخطّط وهي الحفظ والصيانة، الترميم والتثمين، ويستوجب الحفظ الجرد العام والتصنيف كأداة للحفظ والترميم إن استوجب ذلك، مع التأكيد على أنّ الجرد العام ليس ”عملية إدارية”، وإنّما هو جرد عقلاني يستلزم الخبرة العلمية والأموال، وقسّم هذا المخطّط الخاص بالمواقع الأثرية والتاريخية على ثلاث فترات زمنية تمتدّ من 2007 إلى 2009، من 2009 إلى 2014 ومن 2014 إلى 2025، ويعد هذا المخطط الأول من نوعه في تاريخ الجزائر.
وفي سياق تثمين هذا التراث وتاريخ الأمة، تمّ تصنيف أكثر من 300 معلم تاريخي وأثري وإحداث 13 قطاعا محفوظا وإخضاع إشكاليات البحث الأثري والتاريخي حول ما يتعلق بإسهامات الجزائر في الحضارة الإنسانية، كما يسري العمل على جرد الممتلكات الثقافية لأول مرة منذ الاستقلال وفي وضع بنك معطيات للتراث الثقافي غير المادي الذي يثمّن مكونات الثقافة الوطنية ومحاربة التهريب والمتاجرة غير المشروعة للتراث.

تدعيم الشبكة المتحفية
تتوفّر الجزائر على 18 متحفا جهويا و24 موقعا أثريا لتفسير التراث، أي ما يعادل 48 مؤسّسة متحفية، وسجّلت الدولة الجزائرية في المخطط الوطني للمنشآت الثقافية 45 مؤسسة متحفية جديدة، منها 5 خاصة بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية لعام 2015.
وبعد صدور المرسوم التنفيذي رقم 352 – 11 الصادر في 5 أكتوبر 2011 محددا التشريع النموذجي للمتاحف ومراكز الشرح والتفسير ذات الطابع المتحفي، تميّزت الأنشطة المتحفية عام 2012 بصدور القرار بين الوزاري الصادر في 6 مارس 2012 محددا رسوم الدخول إلى المتاحف العامة ومراكز الشرح والتفسير ذات الطابع المتحفي.
يحدّد هذا النص لأول مرة تعريفات موحّدة لمجموع المتاحف العامة على امتداد الجزائر، ويهدف هذا النظام من التسعير إلى زيادة ايرادات المتاحف (القدرة على التمويل الذاتي للمتاحف)، لكنه يهدف أيضا إلى زيادة عدد الزائرين.
وتدعّمت الشبكة المتحفية بعدد من المتاحف أهمّها المتحف الوطني للآثار القديمة، المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، المتحف الوطني للزخرفة، المنمنمات والخط العربي إلى جانب ”المتحف الإفريقي” وكذا ”المتحف البحري” وذلك من منطلق ”أنه من غير المعقول أن تكون الجزائر لقرون عدّة سيدة البحر الأبيض المتوسّط، ولا تملك متحفا يحكي أمجادها وبطولات أسطولها”.

ترقية الكتاب ودعم المقروئية
وضعت وزارة الثقافة صوب عينيها أولوية ترقية الكتاب وتشجيع المقروئية من خلال مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تشجيع الناشرين ومختلف الفاعلين في مجال صناعة الكتاب علاوة على التأسيس لثقافة القراءة عبر إنشاء مهرجان ”قراءة في احتفال” في 48 ولاية القصد منه هو تشجيع الأطفال على القراءة وجعل الكتاب الرفيق والصديق الذي يفتح الأفق الرحبة ويجعل من المقروئية فعلا يوميا ينمي الخيال ويعزّز مدارك الطفل الذهنية والفكرية.
كما قدّمت الوزارة القانون المتعلق بأنشطة سوق الكتاب الرامي إلى ضبط آليات السوق وكذا جميع الأنشطة المتّصلة بسلسلة الكتاب وذلك من خلال وضع جملة من القواعد والمبادئ الرامية إلى تكريس الكتاب كقطاع استراتيجي.
