بقلم: الدكتورة سميرة بيطام * مع حلول ذكرى الحراك الشعبي الجزائري الذي عنونه الشعب الجزائري بضرورة التغيير لكل ما ليس له علاقة بطموحاته وتمنياته ولكل ما لم يكن متوافقا مع مبادئ ثورة أول نوفمبر الخالدة وقيمها الراسخة رسوخ الجبال الشامخات الشاهقات التي ورثها لنا الشهداء أمانة في أعناقنا ووجب الدفاع عنها وتحمل المسؤولية إزاء أي خطر قد يهدد ثبات القيم والحب القدير للوطن المفدى.. جزائرنا الغالية لن يكون مقالا شعبويا لمدح فضائل الجيش الذي رافق الشعب الجزائري عبر جمعات متفرقة لأن هذا الجيش الباسل مدح نفسه بما رسمه من وفاء والتزام وانضباط لما قدمه قائدهم وقائدنا وقائد جميع الجزائريين المرحوم الفريق أحمد قايد صالح والذي لم يتوان في القيام بواجبه باحترام الدستور الذي أطر عملية الانتقال الديمقراطي بما وعد الشعب الجزائري أن لا تسيل قطرة دم واحدة فكان خوض الخائضين التافهين الذين لا يمتون بصلة للكفاح ولاداعي لذكر أسمائهم بما أنها مبنية لغير الواقعية يستغلون في ذلك بعض قيم المجاهد القائد الفذ المرحوم الذي قال كلامه في خطبه فوفى كما وعد وللأسف تطبل الطبول بغير ترتيب لما تفعله من إيقاع لأنهم كانوا بصدد رمي رصاصات طائشة للفت الانتباه أنها تتقن التحليل السياسي للأسف دائما ما تكون هذه الأبواق مقرها في البلد العدو من هنا نفهم خبايا التفاعل الخاطئ لأفعال الرجال هم رجال قالوا ففعلوا والأبواق تلقي ببعض التحليلات على مسامع المواطن ليقتنع بما يقولونه والحقيقة كل الحقيقة أن الوعي الشعبي فعل فعلته فصار الشعب متيقظا لما يدور حوله وما يحاك بالعملية السياسة التي تسير بخطى وئيدة..هادئة وبحذر على الرغم من استعجال البعض لقطف الثمار وكأن الأمر هين لذلك فالتجارب في العالم وضحت في كم من مناسبة أن ثورات الربيع العربي جابت الأقطار العربية رغبة في التقسيم والخراب والدمار ليس الا ولم يكن للأسف حظوة كبرى للشعوب في أن تعيش سلاما واستقرارا كامل البنود ولهذا حري ونحن نحتفل بذكرى الحراك الشعبي أن نتقدم بجزيل شكرنا لعناصر الجيش الجزائري قيادة وجنودا ورتبا عديدة لكل ما بذلوه طيلة الحراك الشعبي من حماية مرافقة مسالمة لأجل ترك الشعب يعبر عن رغبته في التغيير بحريته لولا أن اخترق هذا الحراك في آخر مراحله من جماعات فرادى وتكتلات تريد قلب اللعبة لصالحها لكن فطنة عناصر الأمن بمختلف هيئاتها حالت دون تحقيق ذلك. *تاريخ مشرف أما على المستوى العربي فللشعوب العربية أن تقول كلمتها فيما يخص وقوف الجيش الجزائري مع حكوماتها في أزمات حربية سابقة فلربما الحراك الشعبي يخص شعبا ودولة جزائرية ومصيرا مستقبليا على عكس مساندة الجيش للعرب في أزماتهم ونذكر على سبيل المثال : مساعدة الجيش المصري للجزائر في حرب التحرير ومشاركة الجيش الجزائري لمصر في حرب أكتوبر على رغم خوض بعض الأقلام التي تحاول نفي ذلك كيف وقد اختلطت الدماء على أرض الوحدة ورغم حداثة استقلال الجزائر وكثرة مشاكلها الداخلية إلا أنها لم تتنصل يوما عن واجباتها تجاه الأمة العربية وبالأخص القضية الفلسطينية وفي هذا المقام يبرز العقيد الطاهر زبيري الدور الذي لعبه الجيش الوطني الشعبي في أول مشاركة له في الحروب العربية الإسرائيلية في 1967 بحسب ما ورد في مقال لجريدة الشروق الجزائرية بتاريخ 25/09/2011 أين جاء إلى الجزائر في أواخر جانفي 1964 وفد من الفلسطينيين يمثلون النواة الأساسية لما أصبح يعرف فيما بعد حركة التحرير الفلسطينية فتح التي أعلنت عن ميلادها الرسمي في الأول من جانفي 1965 وكانوا يسعون لتفجير ثورة فلسطينية مستقلة عن القيادتين المصرية والأردنية اللتين كانتا تسيّران قطاع غزة والضفة الغربية وضم هذا الوفد كلا من ياسر عرفات ومعه خليل الوزير المدعو أبو جهاد (اغتيل في تونس في الثمانينات) بالإضافة إلى أحمد وافي المدعو أبو خليل. ودون الخوض في تفاصيل الأمور وقت الرئيس الراحل أحمد بن بلة وحديث طائرات السوخوي وغيره من اللقاءات سجلت الجزائر موقفا مشرفا بجيشها أين كانت على أهبة الاستعداد لدخول أول حرب خارج حدودها الإقليمية ورغم أن الجيش الجزائري لم يكن في تمام جاهزيته القتالية بسبب حداثة الاستقلال الذي لم يمر عليه سوى خمس سنوات كما أن القوات الجوية والبحرية كانت في مرحلة التشكل والقوة كانت تكمن في طبيعة المقاتل الجزائري الذي صقلته حرب التحرير بكفاءة عالية لذلك كان الجيش الجزائري مستعدا لتزويد مصر بعدد من فيالق المشاة والفيالق الميكانيكية لكن المصريين كانوا بحاجة أكثر إلى طائرات سوخوي وإلى الغواصات فقواتهم البرية كانت قوية ومزودة بالدبابات والمدافع والصواريخ لكن نقطة ضعفهم كانت في سلاح الجو مما خلق عدم توازن بينهم وبين القوات الجوية الإسرائيلية أما عن سوريا وعن رئيس وزرائها وقتها السيد إبراهيم زعيل الذي كان برفقة السفير الجزائري وقتها في سوريا السيد عبد الكريم بن محمود أين تم رفع تقرير للرئيس الراحل هواري بومدين عن وضع الجولان حيث قام باستدعاء مجلس الثورة وعرض الحال عن منطقة الشرق الأوسط وطلبات كل من مصر وسوريا حيث تم تزويدهم بطائرات حربية وغواصات بعد الاتفاق على مساعدة الاخوة العرب في حروبهم مع اليهود. يبدو لحد الساعة موقف الجيش الجزائري مشرفا ولنفرض أن التشريف بحسب ما تسيله أقلام بعض من يريد تحييد الموقف الجزائري فعلى الأقل التزام الجيش الجزائري بالحياد في قضايا الدول الأخرى لهو كفيل لاحترام هذا التمثيل للجيش الجزائري الذي عرفت دولته الجزائر كيف تبني علاقاتها مع غيرها من العرب بسياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية الا اذا كان فيه طلب للمساعدة وتمثيلا للتأطير العربي الذي تسعى الجزائر لأن تحافظ على نفس مواقفها كما كانت سابقا أو ربما تطور من نهج التمثيل الديبلوماسي الراقي حفاظا على أواصر الأخوة التي تربطها بالدول العربية وهو ما يجب أن تعيه الشعوب العربية قاطبة خلافا للدول التي طبعت في سياساتها مع الكيان الصهيوني وفي هذا الموضوع بالذات أبدت الجزائر تحفظا احتراما لقرارات الدول الا ما قد يشكله من تهديد لحدودها وأمنها واستقرارها فالجيش الجزائري لا يمكن لأحد أن يتكلم عن مبادرته وخططه لأن هذا شأن عسكري يخصه لوحده ففقه المواطن العادي لن يصل في العمق كما يتصوره القادة لذلك يكفي فخرا أن الجزائر في مواقف جيشها كانت محترمة ولا تزال وأعطت نموذج احترام حريات مواطنيها في فرصة الحراك الشعبي على غرار ما يروج من انتهاك لحقوق الانسان اذ هناك تغليط سوء نقل للحقائق فالخارجون علن القانون لابد من ردعهم حتى لا تسود الفوضى وحتى لا تنتهزها الجماعات المتعطشة للسلطة لأن تخترق مجال السياسة بنوع من الانتهازية والاحتكار بما لا يخدم الصالح العام ففرق أن تعاقب من يكون عدوا للاستقرار وفرق أن تراقب شعبك في حراكه وتحميه ولا تردعه مقارنة بدول أخرى مثل ما يحدث الآن في دولة السودان على سبيل المثال قد لا أفقه في السياسة كثيرا لكني أتحدث كمواطنة جزائرية عن تشريفات الجيش الجزائري داخل الوطن وخارجه وما على الأبواق الا الدخول لبيت الطاعة والتزام الصمت لأن إدارة السلم والأمان لا يتقن فنونها الا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فلا نبخس الناس أشياءهم ولنا في قول الحق كلمة وما نجهله لا نخوض فيه مثلما يشاع عن سلوك البعض ووحده أرشيف الجيش الجزائري من يحتوي على الحقائق وبالأدلة الموثقة ويكفي في ذلك انطباع الدول العربية مع الجزائر في سلميتها وحيادها وبقدر كتابتي لهذه الأحرف المتواضعة فاني أكتب كلمات احترام وود للشعوب العربية ونسأل العلي القدير أن يوحد شملنا ويجمع كلمتنا على الثبات ونصرة القضايا المصيرية وأولاها القضية الفلسطينية .