مكافحة الفساد: الحكومة الجزائرية قامت بإصلاحات وطنية كبرى    فلاحة: السيد شرفة يبحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    قسنطينة: السيد عون يدشن مصنعا لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    يعقد هذا الجمعة بتركيا.. مجلس الأمة يشارك في مؤتمر "رابطة برلمانيون من أجل القدس"    عطاف يؤكد:الوضع المأساوي في قطاع غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا: تأكيد على ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق    وزير الداخلية: استلام 134 منطقة نشاط مصغرة مع نهاية 2024    محمد عرقاب : نحو استحداث 4 معاهد تكوينية متخصصة في مجال المناجم    المجمع الجزائري للغة العربية : الإعلان عن تأسيس الجائزة الوطنية في علوم اللغة العربية    طاقة ومناجم: "نسعى الى استغلال الأملاح الناتجة عن تحلية مياه البحر"    وهران: إيفاد لجنة من وزارة التربية الوطنية للنظر في أسباب سقوط سقف لقسم بمدرسة ابتدائية    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    استعراض آفاق قطاعات النقل والرقمنة في الجزائر    ضرورة توفر وسائل إعلام قوية لرفع التحديات    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    الشفافية والصرامة في إعداد دفتر شروط التجهيزات الطبية    الوضع في غزة على رأس أولويات الجزائر في مجلس الأمن    تم معالجة 40 ألف شكوى تلقاها وسيط الجمهورية وطنيا    لا تزال الأزمة تصنع الحدث في الساحة الرياضية: بيان رسمي .. اتحاد العاصمة يعلّق على عدم إجراء مباراته أمام نهضة بركان    لا مفر من الرحيل عن ليل: بعد إهانة ليل.. صديق آدم وناس يكشف "المؤامرة "الفرنسية    الخطوط الجوية تعلن عن عرض جديد    محطة تضمن 50 رحلة طويلة يوميا ومؤسسة حضرية هامة    شلالات "كفريدة" تستعيد جمالها    العماني: مواقف الجزائر مشرفة في المحافل الدولية    التحكم في الرقمنة لتحسين خدمات قطاع العدالة    المزاوجة بين اكتساب المهارة والاحترافية العالية    جهود كبيرة للجزائر بقيادة الرئيس تبون لوقف الإبادة الجماعية في غزة    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    مطالب بحماية الشعب الصحراوي من الاضطهاد المغربي    دعم الإبداع والابتكار في بيئة ريادة الأعمال    معالجة 245 قضية إجرامية    سقوط عامل من الطابق السادس لعمارة    90 بالمائة من الأبناء يفشلون لعدم الاهتمام بمواهبهم    العاصمة.. إحصاء 248 مشروع تنموي في مختلف القطاعات    المدرسة العليا للدّفاع الجوي..صرح علمي بكفاءات عالية    قصف ومجازر وسط القطاع واقتحامات للمسجد الأقصى    المنتخب الوطني يتعادل أمام نظيره التونسي    الجزائر تشارك ب650 عنوان    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    توظيف التراث في الأدب.. عنوان المقاومة..    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    فلسطين: انتشار مكثف لجنود الاحتلال في القدس وغلق كافة الممرات المؤدية للمدينة    دعوة لإنشاء جيل واع ومحب للقراءة    رأس الحمراء و"الفنار".. استمتاع بالطبيعة من عل    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    ساهم في فوز فينورد بكأس هولندا: راميز زروقي يتذوّق أول لقب في مشواره    القرار سينفذ هذا الصيف: منع كراء عتاد الاستجمام و زوارق النزهة بشواطئ عنابة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذئاب المنفردة: ودلالات التصعيد الإرهابي في أوروبا..
نشر في صوت الأحرار يوم 29 - 07 - 2016

بات الأمر واضحا أن أوروبا تشهد هجمات إرهابية بوتيرة متصاعدة، ما يرشح بقوة فرضية الذئاب المنفردة، التي تغذيها العديد من الأسباب، التي جعلت أوروبا بمثابة القارة الحاضنة طبيعيا لهذه الذئاب.