وتضمّن هذا القانون إدراج ثلاث ركائز رئيسية لضبط سوق الكتاب ذات الصلة بتوحيد سعر الكتاب وباستقرار الطلب العمومي الصادر من داخل البلاد على مستوى نفس هذه الولايات وبعلامة الجودة وقصد تطوير قطاع الكتاب، فإن هذه الآليات الخاصة بضبط توازن العلاقات بين مختلف المتدخلين في أنشطة وسوق الكتاب ترتكز على سياسة دعم وترقية الكتاب وتطوير المطالعة، كما يضع عددا من القواعد المرتبطة بخصوصيات الكتاب ومحتواه وبممارسة أنشطة ومهن الكتاب لاسيما النشر والطبع والتسويق وتنظيم الكتاب الرقمي وبيع الكتاب بطريقة إلكترونية.
كما عرف قطاع الكتاب، إنشاء المركز الوطني للكتاب عام 2009 (بموجب المرسوم الرئاسي رقم 202 – 09 الصادر في 27 ماي 2009 المتعلق بإنشاء المركز الوطني للكتاب)، وتتمثّل مهمة هذا المركز بشكل خاص في تشجيع كل أساليب التعبير الأدبي والإسهام في نشر الأعمال الأدبية، في كلّ أشكالها؛ واقتراح الأعمال والمبادرات القادرة على المساعدة في إكساب نشر وتوزيع الكتاب زخما وكذلك تشجيع القراءة العامة؛ ودعم مراحل الكتاب في مجملها؛ وإبداء الرأي، بناء على طلب وزارة الثقافة، في كل مشروع مقدم لوزارة الثقافة من أجل الحصول على المساعدات والإعانات لمختلف المتداخلين في مراحل الكتاب، إلخ...
أمّا في ما يتعلّق بالقراءة، فإن المرسوم التنفيذي رقم 234 – 12 الصادر في 24 ماي 2012 محددا وضع مكتبات القراءة العامة الرئيسية؛ يوضّح بشكل خاص معايير مكتبة القراءة العامة (تقع في أحد مراكز الولاية؛ تتوجه لكل فئات الجمهور، إلخ)، والدور الذي يجب أن تقوم به تجاه السكان المحليين (تخصيص مساحة للقراءة تتناسب مع احتياجات الطفل؛ تسهيل تنمية الخبرات الأساسية لاستخدام المعلومات والمعلوماتية، إلخ) وكذلك البنية التنظيمية الداخلية. ويعدّ هذا المرسوم الأول في نوعه المكرس للقراءة العامة.

تظاهرات ثقافية جلبت الاهتمام والثناء
في سياق آخر، أضحت الجزائر منعطفا ثقافيا إقليميا ودوليا هاما، حيث تستقطب مشاركة كثير من الدول من مختلف القارات في مختلف الفعاليات وتحتضن مؤتمرات دولية وجهوية هامة ويشهد لها عن دورها الريادي في وضع التصوّرات وإقرار المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مختلف المحافل الدولية المختصة لاسيما في ”اليونسكو”، ”الألكسو” و”الأيسسكو” و”الاتحاد الإفريقي”.
وأكدت تظاهرات ”الجزائر، عاصمة الثقافة العربية 2007”، المهرجان الثقافي الإفريقي 2009 وتظاهرة ”تلمسان، عاصمة الثقافة الإسلامية 2011” على القدرات الإبداعية والقوة العلمية الوطنية وعلى تحكّم الجزائر في تنظيم أكبر الفعاليات وفق المقاييس الدويلة ممّا يعزز مكانتها الثقافية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

”الجزائر عاصمة الثقافة العربية”..وفاء بالالتزام
التزاما منها تجاه المنظمة العربية للتربية، الثقافة والعلوم ”ألكسو” احتضنت الجزائر عام 2007 تظاهرة كبرى هي احتفالية ”الجزائر عاصمة الثقافة العربية”، وضعت لها وزارة الثقافة المشرفة على تنظيمها برنامجا ضخما امتد لسنة كاملة، وبلغة الأرقام، أنجزت وزارة الثقافة جلَّ نقاط البرنامج الذي وضعته سنة 2006 بل تجاوزته في بعض الحالات، إذ برمجت نشر وإعادة نشر ”ألف كتاب وكتاب” ثم تجاوزتها إلى 1020 كتاب آخرها كتاب فريد أصدرته الوزارة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والعلوم في جزئين حول حصيلة السنة وكلّ نشاطاتها الثقافية المختلفة، وما تضمّنته من إيجابيات ونقائص حتى تكون أنموذجا لباقي الدول العربية التي احتضنت التظاهرة بعد الجزائر، وهو ما أثلج كثيرا صدور المثقفين باعتبار أن تأثير هذه الكتب ستعمّر طويلا ولن ينتهي بنهاية السنة الثقافية.
