الشيخ: قسول جلول من الناس رجالا ونساء يرى بأن الولد نعمة وأمانة ومصدر للطمأنينة والسعادة ويسعى في ذلك من كل ما من شأنه أن يجعل الولد فيفرح بهذه الهدية الربانية ودخولها على أسرته فتسعد بابتسامته المغردة لقلوب الأهل والأحباب يحمل للمستقبل بشرى الخير يرطب بلمسته الناعمة على آلام والديه يملأ الدنيا مرحا بحركاته العفوية وضحكاته البريئة. ويجعل _العضو الأسري الجديدس أبويه يصدقان على قول الواهب سبحانه وتعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدنْيَا ويأملان بأن يكون وليدهما غرسا مثمرا لحصاد الآخرة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: _إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) وتختلف الأسر المسلمة في طريقة احتفالها بالمولود الجديد ويتقرب الجميع إلى الله بإحياء سُُنة (العقيقة ) يشكرونه سبحانه على أن وهبهم الذرية ويسألونه صلاح وسلامة أبنائهم(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) والولَد الصالح ذخْر للأمة في الدنيا ولوالديه في الدنيا والآخرة لكن ما الشروط ليكون العمل الإنجابي صالحا ولتكون الكثرة مما يبهج نبينا في معرض مكاثرة الأمم؟ ما معيارُ الصلاح في حساب الدنيا والآخرة؟س. الولد نعمة قال الله تعالى(: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ ) الولد هبة وعطاء وفضل رباني خالص. هو الذي يخلق وهو الذي يرزق وهو الذي يوجِد وهو الذي يُمِد(. أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) ذكر الإمام الطبري في تفسيره (جامع البيان في تفسير القرآن) والحافظ ابن كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: _مَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللّهَ على ما عَمِلَ مِنْ عَمَل صَالِح وحَمِدَ نَفْسَهُ قَلَّ شُكْرُهُ وَحَبِطَ عَمَلُهُ. وَمَنْ زَعَمَ أنَّ اللّهَ جَعَلَ للعِبادِ مِنَ الأمْرِ شَيْئاً فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أنْزَلَ اللّهُ على أنْبِيائِهِ لقوله: (ألا لَهُ الخَلْقُ والأمْرُ تَبارَكَ اللّهُ رَبُّ العالَمِينَ) الله وحده بلا شريك هو الذي خلق ورزق وأنعم على الإنسان بالولد فمطلوب للوالد شكر المُنعم الذي له الخلق والأمر فمن يؤمن بأن الله أكرمه وأعطاه ولو شاء لحرمه يدرك قيمة إنعامه سبحانه ويدرك وجوب شكر الله الواهب الكريم على ما وهب وتكرم. إذ تقيد النعم بالشكر قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا شيء أسلب للنعمة من كُفرانها. وإن الشكر أَمن للغير ونماء للنعمة واستجلاب للزيادةس ) والنعمة تستوجب الشكر لله تعالى إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْل عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ والحق سبحانه لا يريد منا سوى شكره على كرمه ومَنِّه وأفضاله ((ما يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَج وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)). ومن الناس من يرى بأن الولد عقوبة أو مصيبة وهذا ليس بغريب لأن ذلك كان في الجاهلية قال الله تعالى _ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاق نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا _ الإسراء: 31. الإسلام أبطلت عادة قتل الأولاد والبنين خوف الفقر والفاقة غير أنه لما قست القلوب وطال الأمد عاد بعض الناس إلى قتل أولادهم في عصرنا وقتلهم الآن يختلف عن قتل الجاهليين قبل الإسلام فأولئك كانوا يقتلونهم قتلاً سريعاً فيريحونهم وهؤلاء يقتلونهم قتلاً بطيئاً فيعذبونهم وقد يستغرب القارئ كيف يقتل الناس أولادهم في هذا العصر عصر التمدن والرقي؟؟ في الحديث الشريف: _كفى بالمرء كذبا أن يُضيع مَن يعُولس وأكبر ضياع هو ضياع أمانة الأمانة أمانة الدين ومن غش أبناءه في الدين فقد قطع رحمه وعق آباءه وضيَّع أمانته حتى ولو أدركوا من الدنيا ما أدركوا. إذ ما قيمة السُمعة والجاه والمال واللقب إذا كان مقطوعا عن الله؟ ما الجدوى من دنيا بلا آخرة عاجل بلا آجل؟ فالولد عمل يحتاج إلى اهتمام وعناية ورعاية ففي الحديث المشهور قال صلى الله عليه وسلم: _كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته فكلكم راع ومسئول عن رعيتهس 5 لا يصح أن يولد ثم يُترك لفوضى الشارع تتقاذفه الأفكار والسلوكيات المختلفة أو تسرقه مصارف الإثم بعض الناس لكرههم لأبنائهم يكثرون الشتم على أبنائهم بل يدعون عليهم بأدعية السوء والشر وهو خُلُق منهي عنه لقول رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيهِ وَسَلَّم: لا تَدعوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ولا تَدْعُوا علَى أَولَادِكم ولا تَدعُوا علَى خَدَمِكُمْ ولا تَدْعُوا علَى أموالِكُمْ لا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ تبارك وتعالَى سَاعَةَ نَيْل فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتجِيبَ لَكُمْ 7 ومن الناس من يحتقر البنات فإذا رزقه الله بنتا أو بنتين أو ثلاثة أو أكثر تأفف وشكا وقلَّل من شأنهن وضجر ودعا بالويل والثبور وهذه عادة جاهلية قال الله عز وجل : وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَى_ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ َيتَوَارَى_ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ _ أَيُمْسِكُهُ عَلَى_ هُون أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ _ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59. ((رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)).