تحية طيبة وبعد: إخواني القراء، هل تغيرت مفاهيم الحياة وأضحى كل شيء فيها يسير وفق نظام عكسي، هل أنا ضحية أم مذنبة لأني لم أواكب هذا التطور ولم أساير أفكار كثيرة ضربتنا في الصميم وبدلت حتى أسمى المعاني، فأضحى الرجل يناشد الزوجة صاحبة المال والعمل الدائم ولما لا المسكن، هل تخلى عن قوامته، وهل فعل ذلك طوعا أم كرها، المهم أن بعض الرجال يعتبرون المرأة مصدرا لراحتهم المادية، وخير دليل على ذلك ما حدث ويحدث لي منذ فترة، فأوقف حالي وجعلني أعاني . فيروز من الوسط، في الأربعين من العمر، التحقت بعالم الشغل عندما كنت في العشرين عقب مسابقة توظيف، كنت حينها أعيش انتكاسة نفسية لأني فشلت في اجتياز امتحان البكالوريا لمرتين على التوالي، لكن الله أكرمني بهذا العمل الذي أحببته كثيرا وتفانيت في القيام به، مما أهلني للتألق والنجاح، فحظيت بمكانة خاصة واحترام لدى كل مسؤول كان يتولى إدارة تلك المؤسسة، ولله الحمد المنة لم أشتك من أية مشاكل وعراقيل على هذا المستوى، غير أن حياتي أصبحت مضطربة ولم أعد أشعر براحة البال والسبب الرجال! لقد تقدم لخطبتي أكثر من واحد، ولم ألتمس أنهم فعلوا ذلك لأني جديرة بالارتباط، باعتباري امرأة مهذبة ومحجبة، تقية وأسير وفق تعاليم الدين، اختيارهم لي كان سببه الوظيفة أو بمعنى أصح الراتب الشهر، فكل من يتقدم كي يطلبني للزواج، يسألني عن رصيدي ويقترح علي تجسيد بعض الأفكار، منهم من يرغب بإقامة مشروع تجاري، ومنهم من يطالبني بالشراكة كي يشتري سيارة، لقد تجرأ أحدهم واقترح كي أصير زوجته الثانية، نظير أن أتولى شأن الجانب المادي، وفي جميع الحالات يكون قد أهداني خدمة العمر، لأن الرجال على حد قوله لا يتزوجون نساء بلغن سني، بل اعتبر عرضه فرصة ذهبية لي.إخواني القراء، ما يحدث لي ليس قصرا على الذين يرغبون في الزواج فحسب، بل المحيطين من الزملاء والأقارب، فكل من يحتاج المال منهم، لا يتوانى لحظة واحدة في طلب العون، علما أني في البداية لم أكن أبخل عليهم، لكني اتخذت القرار بعدم الاستجابة لطلباتهم، لأن أغلب الذين ساعدتهم تنكروا للمعروف ومنهم من رفض تسديد الدين. يبدو أني غدوت بنكا سخيا لتمويل الناس من حيث لا أدري، فهل ما يحدث لي أمر عادي، هل يجب علي الانصياع لرغبة من يرودونني على هذا النحو، أم علي التمسك بقناعتي وعدم تقبل رجل يطمع في مالي، علما أني لا أملك الكثير، ما بحوزتي مجرد مبلغ لسد مصاريف الزواج إذا كتب الله ورزقني بالنصيب.