وفي المسرح، برمجت الجزائر 45 مسرحية وتجاوزت هذا الرقم بمسرحيتين اثنتين، وتابع عشّاق الفن الرابع العديد من المسرحيات ذات المستوى العالي مثل ”التوحيدي”، ”النهر المحول”، ”العشيق وعويشة والحراز” و"الدراويش” وغيرها، بينما كانت بعض المسرحيات متوسطة أو دون المستوى أحيانا، لكنها مع ذلك أعادت بعث الحركة المسرحية التي تلاشت في السنوات الأخيرة، مما بعث الأمل في نفوس عشرات الفنانين المسرحيين في إمكانية استعادة المسرح الجزائري مجدَ السبعينيات.
وفي مجال الأفلام، تمّ إنجاز 66 فيلما ما بين طويل، قصير، روائي ووثائقي تلفزيوني وسينمائي، وتباينت مستوياتها هي الأخرى، واستطاعت الجزائر أن تستقطب 18 دولة عربية للمشاركة في التظاهرة بأسابيع ثقافية، وهو رقم قياسي في تظاهرات العواصم الثقافية العربية، بينما انفردت تظاهرة الجزائر بتنظيم أسابيع ثقافية لولاياتها ال48 في الجزائر العاصمة.
كما نظّمت الجزائر 30 معرضا فنيا، ومعرضا ل70 فنانا تشكيليا عربيا ومعارض للفن الإسلامي كالزخرفة والخط العربي والعلوم العربية في عصرها الذهبي، ونظم الفنان السوري سعد شوقي معرضا نادرا للمنحوتات لفائدة المكفوفين، كما نُظّمت معارض تشكيلية عديدة في إطار الأسابيع الثقافية العربية وأسابيع المحلية، كما نظّمت أيضا 11 ليلة من ليالي الشعر العربي جمعت شعراء بارزين من 18 دولة عربية.
وتعتبر تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية في 2007 قد حققت نجاحا معتبرا حرَّك الساحة الثقافية الجزائرية بعد طول ركود بسبب الأحداث التي مرت بها، وكان اختيار ”الجزائر عاصمة للثقافة العربية 2007”، فرصة لتكثيف الفعل الثقافي في مختلف مجالات الإبداع الأدبي والفني، ومن أبرز فضائل هذه المناسبة أنّها كانت بحق منطلقا لبرنامج طموح تحت شعار ”الاستمرارية”؛ يتم من خلاله تنمية أجهزة القطاع الثقافي في كل ولايات الوطن والوصول بتأثيره إلى أقصى المناطق الجبلية النائية وكذلك إلى المناطق الجنوبية الصحراوية من خلال مشروع مكتبة لكل بلدية، وتعزيز برنامج المكتبات المتنقلة ودعم النشر الوطني مع ما يزيد عن 200 دار نشر، والبدء في إنجاز المشاريع الثقافية الكبرى.

المهرجان الثقافي الإفريقي..للتجديد والنهضة
لقد كان الحدث الثقافي البارز الذي ميّز سنة 2009، بلا نزاع احتضان الجزائر الطبعة الثانية للمهرجان الثقافي الإفريقي، وشهدت هذه التظاهرة مشاركة نحو 8 آلاف فنان من 48 بلدا إفريقيا، إضافة إلى البرازيل والولايات المتحدة، ونظّمت تحت شعار ”إفريقيا التجديد والنهضة”، حيث أبرز ثقافة وتراث إفريقيا من أدب وفنون مرئية وموسيقى ومسرح وسينما.