قبل استهداف مطار بروكسل 2016، وقبل تفجيرات باريس 2015، وهجوم نيس 2016، وهجمات ميونيخ 2016 ، شهدت أوروبا حالات إرهابية أخرى مثل الهجمات التي نفذها محمد مراح في تولوز عام 2012 ، ثم هجوم الإخوة كواشي على شارلي إيبدو عام 2015، ثم قام أحمد كوليبالي بعملية إرهابية في نفس السنة، وفي ذات السنة أيضا تعرض مصنع للغاز أمريكي فرنسي للهجوم، وفي السنة نفسها كذلك تعرض قطار من أمستردام إلى باريس للهجوم. ما يعني أن الهجمات الإرهابية في تصاعد مستمر في أوروبا.
وقد انقسم المحللون بشأن الهجمات الإرهابية التي تستهدف أوروبا خلال السنوات الأخيرة، بين من يؤكد نظرية الذئاب المنفردة وبين من ينفيها. ففي الوقت الذي تعمل فيه السلطات الحاكمة في أوروبا على التسويق بأن الأعمال الإرهابية في أوروبا معزولة ولا علاقة لها بتنظيمات إرهابية كبرى مثل القاعدة وداعش، بهدف إضفاء الطمأنينة عند مواطنيها ورفع معنويات الأجهزة الأمنية حتى لا يتم الإعتقاد بأن هناك ضعف أمني أو اختراق أمني لأجهزة الأمن في أوروبا، يرى الكثير من الخبراء أن الهجمات التي استهدفت أوروبا لها علاقة بالتنظيمات الإرهابية وليست أعمال معزولة.
الذئاب المنفردة: عنوان الإرهاب الجديد
إن مصطلح "الذئاب المنفردة" حسب الكثير من المتتبعين للشأن الأمني، أطلقه تنظيم داعش في 2010، حيث يتم تحريض مجموعة من الأشخاص على تنفيذ أعمال إرهابية بشكل منفرد، بسبب صعوبة النشاط أو تحرك الإرهاب في شكل جماعات، وبالتالي فإن القيام بأعمال إرهابية بشكل منفرد يكون أسهل.
والذئاب المنفردة هم أفراد يعيشون في عدة دول لا تقع تحت سيطرة داعش، أي لا يعيشون في ليبيا أو سوريا أو العراق، مثل المتطرفين الذين يعيشون في بلجيكا أو فرنسا أو ألمانيا أو غيرها من الدول.
وفي 2010 قدم تنظيم القاعدة في اليمن وصفة إرهابية بعنوان : كيف تصنع قنبلة في مطبخ أمك؟ ودعا المتعاطفين معه في الدول الغربية إلى القيام بعمليات إرهابية فردية هناك. وهذا ما يؤكد أن ما يحدث في أوروبا له علاقة فعلية بالتنظيمات الإرهابية الكبرى مثل داعش والقاعدة.
ونقلت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية المختلفة أن أمير داعش أبو بكر البغدادى أطلق مصطلح "الذئاب المنفردة"، في منتصف نوفمبر 2014 عندما دعا إلى استهداف المواطنين الشيعة في المملكة العربية السعودية، ثم قالت مواقع إلكترونية تابعة لداعش أنها تخوض حربا جديدة عنوانها "الذئاب المنفردة جيش الدولة الإسلامية".
وعلى هذا الأساس شكك الكثيرون في كون الأعمال الإرهابية الأخيرة التي شهدتها بعض الدول الأوروبية أحداثا معزولة، يكفي أن يقوم تنظيم داعش بتبني العملية، وتصويرها وبثها في مواقعه الإلكترونية.
والحقيقة أن الذئاب المنفردة أضحت أخطر على أوروبا، لأنه من السهل تفكيك جماعات إرهابية، لكن من الصعب أن يصبح كل مواطن أو مهاجر أو لاجئ إرهابي لدى أجهزة الأمن الأوروبية، ومن الصعب جدا توقع العمليات الإرهابية بسبب بدائية الطرق التي تستعملها الذئاب المنفردة في عملياتها الإرهابية، مثل الدحس بالشاحنات وإطلاق النار داخل التجمعات، أو الطعن بالخناجر أو زرع المتفجرات وغيرها.
