عندما يتعرض أحد شباب ولاية الجلفة للضرب لمجرد أن عبر عن رأيه، وحين يُمنع الحاضرون من التكلم والحديث وطرح الأسئلة، وجعلهم مجرد دمى تملئ أماكنها، فإن الاعتداء على هذا الشاب وأمثاله من الذين يحضرون للتجمعات السياسية من اجل التعبير عن تطلعاتهم وأفكارهم وحتى حنقهم الشديد من الواقع السياسي والاجتماعي سيكون بلطجة بامتياز. هذا الشاب وأمثاله دائما ما يكونون مشحونين ومدفوعين بعواطف وحماسة الشباب الغيور على وطنه، وكبت الجماح في ابداء آرائهم، هو نقيض شعارات الحرية والديمقراطية التي يتغنى بها كثير من السياسيين، ومنهم زعيمة حزب العمال "لويزة حنون" التي لم نعرف زعيما آخر له، منذ نشأته في تسعينيات القرن الماضي. الشاب نفسه، كان قد حضر لتجمع "محمد السعيد" قبل أربعة أيام وقال ما قال في انتقاده، وانتقاد سياسة حزبه، وتحدث بكل حرية عما سماه الرئيس المقعد الذي لا احد يراه، وعن شكيب خليل، وعن المحاكمة البهلوانية للخليفة مثلما قال، وأسهب في الحديث عن "الحڨرة" التي تعرضت لها ولاية الجلفة، حيث تكلم بصراحة وفي هدوء ودون أن يقاطعه احد، بل ولقي تجاوبا كبيرا من طرف كل من كان حاضرا في القاعة التي لم تُملئ بالحافلات المستأجرة مثلما تفعله أغلب الأحزاب، وعبر عن رأيه وربما رأي الملايين من امثاله في واقعنا المعاش، حين تحدث عن الجهوية و الحڨرة والفساد. هذا هو ربما الفرق بين من يملئ القاعة بأناس على المقاس، ثم لا يترك الكلمة إلا للواحدة الأحد، حين لا يكون هناك افتتاح بآيات بينات من الذكر الحكيم ولا النشيد الوطني، ولا حتى الاستماع للرأي الآخر، إلا الزعيمة المُلهمة لهذا الحزب، وبين اناس افتتحوا تجمعهم بالقرآن والنشيد الوطني ثم اتاحوا الفرصة لكثير من الحضور، الذين انتقدوا في اغلبهم موقف وسياسة الحزب في جو ساده الاحترام المتبادل. هذا هو الفرق بين من تتكلم عن مكامن الحرية في أن تلبس الفتاة ما تشاء، وبين من قال أن كل مشاكلنا تكمن في ابتعادنا عن الاخلاق، إنه الفرق بين مصطلحي "الأوليغارشية" والعدالة الاجتماعية، ولربما هو ذاته الفرق، بين المدرسة العلمانية الممزوجة بشعارات اشتراكية الكرملين في سنوات السبعينات، وبين مدرسة جمعية العلماء المسلمين، مدرسة الإبراهيمي وابن باديس.