وشهد المهرجان تنظيم عشرات الندوات عن مواضيع تتعلّق كلّها بالحقبة الاستعمارية وكفاح الشعوب الأفريقية، من بينها مآسي الاستعمار في القارة وكفاحها المسلح على مستوى القارة والجزائر، كما تمّ خلاله تكريم نجوم المهرجان الثقافي الإفريقي الأول الذي نظمته الجزائر في عام 1969 بينهم الراحلة مريم ماكيبا، الموسيقيان بوجمية مرزاق وبوعلام حماني والمؤلف مصطفى تومي.

تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية..دعم للمنشآت
توالى تنظيم التظاهرات الثقافية الكبرى بالجزائر فبعد ”الجزائر عاصمة الثقافة العربية”، استقبلت جوهرة الغرب الجزائري عام 2011، تظاهرة ”تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية” ورصدت التظاهرة برنامجا هاما على مستوى المنشآت وكذا البرنامج، حيث توّجت بمشاركة 29 بلدا إسلاميا، مثلما شهدت إعادة بناء القصر الملكي الزياني، وكذا إنجاز قصر الثقافة ”عبد الكريم دالي”(الإمامة)، إنشاء أربعة متاحف ومركز للمخطوطات وآخر للدراسات الأندلسية، ليصل عدد المشاريع الخاصة بالتراث المادي إلى 99 مشروعا، كما شهدت تنظيم 12 ملتقى علميا، لمناقشة قضايا التاريخ والأدب المتعلق دائما بالحاضرة الفكرية تلمسان، وقدّمت 19 مسرحية تمّ إخراجها من طرف المسرح الوطني ”مُحي الدين بشطارزي” والمسارح الجهوية والتعاونيات الخاصة، أما الكتاب فقد تمّ نشر 365 عنوان، وتركز هذه المطبوعات على التاريخ والتراث المادي وغير المادي لتلمسان وعلى الأدوار المتعددة التي لعبتها هذه المدينة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ.

المهرجانات..لإضفاء الحركية الإبداعية
أضحت الجزائر تنظّم سنويا أكثر من 165 مهرجان ثقافي مؤسّس (علما أن لم يكن هناك أي مهرجان مؤسس قبل سنة 2000)، إلى جانب الفعاليات الفنية والأدبية الأخرى التي تكاد أن تكون شبه يومية في مختلف الولايات، ممّا تضفي على المدن أجواء ثقافية وحركية إبداعية معتبرة.
ومن بين المهرجانات ذات الطابع الدولي نذكر مهرجان تيمقاد، مهرجان الجزائر الدولي للسينما، المهرجان الدولي للرقص الشعبي، المهرجان العربي الإفريقي للرقص الفلكلور، المهرجان الدولي للمالوف، المهرجان الدولي للشرائط المرسومة، المهرجان الدولي للموسيقى قناوي، مهرجان جميلة الدولي، المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة، المهرجان العربي للسينما، المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية، المهرجان الدولي لموسيقى الجاز والمهرجان الدولي للخط العربي.
ونعدّد وطنيا عددا معتبرا أيضا من المهرجانات على غرار المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية- مالوف، المهرجان الوطني لأغنية الشعبي، المهرجان الوطني للمسرح المحترف، المهرجان الوطني للموسيقى الحالية، المهرجان الوطني للشعر النسوي، المهرجان الوطني لمسرح الهواة، المهرجان الوطني للأغنية البدوية والشعر الشعبي، المهرجان الوطني لموسيقى الراي، المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي، المهرجان الوطني للعيساوة، المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية إلى جانب المهرجان الوطني لموسيقى الشباب، المهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي، المهرجان الوطني لموسيقى الحوزي، المهرجان الوطني لموسيقى الصنعة وكذا مهرجان أهليل قورارة، المهرجان الوطني للعرائس، المهرجان الوطني للموسيقى قناوي والمهرجان الوطني لمسرح الأطفال.
