في ظل انخفاض أرقام الإصابات والوفيات كورونا.. هل اقتربت ساعة الفرج؟ مع انخفاض معدلات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا الذي أحدث طوارئ وضجة منذ سنة وقلب موازين الحياة الطبيعية رأسا على عقب وكانت له آثار صحية واجتماعية بالجملة بدأ الخوف يتلاشى في الفترة الأخيرة في الجزائر وفي دول العالم ويبدو أن ساعة الفرج قد بدأت تقترب بدليل انتصار البشرية منذ آلاف السنين على أوبئة خطيرة على غرار الطاعون والجدري والأنفلونزا المنسية التي ضربت العالم سنة 1918 وافترست الصغار والكبار وفتكت ب100مليون شخص في العالم . نسيمة خباجة يتساءل الملايين في العالم هذه الأيام متى سينتهي وباء كورونا؟ يجيب عن هذا السؤال المؤرخون الذي يقولون إن الأوبئة المعدية يمكن أن تنتهي بأكثر من طريقة. لكن السؤال الأهم: من سيقرر النهاية؟ ولصالح من ستكون؟ بحسب المؤرخين هناك طريقان لانتهاء الأوبئة الأول طبي ويحدث عندما تنخفض معدلات الإصابة والوفاة. والثاني اجتماعي ويكون عندما يتلاشى وباء الخوف من المرض وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية. انخفاض الإصابات ويقول الدكتور جيريمي غرين مؤرخ الطب في جامعة جونز هوبكنز بالولاياتالمتحدة: عندما يسأل الناس متى سينتهي الوباء؟ فإنهم في الحقيقة يسألون عن النهاية من منظور اجتماعي لا طبي . ويؤيد ذلك ألان براندت المؤرخ في جامعة هارفارد إذ يقول إن الشيء نفسه يحدث مع فيروس كورونا حاليا إذ ينصب الحديث عن نهاية الوباء من خلال المجتمع السياسي وليس استنادا إلى بيانات طبية. تلاشي القلق والخوف أكدت الدكتورة سوزان موراي من الكلية الملكية للجراحين في دبلن أن وباء الخوف يمكن أن ينتشر حتى بدون وجود وباء مرضي وروت قصة بهذا الخصوص حدثت في مستشفى ريفي في أيرلندا عام 2014 إبان انتشار وباء إيبولا الذي تسبب بوفاة أكثر من 11 ألف شخص في غرب إفريقيا. وقالت: كان الناس قلقون في الشوارع وكان السعال أو العطس في القطار يسبب ذعرا للكثيرين وتم تحذير عمال مستشفى دبلن من الاستعداد للأسوأ مما رفع منسوب الرعب والقلق . وتضيف: عندما وصل شاب إلى غرفة الطوارئ من بلد يعاني من مرض إيبولا رفض الكثيرون الاقتراب منه لكني قمت بعلاجه وعلى الرغم من ان الرجل لم يكن مصابا بإيبولا فقد توفي بعد ساعة. بعد ذلك بثلاثة أيام أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء الوباء . وخرجت موراي من هذه الحادثة بدرس مهم: إذا لم نكن مستعدين لمحاربة الخوف والجهل بنفس قدر استعدادنا لمكافحة أي فيروس او وباء فمن الممكن أن يؤدي الخوف إلى إلحاق ضرر فادح بالناس لاسيما الضعفاء منهم . الطاعون وباء فتك بالملايين ضرب الطاعون مجتمعات عدة على مدار الألفي عام الماضية وقتل الملايين لكن الخوف الذي ترافق معه كان مضاعفا وبعد أن انتقل الوباء للإنسان من الفئران أصبح ينتقل من إنسان إلى آخر وانتهى المطاف بالناس بأكل الفئران. وتحدثت ماري فيسيل المؤرخة في جامعة جونز هوبكنز: عن ثلاث موجات كبيرة من الطاعون الأولى في القرون الوسطى والثانية في القرن الرابع عشر