قرر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في رسالة وجهها إلى الشعب الجزائري عن تأجيل الانتخابات الرئاسية المبرمجة يوم 18 أفريل 2019. وكشف عن إجراء «تعديلات جذرية على تشكيلة الحكومة و تنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة، وأعلن عن عدم ترشحه لعهدة رئاسية خامسة تلبية لرغبة الجزائريين الذين نظموا مسيرات سلمية حاشدة في كل المدن الجزائرية وخرجوا إلى الشارع أيام الجمعة 22 فيفري و1 مارس و8 مارس، وحتى الجزائريين المقيمين خارج أرض الوطن خاصة في فرنساوسويسرا والعديد من الدول الأوربية وكندا ضموا صوتهم لأصواب الرافضين للعهدة الخامسة، كما التحق بالحراك الشعبي المحامين والقضاة والنقابات والمؤسسات العمومية الكبيرة، وتعالت الأصوات الرافضة لترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة وطالب الشعب بإحداث تغييرات جذرية في النظام الحالي، وعاش الجزائريون حالة كبيرة من الترقب خاصة بعد نقل رئيس الجمهورية بوتفليقة إلى سويسرا يوم 24 فيفري الماضي من أجل العلاج بمستشفى سويسرا وعودته مساء أول أمس إلى أرض الوطن. بوتفليقة:» حالتي الصحية وسني لا يسمحان لي بالترشح» وجاء في رسالة بوتفليقة للجزائريين العديد من التصريحات الهامة حيث قال:»لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لم أنْوِ قط الإقدام على طلبها حيث أن حالتي الصحية و سِنّي لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا و هو العمل على إرساء أسُس جمهورية جديدة تكون بمثابة إطار للنظام الجزائري الجديد الذي نصبو إليه جميعًا. إن هذه الجمهورية الجديدة، وهذا النظام الجديد، سيوضعان بين أيدي الأجيال الجديدة من الجزائريات و الجزائريين الذين سيكونون الفاعلين والمستفيدين في الحياة العمومية وفي التنمية المستدامة في جزائر الغد». «عدم إجراء الانتخابات الرئاسية هو استجابة لمطلب الجزائريين» وعن الانتخابات الرئاسية قال:»لن يُجْرَ انتخاب رئاسي يوم 18 من أفريل المقبل. و الغرض هو الاستجابة للطلب المُلِح الذي وجهتموه إلي، حرصا منكم على تفادي كل سوء فهم فيما يخص وجوب و حتمية التعاقب بين الأجيال الذي اِلْتزمت به. ويتعلقُ الأمر كذلك بتغليب الغاية النبيلة المتوخاة من الأحكام القانونية التي تكمُن في سلامة ضبط الحياة المؤسساتية، و التناغم بين التفاعلات الاجتماعية – السياسية ؛ على التشدد في التقيد باستحقاقات مرسومة سلفا. إن تأجيل الانتخابات الرئاسية المنشود يأتي إذن لتهدئة التخوفات المعبَّر عنها، قصد فسح المجال أمام إشاعة الطمأنينة والسكينة و الأمن العام، ولنتفرغ جميعا للنهوض بأعمال ذات أهمية تاريخية ستمكّننا من التحضير لدخول الجزائر في عهد جديد، وفي أقصر الآجال». «التعديلات في الحكومة ستكون مدروسة وردا مناسبا على المطالب» أما فيما يخص مطالب الجزائريين الذين خرجوا في وقفات سلمية وطالبوا بضرورة إحداث تغييرات جذرية في النظام فقال بوتفليقة:»عزما مني على بعث تعبئة أكبر للسلطات العمومية، وكذا لمضاعفة فعالية عمل الدّولة في جميع المجالات، قرَّرتُ أن أُجري تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة، في أقرب الآجال. والتعديلات هذه ستكون ردًا مناسبا على المطالب التي جاءتني منكم وكذا برهانا على تقبلي لزوم المحاسبة و التقويم الدقيق لممارسة المسؤولية على جميع المستويات، وفي كل القطاعات». «الندوة الوطنية المستقلة ستحدد موعد الانتخابات قبل نهاية 2019» كما جاء أيضا في رسالة بوتفليقة:»الندوة الوطنية الجامعة المستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس و إعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكل أسيسة النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية، هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرة، التي أختم بها ذلكم المسار الذي قطعته بعون الله تعالى و مَدَدِهِ، و بتفويض من الشعب الجزائري، وستكون هذه النّدوة عادلة من حيث تمثيلُ المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من المشارب و المذاهب، وستتولى النّدوة هذه تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعددية، على رأسها شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019، كما سيُعرض مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية على الاستفتاء الشعبي، والندوة الوطنية المُستقلة هي التي ستتولى بكل سيادة، تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال». «الانتخابات الرئاسية ستجرى تحت إشراف لجنة انتخابية وطنية مستقلة بعد انتهاء الندوة الوطنية» وعن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية قال:»سيُنظَّم الانتخاب الرئاسي، عقب الندوة الوطنية الجامعة المستقلة، تحت الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة، ستُحدد عهدتها وتشكيلتها و طريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاص، سيستوحى من أنجع و أجود التجارب والممارسات المعتمدة على المستوى الدَّوْلي. لقد تقرر إنشاء لجنة انتخابية وطنية مستقلة استجابةً لمطلب واسع عبرتْ عنه مختلف التشكيلات السياسية الجزائرية، وكذا للتوصيات التي طالما أبدتها البعثاتِ الملاحظة للانتخابات التابعة للمنظمات الدّولية والإقليمية التي دعتْها واستقبلتها الجزائر بمناسبة المواعيد الانتخابية الوطنية السابقة» وتابع في بوتفليقة في رسالته «بغرض الإسهام على النحو الأمثل في تنظيم الانتخاب الرئاسي في ظروف تكفل الحرية والنزاهة و الشفافية لا تشوبها شائبة، سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية، تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية. و الحكومة هذه ستتولى الإشراف على مهام الادارة العمومية و مصالح الأمن، و تقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة، و من جانبه ، سيتولى المجلس الدستوري ، بكل استقلالية، الإضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانون، فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي»، وختم بوتفليقة رسالته قائلا: «أتعهّدُ أمام الله عزَّ وجلَّ، و أمام الشعب الجزائري، بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة و هياكلها و مختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات المحليّة، من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه. كما أتعهّدُ بأن أسهر على ضمان مواظبة كافة المؤسسات الدّستورية للجمهورية، بكل انضباط، على أداء المهام المنوطة بكل منها، و ممارسة سُلطتها في خدمة الشعب الجزائري و الجمهورية لا غير. خِتامًا أتعهّدُ، إن أمدني الله تبارك وتعالى بالبقاء والعون أن أسلم مهام رئيس الجمهورية و صلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية».
الجزائريون يخرجون إلى الشارع ويحتفلون بانتصارهم خرج الجزائريون في كل ولايات الوطن أمس إلى الشارع من أجل الاحتفال بالنصر الذي حققوه حيث تحققت في نهاية المطاف إرادة الشعب الذين نظموا مسيرات ووقفات سلمية رافضة للعهدة الخامسة وطالبوا بتغيير النظام، وأعطى «الشعب» دروسا حقيقية للعالم في طريقة الاحتجاج السلمي ونوه الكثيرون من الأجانب بمدى تحضر الجزائريين، وفضل العديد من الشبان والعائلات أن يخرجوا إلى الشارع من أجل التعبير عن فرحتهم مباشرة بعد قراءة رسالة بوتفليقة التي كشف فيها عن تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مبرمجة يوم 18 أفريل القادم وتأكيده أنه لن يترشح لعهدة خامسة.