وذلك علاوة على عدد من المهرجانات المحلية على شاكلة المهرجانات المحلية للفنون والثقافات الشعبية والمهرجان المحلي لموسيقى لمزاب.

المجلس الأعلى للآداب والفنون..رد للاعتبار
في الشق الاجتماعي وسعيا منها لتحسين الوضعية الاجتماعية للمبدعين الجزائريين، عملت الدولة على اتّخاذ عدد من الإجراءات التي تدخل في إطار ردّ الاعتبار لشريحة الفنانين ووضع صورة واضحة الملامح لواقع كثيرا ما آلم الأسرة الفنية خاصة فيما تعلّق بقانون الفنان والضمان الاجتماعي وكذا التكفّل بالفنانين خاصة في حالات الوهن والضعف، وفي هذا السياق، تمّ إنشاء المجلس الوطني للفنون والآداب الذي يتكوّن من 13 عضوا، برئاسة الفنان عبد القادر بن دعماش، وذلك بالشراكة مع وزارة العمل والشغل والضمان الاجتماعي.
وجاءت هذه الهيئة على خلفية جملة من المشاكل والعقبات التي تعترض وضعية الفنانين الجزائريين، انطلاقا من هشاشة وعدم استقرار المهنة التي يمارسونها، وصولا إلى الوضع المزري المتعلق بتشتيت صفوفهم، وهو ما ”عجّل في إعادة الاعتبار للفنان الجزائري الذي ينتابه الكثير من الحيرة والقلق، رغم أنه طرف يمثل نخبة البلد، لكن دون أن يحظى بنصيب الاعتراف”، حسب وزيرة الثقافة، بمناسبة تنصيب هذا المجلس، إذ أنه يشكّل الركيزة التي ستبنى عليها المنظومة التي ستتولى مختلف الجوانب المتصلة بوضعية الفنان، والتي ترمي إلى الدفاع عن حقوقه المادية والمعنوية.
وتكمن مهام المجلس في تسطير السياسة التي تهدف إلى ترقية المصالح الاجتماعية والاقتصادية للفنانين، وجعلها أمرا ملموسا مع الشروع في تحقيق مطالبهم، حيث يعتبر هيئة للاعتراف بالمهنة ودعم الوسط الفني.

وأخيرا..المرسوم التنفيذي المتعلّق بالحماية الاجتماعية
وفي هذا السياق، صادقت الحكومة مؤخرا على المرسوم المتعلّق بتحديد وعاء ونسبة اشتراك وخدمات الضمان الاجتماعي، التي تعطي الحق للفنانين والمؤلفين الذين يتقاضون أجرا عن نشاط فني أو تأليفي، في التقاعد.
حيث أشادت وزيرة الثقافة خليدة تومي بهذا القرار، الذي صادقت عليه الحكومة يوم 9 جانفي 2014، مبيّنة أن المرسوم التنفيذي سيضمن التغطية الاجتماعية للفنانين والمؤلفين، الذين لم يسبق لهم وأن استفادوا من هذه الحماية من قبل ولم يمارسوا نشاطهم في إطار عقود العمل العادية، ولم تربطهم علاقات عمل عادية مع أية جهة موظفة كفيلة بمنحهم حق دفع مشتركاتهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو لم تكن لهم صفة تاجر، وبالتالي لم يكونوا مسجَّلين في الدفتر التجاري، الذي يؤهل أصحابه لدفع اشتراكاتهم في الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء، أو أنهم لا يتمتعون بصفة الحرفيين الحاصلين على البطاقة التي تمنحها غرف الحرف والمهن للحرفيين المسجَّلين في دفتر الحرفيين، والتي تؤهلهم لدفع اشتراكاتهم في الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء.
