بقلم: الأستاذ محمد رميلات تأسست جامعة السربون عام 1258 م وهي واحدة من أرقى الجامعات في العالم وظلت تُدرس الطب باللغة العربية زهاء 400 عام ويأتي الآن لُكع بن لكع!!!! فيقول اللغة العربية لا تصلح للعلوم الحديثة !!!!...مؤخرًا حدثني ذو ثقة أن المجلس الأعلى للغة العربية في الجزائر يعكف على إعداد قاموس لترجمة جميع المصطلحات الطبية إلى اللغة العربية. والقاموس على وشك الصدور... وهي مبادرة موفقة في الإتجاه الصحيح ونأمل أن تحذو الجزائر حذو سوريا كانت تُدَّرس جميع العلوم الطبية باللغة العربية منذ عام 1919م وإلى يوم الناس هذا قبل أن يحل الخراب بها على الرغم من أن الاحتلال الفرنسي هناك حاول أن يفرض التدريس باللغة الفرنسية لكن الأساتذة السوريون أصرّوا على التدريس باللغة العربية وكان لهم ما أرادوا كما عرف السودان تجارب ناجحة في تدريس مواد التشريح ووظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية باللغة العربية في كلّيتي الطب بجامعتي الشرق ووادي النيل بالاتفاق مع جامعة أم درمان الإسلامية بعد اتخاذ قرار سياسيّ سنة 1990م بتعريب التعليم العالي... وهي الدولة العربية الوحيدة المُرَشَّحة للالتحاق - بسرعة- بسورية وفي سنة 1979م صدر قرار يوجب تعريب الطب في العراق وشُكلت لجان لتأليف وترجمة الكتب الطبية المقررة... وأُجِّل تنفيذ القرار لكن الطب الشرعيّ والصحة النفسية لا زالا يُدرسان باللغة العربية إلى يومنا هذا وفي كلية الطب بصنعاء في اليمن يُدرس الطب الشرعيّ وعلم السموم وطب المجتمع باللغة العربية وكذلك في الأزهر بمصر وفي الجامعة الأردنية وفي تونس درّس الأستاذ الدكتور أحمد ذياب علم التشريح في كلية الطب بصفاقس باللغة العربية لمدة ثلاث سنوات (من سنة 1985- إلى سنة 1988م) لكنه واجه ضغوطاً من إدارة الجامعة اضطرته إلى ترك التعليم لكن ذلك لم يمنعه من تأليف معجم طبّي باللغة العربية غاية في الدقة والإتقان وفي ليبيا يُدَرَّس الطب العام باللغة العربية في كل من كلية الطب بسَبْها وكلية الطب بجامعة التحدي بسرْت... ورأيت بأم عيني تقرير طبي لطبيب مختص في جراحة العظام من الأردن يصف فيه الحالة المرضية لأحد المرضيات من الجزائر مكتوب بخط الرقعة وبلغة عربية جليلة جميلة تأسر القلوب برقة مفرداتها وعذوبة ألفاظها... وكل الدول في العالم تدرس العلوم الطبية بلغتها الأم فالإسبان يُدرسون العلوم الطبية بالإسبانية والألمان بالألمانية واليابانيون باليابانية والصينيون بالصينية.. ما عدا الدول العربية لا تزال إما إنجليزية أو فرنسية باستثناء الدول المذكورة آنفًا بل إن قطار الترجمة متوقف عن نقل العلوم الكونية كلها إلى اللغة العربية فما تترجمه إسبانيا في عام واحد من مختلف اللغات إلى اللغة الإسبانية لم يُترجمه العرب كلهم أجمعون منذ إنشاء بيت الحكمة في عهد هارون الرشيد وإلى يومنا هذا على الرغم من أن اللغة العربية لغة حية ومن أغنى لغات العالم بالمفردات والكلمات وهي رابع لغة عالمية بعد الإنجليزية والصينية والهندية من حيث عدد المتكلمين بها في العالم بينما اللغة الفرنسية لا يتحدث بها سوى 3.03 بالمائة من سكان المعمورة وتأتي في المرتبة التاسعة من بين أهم عشر لغات في العالم بل إن الفرنسيين الذين يهيم كثير من الجزائريين عشقا في لغتهم يُدرسون أكثر من 700 تخصص في جامعاتهم باللغة الإنجليزية... فلماذا تحتقرون اللغة العربية وتنظرون إليها بعين الإزدراء والإحتقار وهي شرفنا وعنوان انتمائنا الحضاري؟!!