»...لا تطمئنّي إلى رجل انصرف عن طاعة الله مأخوذا بدنياه، إن من لا يعترف بفضل الله عليه لن يعترف بجميلك، و من لا يستحي من ملاقاة الله مذنبا، سُيذنب في حقّك من دون شعور بالذنب، و من ترك صلاته وصيامه بذرائع واهية، و تربّى عليها، سيعثر حين يشاء على الذرائع التي يحتاج إليها لتركك. من لا يرى أبعد من حياته ولا يحسب للآخرة حسابا، هو في الحبّ لا يرى أبعد من لحظته، ولن يصدّق في التزامه معك أبعد من يومه، و من نسي أن الله يراه، سينسى أن يرى دموعك حين تبكين ظلمه، ومن لم يعتد التضرّع لله طلبا للغفران، لن تجد معه عند الحاجة تضرّعاتك.« هذا المقطع الجميل هو جزء فقط من موعظة هادفة من حيث المبنى والمعنى ليست لداعية من دعاة خمسة نجوم ممن تعجّ بهم فضائيات هذا الزمان ولا لشيخ من شيوخ التصوف والأدب مع الله. هذه الموعظة هي واحدة من سلسلة مواعظ دينية موجهة للنساء نشرت طيلة رمضان على صفحة »فيس بوك« لصاحبة رائعة »ذاكرة الجسد« الكاتبة أحلام مستغانمي. أجل، أحلام كشفت عن وجهها الآخر وعن نفس روحي شفيف وأسلوب سلس يحبل بالمعاني النورانية والنصائح البليغة لكل النساء اللائي يتواصلن عبر الإنترنت ويتوافدن على العوالم الافتراضية والمعلوماتية. بالتأكيد فإن هؤلاء النسوة هن من الجيل الجديد معظمهن متعلمات ومن فئات عمرية شابة، متفتحات أكثر على العولمة وتحديات الآخر ثقافة واستهلاكا، مما يعطي لمثل هذه المبادرة التي قامت بها أحلام مستغانمي قيمة كبيرة لأنها تفتح عيونهن على فن المعاملة والطاعة والعلاقة مع الرجل ضمن إطار الزوجية أو استعدادا لها، أو حتى بعيدا عن مشروع الزواج أي في دائرة الحياة والكفاح في سبيل تحقيق الذات العلمية والمهنية والأخلاقية. مثل هذه المبادرة المعروفة أكثر في الغرب حيث ينفتح الكُتّاب على القراء من خلال مواقع الدردشة ومواقع الفيس بوك من أجل التواصل أكثر، أدت إلى ذيوعها وانتشارها اللافت، وهو ما حصل لمستغانمي بفعل شهرتها ومكانتها الأدبية والفنية وبحكم قيمة هذا النوع من المدونات الدينية الرقيقة، مما أحدث تفاعلا كبيرا بينها وبين القرّاء ومستعملي الانترنت. ربما هذا ما دفع بعض الصحف إلى الإشادة بما تكتب أحلام التي ارتدت حسبها عباءة الدعاة وبدأت بتوجيه خطاب لبنات جنسها يتسم بروح دينية ونفس دعوي، فكتبت في صفحتها حزمة من المواعظ والنصائح تعين المرأة على اختيار الرجل المناسب لها، وبدت تلك الكتابة متسقة مع شهر رمضان الكريم. ربما توقفت المبادرة مع نهاية الشهر الفضيل لكن التواصل مطلوب في باقي أشهر السنة وفي مناسبات كثيرة يُطلب دائما فيها من الكُتّاب أن ينفتحوا على عوالم أخرى ويتواصلوا بالناس حبّا وتأثيرا ليس فقط بالكتابة الكلاسيكية ولكن بكتابات أخرى مميزة ورقيقة الدلالة والشكل مثلما تتيحه العولمة، بدل أن ينكمش المبدعون على ذواتهم ويتهمون الجمهور بالضعف وقلة الإقبال عليهم وعلى إنجازاتهم..! »الحكم نتيجة الحكمة والعلم نتيجة المعرفة، فمن لا حكمة له لا حكم له، و من لا معرفة له لا علم له« ابن عربي