وأكدت السيدة الوزيرة، أن حق التغطية الاجتماعية للجزائريين، مكفول في كل دساتير الجزائر منذ فجر الاستقلال، منها المادتان 54 -55 من الدستور، اللتان تكرسان الحق في الحماية الصحية، والحق في العمل، والحق في الضمان الاجتماعي لكل المواطنين، ومن هذا المنطلق الدستوري أرست الدولة قانون الضمان الاجتماعي بموجب القانون 83-11، المؤرخ في 2 جويلية 1983، ونص على حقوق العمال مهما كانت طبيعتهم وفئاتهم في الاستفادة من الضمان الاجتماعي دون تمييز، وأحالت المادتان 5 و76 من هذا القانون، بعض الفئات من العاملين على منظومة إجرائية خاصة تحدَّد عن طريق التنظيم، لكن بقي الفنانون الأحرار بعيدين، لم يستفيدوا كغيرهم من هذه المنظومة المتعلقة بالحماية الاجتماعية، بقيت الأحوال كذلك إلى غاية 2005، حيث تم التحضير لهذا القانون واقتراحه من طرف وزارة الثقافة.
وأصبح بإمكان للفنانين دفع اشتراكاتهم لصندوق الضمان الاجتماعي، علما أنّ هذا المرسوم التنفيذي حدّد نسب وآليات التصريح والانضمام، وفق نماذج التصريح المرفقة بالمرسوم، والتي تتضمن كل البيانات التي يتعين الإدلاء بها في 3 نسخ معَدة، ويعترف هذا المرسوم التنفيذي بالنسبة للفنانين والمؤلفين المستقلين، بالحالات المرضية، وبحقهم في التقاعد، وبإمكان ذويهم من الاستفادة بحقوقهم.
هكذا يتحقق الحلم بعد أكثر من 50 سنة من الاستقلال وبعد 9 سنوات نضال من وزارة الثقافة، ليتمتع فنانونا ومؤلفونا بكامل حقوقهم الاجتماعية المشروعة والمستحقة؛ باعتبارهم روح هذه الأمة الجزائرية ودرعها الحامي لهويتها الثقافية والتاريخية، لم يتغيبوا يوما عن واجباتهم الوطنية خاصة في الأوقات الصعاب والمحن. ولم تُخف الدولة الجزائرية عبر مؤسساتها الرسمية، مسؤوليتها في تأخر هذا الوضع، وبالتالي تصحيحه بكل الوسائل الممكنة، والاعتذار لهذا الفنان الجزائري، الذي أفنى حياته لتقديم رسالته النبيلة تجاه الوطن والشعب.

قانون لتوضيح قواعد دعم السينما
وبهدف إرساء قواعد تشجّع الإنتاج السينمائي، وتوضّح حدود الدعم والتمويل، تدعّم المشهد الثقافي بالقانون رقم 11- 03 الصادر في 17 فبراير 2011 الخاص بفن السينما، ويمثّل القاعدة القانونية لقطاع السينما بشكل عام فهو يحدّد القواعد الخاصة بالاستثمار، التمويل، التوزيع، الاستيراد والدعاية في هذا القطاع، كما يعرّف أهداف النشاط السينمائي (تطوير إنتاج الأفلام الفنية، التعليمية والتجارية، سواء كانت روائية أو وثائقية؛ تشجيع ثقافة متجذرة في القيم الوطنية، الإسلامية، العربية، الأمازيغية، ومنفتحة على العالم؛ تشجيع روح التضامن، والعدل، والتسامح، والسلام والوطنية، إلخ.)
وأسّس هذا القانون أيضا، لتصريح مسبق من أجل الإنتاج، التوزيع، والاستغلال والعرض يمنحه الوزير المسؤول عن الثقافة، وأثار هذا القانون جدلا صاخبا في قطاع السينما، خاصة فيما يتعلّق بالمادة 5 التي تمنع تمويل، وإنتاج واستغلال أي إنتاج سينمائي يسيء للأديان أو لحرب التحرير الوطنية، رموزها وتاريخها، أو يمجد الاستعمار، أو يعرض النظام العام أو الوحدة الوطنية للخطر، أو يحرض على الكراهية، العنف والعنصرية، وكذلك المادة 6 التي تشترط خضوع إنتاج الأفلام المتعلّقة بحرب التحرير الوطني ورموزها للموافقة المسبقة للحكومة.
