السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: أكتب والخوف يكاد يقتلني ويمزق أوصالي، لأن قوة خفية تمنعي من طلب المساعدة، فتجعلني رهينة لا يشفع لتحريرها دفع فدية ولا وساطة الأخيار مهما بلغت درجة رفعتهم ومكانتهم في الدنيا، لأن الخصم من العالم الآخر، وهل يمكن مواجهة عدو لا تراه ولا تسمعه، بالرغم من ذلك فهو يسكن بداخلك ولا يفارقك لهنيهة زمن. إخواني القراء، أنا امرأة متزوجة عشت لفترة قصيرة السعادة، وبعد وفاة زوجي الرجل الصالح الطيب، غدوت تعيسة، بالرغم من ذلك حمدت الله على القضاء والقدر واندمجت في الحياة بعدما تأقلمت مع أوضاعي الجديدة، علما أني أعمل منظفة في إحدى المؤسسات الوطنية، وبالموازاة أشتغل لدى بعض النساء أساعدهن في قضاء أعمالهن المنزلية، ما جعلني أحصل الاكتفاء وهذا بفضل الله. مشكلة طرأت على حياتي منذ أشهر، بعدما تعرضت للإصابة بزكام وحمى شديدة أرقدتني الفراش عدة أيام، وبعدما تعاطيت الأدوية تعافيت واسترجعت نشاطي، لكن ثمة خمول وكسل بات عالقا بجسدي لم يكن يفارقني أبدا، ما جعلني أقصر في تأدية عملي على أكمل وجه، هذا الأخير سرعانما تطور إلى درجة لم أعد أستطع من خلالها مغادرة فراشي وإذا فعلت فسرعانما أخلد إلى النوم في غير أوقاته، ومن هنا بدأت مأساتي، وكانت الكوابيس لا تفارقني وأحلام اليقظة ترعبني، لما أراه وأسمعه من أصوات مخيفة أجهل مصدرها، أمور غريبة كانت تحدث لي، ففي أغلب الأحيان يراودني النسيان ولا أتذكر حتى أسماء أولادي، فعرضت نفسي على طبيب متخصص في الأمراض العصبية لكي يُشخص لي المرض، لكنه أكد سلامة جهازي العصبي وأكد أن كل شيء على أحسن ما يرام، ذلك طبعا بعدما أخضعني للفحص وإجراء بعض التحاليل والأشعة الدقيقة حتى أنه لم يصف لي قرصا أو حبة دواء، عندها التجأت إلى شيخ صالح يعالج بالقرآن الكريم، وما إن فعلت حتى تدهورت حالتي أكثر لأن هذا الأخير أكد وجود مس من الجن، حيث أخضعني إلى الرقية الشرعية، لكن الألم الذي أصابني جعلني أفر من بيته قبل الانتهاء، منذ ذلك اليوم انقلب علي هذا الجن ولم يعد يتركني وشأني، إنه يأمرني بقتل أولادي وإن لم أفعل فسيقتلني، لقد أخبرت شقيقاتي بهذا الأمر فما كان منهن التكفل بأولادي خيفة أن يلحقهم بهن الأذى، وقمن بتنظيم أنفسهن من خلال نظام المناوبات، فكل واحدة منهن تأتي لكي تقضي معي ليلة وتليها الأخرى وهكذا دواليك، ولأن هذا الأمر استمر لأكثر من شهرين، وقد تدهورت حالتي بسبب النوبات الهيستيرية التي تصيبني، فلم يعد بوسعهم مساعدتي حتى نفسي عجزت عن مواجهة هذا العدو القوي، لذا بات التفكير في الانتحار لا يبرح عقلي، لكي أنهي عذابي وأترك أولادي وشقيقاتي وكل من أعرفهم يعيشون بسلام، هذا طبعا إذا تعذر علي ولم أجد من يحررني من قبضت هذا الشيطان المارد. حورية