بقلم: نبيل السهلي* أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والعديد من المنظمات الدولية عشرات القرارات حول فلسطين منذ عام 1948 لكن لم يطبق أي قرار منها وفي المقدمة منها القرار 194 الذي يعتبرمن أهم القرارات ذات الصلة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم فلسطين وقد صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ثلاثة وسبعين عاماً وبالتحديد في 11 من ديسمبر 1948. وبعد صدور القرار المذكور ظهرت إلى العلن مشاريع كثيرة لتصفية جوهر القضية الفلسطينية المتمثلة في قضية اللاجئين . *قرارات ومشاريع تصفوية يلحظ المتابع لتطورات القضية الفلسطينية إصدار هيئة الأممالمتحدة عشرات القرارات منذ عام 1948 وجميعها يقضي بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجةَ الطرد القسري وتدمير قراهم. فإضافة إلى القرار 194 أصدرت الأممالمتحدة القرار 302 في الثامن من ديسمبر 1950 والقرار 512 الصادر في 26 جانفي 1952 إضافة إلى قرارات أخرى قريبة في بنودها وقد رفضت إسرائيل على الدوام تنفيذ القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية وفي الوقت ذاته لم يجبر المجتمع الدولي إسرائيل على تنفيذ تلك القرارات الدولية بشأن فلسطين. في مقابل ذلك أصدرت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة رزمة قوانين عنصرية لإنشاء مؤسسات إسرائيلية وتمكين المهاجرين اليهود إلى فلسطينالمحتلة من السيطرة على أملاك اللاجئين وعقاراتهم ومحالهم التجارية وكان قانون أملاك الغائبين من أخطر القوانين للسيطرة على أملاك اللاجئين الفلسطينيين الذين طردوا من وطنهم بقوة المجازر الصهيونية. وقد ترافقت السياسات الإسرائيلية للسيطرة على الوطن الفلسطيني وتهويد المكان والزمان بظهور عدد كبير من المشاريع لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وقد تم الترويج خلال الأعوام الأخيرة لمشروع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الهادف إلى توطين العدد الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق اللجوء المختلفة وإعادة توزيع أعداد قليلة منهم في دول أخرى مثل كندا واستراليا بغية تصفية قضية اللاجئين لتتساوق التصورات الأمريكية بشكل كامل مع المواقف الإسرائيلية. وقد سبق المشروع المذكور عدة مشاريع تصفوية لقضية اللاجئين الفلسطينيين من أهمها مشروع أمريكي في عام 1969 حيث وضعت اللجنة الأمريكية التي تزعمها سايرونس فانس وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مشروعاً لتوطين اللاجئين الذين كان عددهم آنذاك (687) ألفاً في الأردن و236 ألفاً في لبنان و144 ألفاً في سوريا و280 ألفاً في غزة وينص المشروع على إنشاء صندوق دولي بميزانية مقدارها (3) مليار دولار لتوطين 700 ألف في الأردن و500 ألف في سوريا وتفريغ لبنان من اللاجئين الفلسطينيين كما تدفع تعويضات لأصحاب الأملاك وفقاً للجداول التي وضعتها لجنة التقديرات العامة لعام 1950م وتسهم في دفع الأموال كل من الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أوروبا الغربية. من خلال نتائج تحقيقات ميدانية أجرتها صحف وباحثون مستقلون خلال الفترة التي تلت اتفاقات أوسلو تبين أن كافة الشرائح الاجتماعية الفلسطينية ترفض مبدأ التوطين أو الوطن البديل عن فلسطين. لم تتوقف مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين حيث أدخل هنري كيسنجر خلال عام 1973 تعديلات على المشروع المذكور بحيث يتم توطين ثلثي اللاجئين في الأردن والثلث الباقي في سوريا وتدفع التعويضات لأصحاب الأملاك التي استولى عليها الكيان الإسرائيلي. وفي عام 1987 وضعت إدارة الرئيس رونالد ريغن مشروعاً لحل قضية اللاجئين يتضمن إنشاء صندوق دولي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الأردنوسوريا بحيث تقام لهم مستوطنات حديثة تدفع تكاليفها من الصندوق الدولي بإشراف لجنة تعينها هيئة الأممالمتحدة أمّا أصحاب الأملاك فتدفع لهم تعويضات عن أملاكهم تحدد قيمتها لجنة دولية مؤلفة من خبراء. وفي مواجهة تلك المخططات الغربية طالبت الجامعة العربية في مؤتمراتها الدورية التي لم ترق إلى حجم القضية بإعادة جميع اللاجئين وفقاً لقرار 194 الذي أصدرته الأممالمتحدة في عام 48. لم تتوقف محاولات تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين فإثر خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام 1982 شاعت مشاريع كثيرة بشأن تهجير الفلسطينيين من لبنان إلى منطقة الأزرق في الأردن وتكرر الحديث عن المشاريع إبان حرب المخيمات ولم تتبناها بشكل رسمي أية جهة فلسطينية بل على العكس فقد ووجهت برفض شعبي واسع. *رفض فلسطيني راجت بعد عقد مؤتمر مدريد في نهاية عام 1991 سلسلة من المشاريع تتمحور حول توطين جزء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لا يتعدى 100 ألف بالأرقام ويستوعب العراق القسم الباقي من مجموع الفلسطينيين في لبنان مقابل رفع الحصار الإقتصادي عنه كما راجت مشاريع عدة لنقل الفلسطينيين من بيروت إلى منطقة البقاع وكسابقاتها من المشاريع لم تلق آذاناً فلسطينية صاغية إذ رفض التجمع الفلسطيني في لبنان منذ عام 1948 كافة المشاريع التي طرحت بشأن توطينه كما اعتبر وجوده في لبنان مؤقتاً إلى حين تطبيق حق العودة الذي تضمنه القرار الصادر عن الأممالمتحدة رقم 194 عام 1948 ومن خلال نتائج تحقيقات ميدانية أجرتها صحف وباحثون مستقلون خلال الفترة التي تلت اتفاقات أوسلو تبين أن كافة الشرائح الاجتماعية الفلسطينية ترفض مبدأ التوطين أو الوطن البديل عن فلسطين.