الشيخ موسى أبو عيادة من النعم الكبيرة التي منّ الله بها على عباده نعمة الأمن والأمان وإذا فقد الناس هذه النعمة يكون عيشهم قلقا مضطربا لا يهدأ ولا يستقر. والأمن عنصر ضروري وأساسي في حياة الأمم والشعوب وإن الناظر إلى العالم اليوم يجده مليئا بالإجرام والمجرمين الذين يروّعون الناس سواء على مستوى الدول أو الحكومات أو الجماعات أو الأفراد اعتداءات وحروب طاحنة وقتل ونهب وسلب وإيذاء اغتصاب وزنا ومخدرات وعقوق والدين وهجر وخيانات زوجية وغيرها.. والمصيبة أن هذا الإجرام يزداد يوما بعد يوم وأنظمة الحكم تعجز عن أن تعالجه أو أن تخفف منه. أما الإسلام فعنده العلاج الواقي والبلسم الشافي فالمجرمون هؤلاء لهم في دين الله أمر فهم لا ينبغي أن يخيفوا الناس الآمنين دون أن يأخذوا عقابهم القاسي وتُنفذ فيهم أحكام الله تبارك وتعالى ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم . وإلا فكيف يعالج الإسلام أمر الجريمة والمجرم إذا ترك هذا المجرم يعيث في الأرض فسادا وإفسادا؟ بل توعده الإسلام الدين الحق بأشد العقوبات وذلك بقتله إن قتل وبتعذيبه إن عذب وبرجمه إن زنا وهو محصن وبجلده إذا لم يكن محصنا.. وكل جريمة لها حكم وقصاص في الإسلام لأن هذا الدين لم يترك الناس على رؤوسهم يفعلون ما يشتهون ويقترفون من الآثام ما يريدون دون زجرهم وعقابهم فالرسول صلّى الله عليه وسلم يقول: والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها . ويقول صلّى الله عليه وسلم: المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم . وعمر بن الخطاب رضي الله عنه استدعى عمرو بن العاص رضي الله عنه وابنه من مصر انتصارا لقبطي حين جاء يشكو من ابن عمرو الذي ضربه عندما سبقه وقال له: كيف تسبق ابن الأكرمين ... فقال عمر رضي الله عنه للمصري على ملأ من الناس: اضرب ابن الأكرمين . ثم قال لعمرو وابنه كلمته المشهورة: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟ . فأنت مؤمن مؤتمن على إخوانك المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات عينك أمينه ولسانك أمين ويدك أمينة يأتمنك أخوك المسلم على أهله وماله وعرضه. والرسول صلّى الله عليه وسلّم في يوم من الأيام اجتمع عنده نفر من المسلمين في بيت عائشه فرحّب بهم وحيّاهم ودعا لهم بالهدى والنصر والتوفيق وقال: أوصيكم بتقوى الله وأوصي الله بكم واستخلفه عليكم إني لكم منه نذير مبين أن لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإن الله قال لي ولكم: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين .