يصوّر المتحف الأولمبيّ بمدينة لوزان السويسرية، الذّي افتتح عام 1993، ملحمة الرّياضة الأولمبية وأيضا علاقاتها مع الثقافة والعلم والسّياسة، هذه التحفة المعمارية الواقعة في قلب مدينة لوزان تجتذب سنويا جمهورا متنوعا ومن شتى أنحاء العالم، من المهتمّين بالرّياضة والمشغوفين بها، وليس من الصّدفة أن يندرج – بأكثر من 200 ألف زائر في العام – ضمن أكثر المتاحف السّويسريّة إقبالا. علاوة على ذلك، فهو يجلب جمهورا من بلدان مختلفة جدّا. فحوالي نصف الزّائرين ليسوا سويسريّين، حيث يقدمون من جميع القارّات بما في ذلك قارة افريقيا. "آخر ساعة" استغلت تواجدها في مدينة لوزان لزيارة هذا الصرح الرياضي، الذي يَدين بالكثير للأب الرّوحيّ للألعاب ومؤسّس الحركة الأولمبيّة الحديثة، بيير دي كوبرتان. فمن بين آلاف الأفكار التي خطرت بباله والعديد من المبادرات التي سخّر لها حياته، خطط البارون الفرنسيّ منذ بداية القرن الماضي، لإنشاء متحف للرّياضة. هذا هو ما يُحكى على أيّ حال هنا في لوزان، التي نقل إليها بيير دي كوبرتان في عام 1915 مقرّ اللّجنة الأولمبيّة الدّوليّة، فرارا من الحرب العالميّة الأولى. فبالنّسبة إلى هذه الشّخصيّة الفذّة، كانت الرّياضة عاملا مثاليّا للترويج، ليس فقط للتّربية والثقافة، ولكن أيضا للسّلام. منذ ذلك الحين، أصبحت لوزان العاصمة الأولمبيّة العالميّة، وبالتّالي، فقد كان مقدّرا لها أن تحتضن المتحف. من بين المجموعات التي يحتويها، توجد أيضا حتى اليوم عشرات الأغراض الخاصة التّي تركها بيار دي كوبرتان بعد رحيله. زيارة المتحف مقابل دفع 18 فرنك سويسري يفتح المتحف الأولمبي في لوزان أبوابه لكل سكان المعمورة، مقابل دفع مبلغ 18 فرنك سويسري حوالي 2000 دينار جزائري، مع العلم أن دخول الصحافيين يكون دون مقابل، وهو الأمر المعمول به هنا في سويسرا في أغلب المتاحف و الأماكن الأثرية، المتحف مفتوح طوال أيام السنة و الأسبوع ماعدا الفترة الممتدة من شهر أكتوبر الى أفريل فهو مغلق يوم الإثنين. ترميم المتحف دام سنتين و كلف 55 مليون فرنك سويسري تقوم فكرة المتحف على عرض كل ما يخص الرياضة الأولمبية قديما وحديثا من خلال عرض الميداليات والأعلام والملصقات والدروع والهدايا التذكارية والشارات، وصور للأبطال الأولمبيين والشخصيات الرياضية العالمية. أُعيد افتتاح المتحف الأولمبي في لوزان بعد سنتين من أشغال الصيانة والترميم. ومن خلال عروضه المُذهلة المستفيدة من قمة البراعة التكنولوجية، يحتفي المتحف الشهير بدون خجل بأمجاد الألعاب في مسعى واضح لوضع حد للجدل القائم بشأنها. ومع أن التسمية ظلت "المتحف"، فإن البناية الإستثنائية الواقعة على ضفاف بحيرة ليمان، تحولت بعد ترميمها إلى ما يشبه "المعبد" المُخصّص لتشريف الألعاب الأولمبية التي تم تجسيمها بواسطة حديقة رقمية. في البداية، كان هذا المتحف الذي بُني في عام 1992، مُخصّصا لتقديم سلسلة عروض تُخلِّد تاريخ الألعاب الأولمبية. و بعد إغلاقه للقيام بالترميمات