والثالثة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وحتى الآن لم يتضح كيف انتهى وباء الطاعون. بعض العلماء جادلوا في أن الطقس البارد قتل البراغيث التي في الفئران الناقلة للمرض لكن المرض ظل ينتقل من شخص لآخر. طرح آخرون فكرة حدوث تغيير لدى الفئران. وقال فريق ثالث إن البكتيريا تطورت لتصبح أقل فتكًا. أو ربما ساعدت الإجراءات التي اتخذها البشر مثل حرق القرى في القضاء على الوباء. لكن الطاعون لم يرحل تماما. ففي الولاياتالمتحدة تنتشر العدوى بين كلاب البراري في جنوب غربي البلاد ويمكن أن تنتقل إلى الناس بحسب ما يؤكد الأطباء. والناس اليوم لم يعودوا يتحدثوا عن الطاعون أو يخافون منه. الانتصار على الجدري من بين الأمراض التي تم الانتصار عليها طبيا هو الجدري. لكن لذلك أسباب. فقد وفر اللقاح الفعال حماية للناس من المرض مدى الحياة. كما أن الفيروس ليس حيوانيا وبالتالي فإن القضاء عليه لدى البشر يعني موته تماما. فضلا عن أعراضه الواضحة. وقال المؤرخ في جامعة هارفارد الدكتور ديفيد س جونز في عام 1633 إن الوباء شل حركة المجتمعات الأصلية في الشمال الشرقي من أمريكا . وكتب ويليام برادفورد زعيم مستعمرة بليموث آنذاك قائلاً: كان إذا ما جلس أحد المرضى على حصيرة تلتصق البثور التي تملأ جسمه بالحصير ومن ثم يبدأ ينزف دما . وفي عام 1977 كان آخر شخص أصيب بالجدري بشكل طبيعي هو علي ماو مالين وهو طاهي بمستشفى في الصومال. وقد تعافى من المرض ليموت لاحقا بسبب الملاريا في عام 2013. الإنفلونزا المنسية قتلت الإنفلونزا في عام 1918 من 50 إلى 100 مليون شخص في العالم وكانت تفترس الصغار والكبار في منتصف العمر. ومنذ ذلك الحين لم تختف الإنفلونزا بل تطورت إلى شكل مختلف أصبح بإمكاننا العيش معها هذه الأيام. ولم تنته الإنفلونزا من منظور طبي بل انتهت من منظور اجتماعي من خلال التعايش بعد أن أزاح الناس عن كاهلهم كوابيس المرض والخوف من الفيروس. وقتلت الإنفلونزا في عام 1968 مليون شخص في جميع أنحاء العالم من بينهم 100 ألف شخص في الولاياتالمتحدة معظمهم من كبار السن الذين تجاوزوا 65 عامًا. لكن الخوف الذي يرافق المرض اليوم لم يعد يذكر مقارنة بما كان يحدث في السابق. كيف سينتهي كوفيد-19؟ يقول المؤرخون إن احتمال أن تنتهي جائحة فيروس كورونا اجتماعيا قبل أن تنتهي طبيا وارد جدا فقد يتعب الناس من القيود لدرجة أنهم سيبدأون في ممارسة حياتهم الطبيعية حتى مع استمرار انتشار الفيروس وقبل العثور على لقاح أو علاج فعال. وقال المؤرخ في جامعة ييل نعومي روجرز: أعتقد أن الخوف المصاحب للوباء من القضايا النفسية الاجتماعية التي قد تؤدي إلى الإرهاق والإحباط . ويضيف: سنصل إلى اللحظة التي يقول فيها الناس: كفي. أريد أن أعود إلى حياتي الطبيعية .وهذا ما يجري بالفعل في العديد من الدول على غرار امريكا وعدد من الدول الأوروبية حيث بدأت رفع إجراءات الإغلاق تدريجيا في تحد لتحذيرات مسؤولي الصحة العامة من أن مثل هذه الخطوات السابقة لأوانها. وقال الدكتور روجرز: هناك صراع الآن. من سيقرر النهاية؟ هذه أزمة لا تنتهي. إن محاولة تحديد نهاية الوباء ستكون عملية طويلة وصعبة.