مراجعة ذواتنا بصدق .. واجبٌ علينا أهلاً ومرحباً بشهر الحبيب الذي طال انتظاره * الشيخ أبو إسماعيل خليفة عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا رأى الهِلالَ قال: اللَّهُمَّ أهلّهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ . رواه الترمذي وحسنه وعند الدارمي بلفظ: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُمَّ أهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالأَمْنِ والإيمَانِ والسَّلامَةِ والإسْلاَمِ والتَّوْفِيقِ لِمَا يُحبُّ ربُّنا ويَرْضَى رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ . بهذه المعاني كان عليه الصلاة والسلام يستقبل رؤية الأهلة وبهذا أيضا ورد أيضا أنه كان يستقبل هلال شهر رمضان الحبيب إليه إيذانا منه للبشرية جمعاء وللمسلمين خاصة بأن دين الله عزّ وجل إنما جاء لتطهير العقائد وتربية النفوس وصقل الأفكار الهائجة التي تمرّدت على فطرة خالقها وسلكت دون الإسلام سبيلا ورمضان بالمفهوم الذي في استشرافه: أمن وإيمان سلامة وإسلام مناسبة لتجديد الولاء لمثل هذه المعاني ومحطّة للتذكر والتذكار. فالواجب يملي علينا ونحن نستقبل هذا الشهر المبارك أن نقف مرة أخرى لمراجعة ذواتنا بصدق لأن ذلك هو الكفيل باسترجاع أمجاد زمان وتدارك ما فات يوم أن كانت الشمس لا تغرب على دولة الإسلام ويوم أن كان ولي أمر المسلمين يخاطب السحاب قائلا: سيأتينا خراجك أينما كنت.. فإذا ما كان رمضان فرصة للإنتصار على شهوات النفس ورغباتها فلننتصر نحن على أنانيتنا ولنحقق معنى التقوى لننال العزة والإكرم. أهلا ومرحبا.. بشهر الحبيب الذي طال انتظاره واستبدّ الشوق بالقلوب للقياه وإن لقدوم الحبيب الغائب لفرحة ما أروعها من فرحة فيا باغي الخير أبشر ويا باغي الشر أقصر.. ولقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمّون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه. وأيّ فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان موسم الخيرات والمغفرة وتنزل الرحمات.. ها هو ذا صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه ويبشرنا فيقول: أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق فيه أبوب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حُرِم خيرها فقد حُرِم . رواه النسائي والبيهقي. قال ابن رجب رحمه الله: هذا الحديث أصلٌ في تهنئة الناس بعضُهم بعضاً بشهر رمضان. وكيف لا يُبشَّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟ وكيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟ وكيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟ إنها البشارة التي عمل لها العاملون.. وشمر لها المشمّرون.. وفرح بقدومها المؤمنون .. فيا عبد الله: أين فرحتك؟ وأين شوقك؟!. فَأَرِ الله من نفسك خيرًا في هذا الشهر وافتح صفحة جديدة من حياتك مسطرة بأحرف الخير والبر والتقوى والعمل الصالح. جعل الله لي ولك مواسم الخيرات لنا مربحا ومغنما وأوقات البركات والنفحات لنا إلى رحمتك طريقا وسلما والحمد لله رب العالمين..