التي كلفت حوالي 55 مليون فرنك سويسري، ها هو اليوم ينبعث من جديد بشكل معاصر، محتويا على كل المعدّات الإلكترونية والتجهيزات التكنولوجية للقرن الرابع والعشرين. متحف لوزان الوحيد الذي يستضيف الشعلة الأولمبية يعتبر هذا المتحف هو المكان الوحيد الذي يستضيف الشعلة الأولمبية بين كل فترات الألعاب الأولمبية وهو يشكل ارث عظيم لجميع هؤلاء الذين أسهموا وشاركوا في تلك الألعاب على مر السنين الماضية. أكثر من 20 مليون زائر للمتحف لحد الآن والأن وبعد مرور 21 سنة على انشائه استقبل خلالها أكثر من 20 مليون زائر، دخل المتحف في مرحلة جديدة بعد استكمال أعمال التحديث والصيانة والتوسيع حيث تم توسيع معظم أجزائه بما فيه منطقة العرض والمنتزه المحيط به ومواقف السيارات وغيرها. متحف على الهواء يمكن للزوار أن يروا المتحف من خلال الحديقة الأولمبية وبالتالي سيتحول المنتزه الى متحف خارجي يكرس لأعمال فنية وغيرها من الأنشطة، في حين يتم تزيين الطريق القديم بسلسلة من المنحوتات لفنانين كبار من أمثال ايغور ميتوراغ وادواردو تشيلادا و بيروكال، و كالدر و نيكي دو سان فال وجان وميشال فولون وعلاوة على ذلك يمكن للزائر التمتع بالألعاب الرياضية ومشاهدة مشاهير الألعاب أو ببساطة الاستمتاع بالجو الرائع في المدرج الأخضر أمام معهد الدراسات الأولمبية. تجربة جديدة للزوار تم اعادة ترتيب قاعات العرض لتشمل ثلاثة طوابق تمثل مراحل الأولمبياد : أولا نفوذها في جميع أنحاء العالم وفي المجتمع، ثم دورة الألعاب الأولمبية نفسها، وأخيرا الرياضيين والروح الأولمبية. وتبلغ مساحة قاعت العرض 3000 متر مربع ويتم استخدام تقنيات العرض الحديثة اضافة الى أكثر من 300 شاشة و1000 مجسم تحكي قصص أبطال كبار أو منافسين أقل شهرة الى جانب المبدعين أو المتطوعين، وجميعهم يأتون معا في كل دروة من الألعاب الأولمبية لإعطاء العالم حدثا استثنائيا. من فكرة بسيطة في العصر الاغريقي الى الانفجار الكبير ان الموضوع الأول الذي سيغوص فيه الزائر للمتحف هو عامل الأولمبياد الدائم التوسع حيث سيكتشف كيف بدأت هذه الألعاب من فكرة بسيطة في العصر الاغريقي الى الانفجار الكبير عام 1894 عندما أطلق بيير دي كوبرتان فكرة إحياء هذه الألعاب وتوسيعها مما أتاح لها أن تجذب أكثر من 4 مليارات نسمة سواء كانوا من المشاركين أو المتفرجين أو غيرهم. و تم تكريس الطابق الثاني تماما لمنافسات دورة الألعاب الأولمبية لتكون في قلب التجربة للزائرين، حيث تركز على التاريخ الرياضي العظيم للأبطال والألعاب الأولمبية اضافة الى تطور الرياضة و برنامج الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية، وكذلك نشأة الألعاب الأولمبية للمعاقين والألعاب الأولمبية للشباب من خلال أحدث التقنيات السمعية والبصرية. ويمكن للزائر أن يغوص في قاعدة بيانات تحتوي على أكثر من ألف مقطع فيديو حول الألعاب الأولمبية، أما الطابق الثالث من المعرض فيعكس الروح الأولمبية من أجل تقديم أجوبة على الأسئلة التالية: كيف يمكنك أن تصبح بطل أولمبيي؟ كيف يمكن أن تخوض تجربة النصر أو الهزيمة عندما تشارك في المسابقة؟ ما هي الحدود الأخلاقية أو التنظيمية؟ هذا الى جانب تجربة التدريب والعمل الفردي والشعور بالفرح واقامة صداقات حميمة وغيرها من الأنشطة التي تسلط الضوء كل جوانب عالم الأولمبياد من خلال اجتماعات مفترضة مع أبطال. صور ثلاثية الأبعاد للزوار لاكتشاف الألعاب الأولمبية ففي ركن من البناية، تسمح صور ثلاثية الأبعاد للزوار باكتشاف الألعاب الأولمبية الأصلية، مثلما كانت تُمارَس في مدينة أولامب باليونان القديم. وفي ركن آخر، عرض للأفكار التي جسّمت الألعاب الأولمبية المُعاصِرة، انطلاقا من أفكار مؤسسها الفرنسي بيار دو كوبيرتان. هناك أيضا هيمنة للتعبير بالصور، إلى حدِّ أن الأمر يبدو في بعض الأحيان مُبالَغا فيه مثلما هو الحال مع تجسيم تساقط المطر فوق نافذة مكتب بيار دو كوبيرتان، ويبدو أن المقصود بذلك يتمثل في إحداث تأثير نفسي على الزائر والمشاهد. زيارة المتحف تبدأ من الجزء العلوي تنطلق الزيارة من الجزء العلوي للبناية وتنحدر عبر الطوابق الثلاثة، إذ تقول احدى السيدات العاملات بالمتحف، و التي رافقتنا في الزيارة تصوّرنا ذلك على شكل عرض سينمائي بسيناريو وصور مخصّصة لكل موضوع". وهناك موضوع رئيسي في كل طابق. الطابق الأول مخصّص "لعالم الألعاب الأولمبية" (الجانب التاريخي) الطابق الأول مخصّص "لعالم الألعاب الأولمبية" (الجانب التاريخي)، أي لما بدأت الألعاب تتطوّر بشكل واضح كأحسن فكرة تحدث في تاريخ الإنسانية. ثم نصل إلى الرجال العظماء الذين ساهموا في تجسيد الألعاب الأولمبية القديمة منها والحديثة، ثم نعود للاستمتاع بالماضي عند رؤية المشاعل التي رفعت في كل دورة منذ عام 1936 وحيث يتم استعراض الطريقة التي تمّت بها مواجهة الأوضاع الصّعبة التي نظمت فيها الألعاب بكل نجاعة وأناقة. وهذا الجانب من العرض، هو موجّه أيضا لتوضيح براعة المهندسين المعماريين والساهرين على الديكور والفنانين الذين ساهموا في تصميم الألعاب. الطابق الثاني مخصّص لرحلة عبْر مختلف "دورات الألعاب الأولمبية" الطابق الثاني مخصّص لرحلة عبْر مختلف "دورات الألعاب الأولمبية" ولتخلد الرياضي وحده الذي بدونه لم يكن ممكنا للألعاب أن ترى النور. وفي المعدّات التي كان يستعملها الرياضيون، احسن سرد لقصّتهم. أما الأفلام، فتعبِّر عن لحظات الفوز التي عاشوها. الطابق الثالث يحمل شعار "الروح الأولمبية" الطابق الثالث يحمل شعار "الروح الأولمبية"، وفيه استعراض للمكوِّنات الضرورية لخلق بطل، ولكن مع تركيز على المعايير الأخلاقية التي عليهم مواجهتها، حيث يتلقى الرياضيون تحضيراتهم الجسدية والنفسية والغذائية. هناك عروض لبعض الماركات مثل "فاندوس" و"تيسكو"، إلى جانب معدّات حديثة تساعد على تقوية المجهود الرياضي، مثل بعض المكوِّنات المختلطة التي بدأت تعوِّض قصَب البامبو المُستعمَل من قِبل رياضيي القفز أو أحذية مستخدمة لتكنولوجيا متقدّمة جدا.