ويختلف هذا القانون جوهريا عن الأمر المتعلق بالسينما لعام 1967، حيث فصل بين الجوانب التشريعية والجوانب التنظيمية، ويندرج ضمن مقاربة تتميز بالفصل بين الجوانب التشريعية والتنظيمية وإعادة هيكلة تدخل الدولة ومسؤولياتها بتكريس أدوار المرافقة والتمويل والتنظيم وممارسة الحفاظ على الحقوق في هذا الشأن، إضافة إلى مساهمة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة السينمائية (الإنتاج، التوزيع، الاستغلال والتكوين).
ويخضع هذا القانون استغلال قاعات السينما لدفتر شروط، وفي هذا الإطار تمّ استرجاع 48 قاعة سينما، وترغب وزارة الثقافة في استرجاع 300 قاعة أخرى ليس من أجل تسييرها وإنما بهدف ترميمها وتكوين الشباب العاطل عن العمل لتسييرها.
ولدعم النشاط السينمائي، تمّ إقرار تخصيص 1 بالمائة من الإشهار العمومي لصالح صندوق دعم السينما، التي تتعزّز من خلال إنشاء مركز وطني للسينما والسمعي البصري ومرصد لحفظ الأرشيف السينمائي واقتناء 15 حافلة سينمائية متنقلة.

بين متفائل ومتشائم..الحافلة تسير
يعرف المشهد الثقافي الكثير من التجاذبات التي تجعله على الدوام محط إعجاب تارة وانتقاد تارات أخرى، فالرافضون للسياسة الثقافية الوطنية وحتى الذين يؤكّدون عدم وجودها أصلا يبرّرون موقفهم هذا بهيمنة الفلكلور على المشهد الثقافي وبتبذير الأموال العمومية، غير معترفين بكلّ ما عرفته الجزائر من إنجازات ثقافية من حيث المنشآت التي شيّدت هنا وهناك وكذا حضور الجزائر في مختلف المحافل الدولية، إذ يعتقدون أنّ تسيير المشهد الثقافي يشوبه الفوضى والضبابية واستحواذ أقلية معينة عليه، فيما هناك من يؤكّد أن ما تقدّمه الدولة في المشهد الثقافي يجعلها في مصاف الدول النشطة ثقافيا، ويؤكّد الراضون عما أنجز ”أنّ التظاهرات التي نظمتها الجزائر في السّنوات الأخيرة، مكّنت الممارسة الثقافية في الجزائر من إيجاد الدعم الضروري لوضع استراتيجيات بعيدة المدى وأن تبنى هياكل ثقافية جديدة بالمقاييس العالمية، وأن ترمم المعالم الأثرية، وتنظم عدة نشاطات في مختلف المجالات، وأن تنال كل الفنون دعما لإخراج الأعمال التي تشكّل إضافة للمشهد الثقافي، وهناك أيضا استفادة كبيرة على الصعيد الرمزي من خلال تقديم صورة الجزائر للآخر”.
ويضيف هذا الفريق أنّ ”التظاهرات الثقافية الكبرى أعادت الوجه الحقيقي للجزائر بعد خروج مضني وحالك من الانعزال والعشرية السوداء، كما أعادت لها مكانتها وسمحت لها بالتعريف بهويتها التي استعادتها من خلال هذه التظاهرات، ومكّنت بلادنا من الحضور على الساحة الثقافية العربية والعالمية وسمحت لمثقفينا بالاحتكاك بزملائهم من مختلف الأقطار والانتماءات، وهذه التظاهرات ستبقى دليلا على حرض الجزائر على القطاع الثقافي الذي يعتبر شريان أي بلد وأي أمة، كما استطعنا أن نتعرّف من خلالها على حضارتنا وعراقة تاريخنا، لا بل وتمت أرشفة كل ذلك بأفلام وثائقية وكتب جاءت من صنيع الشباب الذي أعطيت له الفرصة وفتحت في وجهه الأبواب طيلة التظاهرات، بدءا بسنة الجزائر بباريس وصولا إلى "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.