عرفت فترة حكم عبد العزيز بوتفليقة التي امتدت من سنة 1999 إلى 2019 أي 20 سنة كاملة بحبوحة مالية كبيرة وذلك بفضل وصول أسعار المحروقات إلى أرقام قياسية وهو الوضع الذي استغلته العصابة التي وضعت يدها على مقدرات البلاد من أجل نهب العملة الصعبة بأرقام خيالية وتحويلها نحو الخارج..والآن وبعد إدخال رؤوس العصابة الواحد تلو الآخر إلى السجن فإن استرجاع هذه الأموال أصبح أكثر من ضرورة ولكنه مربوط ربما بإرادة سياسية وباعتبارات قانونية. إلتهمت مخططات إنعاش الاقتصاد الوطني خلال فترة حكم بوتفليقة 758 مليار دولار، ففي العهدة الأولى خصص النظام البوتفليقي غلافا ماليا قدره 10 ملايير دولار ما بين 2001 و2004 لبرنامج دعم الإنعاش الاقتصادي الذي كان الهدف منه تحفيز المؤسسات الوطنية وتنشيط السوق وفي العهدة الثانية خصص للبرنامج الذي أضحى يسمى البرنامج الخماسي غلافا ماليا قدره 2000 مليار صرفت بين 2005 و2009 وتم تخصيص الجزء الأكبر منه للبنى التحتية والمنشآت القاعدية، ثم جاء البرنامج الخماسي الأكبر (2010-2014) من حيث القيمة والذي تم رصد له 286 مليار دولار تحت عنوان تحفيز الاقتصاد والإنتاج الوطني، أما المخطط الخماسي الرابع (2015-2019) فخصص له غلاف مالي قدره 262 مليار دولار وتشير توقعات الخبراء الاقتصاديين إلى أن ما يقارب من نصف الغلاف المالي الذي تم رصده لمختلف البرامج خلال 20 سنة من حكم بوتفليقة تم تحويلها بطريقة غير شرعية نحو الخارج، حيث تشير التقديرات إلى أنه ما بين 300 و350 مليار دولار تم تحويلها بطريقة غير شرعية إلى خارج البلاد خلال الفترة المذكورة وتبقى هذه الأرقام مجرد تقديرات باعتبار أن الجزائر لم تستفد من مرافقة مؤسسة مثل البنك الدولي لمعرفة الرقم الذي تم تهريبه خلال العشرين سنة الماضية، باعتبار أن البنك الدولي لديه آليات تسمح له بإعطاء أرقام تقريبية بخصوص الأموال التي يتم تحويلها في العديد من الدول على غرار ما قام به البنك مع كل من مصر (123 مليار دولار)، تونس (1 مليار دولار) والعراق (300 مليار دولار) وغيرها من الدول وبالنظر إلى المبلغ الضخم من العملة الصعبة الذي تم تهريبه من الجزائر والذي يمكن استغلاله في إعادة بناء البلاد بأكملها فإنه من الضروري السعي لاستعادة هذه الأموال التي تم تحويلها، خصوصا وأن البلاد تعيش وضعا اقتصاديا صعبا للغاية، غير أن ذلك يبقى مرهونا بإرادة سياسية لاسترجاع هذه الأموال المنهوبة واعتبارات قانونية أيضا باعتبار أن هذه الأموال تتواجد في بنوك دولية ولنا في تجارب مصر، تونس وليبيا عبرة في هذا المجال، لذا فإذا كان سجن رؤوس العصابة يمكن وصفه بالاستثنائي فإن استرجاع أموال الجزائريين سيزيد من فرحة الشعب ويؤكد على اتجاه البلاد نحو إصلاح ما تم إفساده خلال 20 سنة.