ولأن الحرب الإرهابية الجديدة تعرف باسم "الذئاب المنفردة" فإن التنظيمات الإرهابية لم تعد تعتمد على الوسائل التقليدية للتجنيد، بل أضحت تعتمد على وسائل إعلام فردانية وليست جماهيرية مثل الأنترنيت وشبكات التواصل الإجتماعي. وقد نقلت وسائل إعلام إلكترونية أن تنظيم الدولة أو داعش يمتلك أكثر من 90 ألف صفحة على موقع فيسبوك وتويتر باللغة العربية، و40 ألفاً صفحة بلغات أخرى.
وربما تكون أوروبا هي القارة التي تحتضن الذئاب المنفردة لأن هناك عدد كبير من المقاتلين الأجانب ينتمون لجنسيات مختلفة من دول أوروبية في تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا، وعندما يعودون إلى بلدانهم الأصلية متشبعون بالأفكار الجهادية فليس مستبعدا أن يتحولوا إلى ذئاب المنفردة ويكونون خلايا تابعة لداعش، وتبعا لتعليمات البغدادي فإنهم لا يتلقون أي تعليمات أو أوامر من التنظيم للقيام بعمليات إرهابية.
ويرى الكثير من المحللين والمتتبعين للشأن الأمني أن هجوم متحف بارودو في تونس وهجوم سوسة قامت به الذئاب المنفردة، ونفس الشيء للإهجمات افرهابية في باريس ونيس وبروكسل وميونيخ في ألمانيا وغيرها كثير.
عوامل تغذية الذئاب المنفردة
عندما نحاول فهم خلفيات التصعيد الإرهابي للذئاب المنفردة في أوروبا، نلاحظ أن هناك جملة من العوامل تغذي تكاثر هذه الذئاب من بينها:
1- وجود أوروبيين في صفوف داعش يقاتلون في ليبيا وسوريا والعراق، ولديهم قدرات على التواصل عبر شبكات الأنترنيت مع نظرائهم في أوروبا، ما يعزز احتمال ميلاد الذئاب المنفردة في أوروبا.
وفي وقت سابق نشرت وسائل الإعلام الأوروبية أرقاما حول عدد المقاتلين العرب والغربيين في صفوف داعش، كشفت أن بلدان الخليج العربي، والأردن، يأتون في المرتبة الأولى، وأفريقيا في المرتبة الثانية، بينما عادت المرتبة الثالثة للأوروبيين بنحو 2000 مقاتل، وجاءت بريطانيا في المرتبة الأولى بنحو 500 مقاتل، تلتها فرنسا ثم بلجيكا ثم ألمانيا ثم هولندا.
كذلك نشرت صحف أوروبية أن النساء يشكلن نحو 10 في المئة من مجموع المقاتلين الذين يلتحقون بداعش، وترتفع نسبتهن في فرنسا إلى 25 بالمئة.
وأكدت مصادر أمنية بريطانية أن نحو 50 فتاة وامرأة من بريطانيا التحقن بصفوف داعش في سوريا ، كما أكدت مصادر أمنية ألمانية أن نحو 40 فتاة من ألمانيا التحقن بداعش.
2- تورط الحكومات الأوروبية في الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة العربية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام، وهو ما يمكن أن يولّد روح الإنتقام عند الأوروبيين من أصول عربية أو شرقأوسطية، فيتحولون إلى ذئاب منفردة ينتقمون للوضع في بلدانهم.
3- استقبال أوروبا للعديد من المهاجرين في السنوات الأخيرة، خاصة على خلفية أحداث الربيع العربي، الأمر الذي يرشح بعضهم كي يتحولوا لذئاب منفردة في حالة تبخر حلمهم من الهجرة. فألمانيا استقبلت حوالي 750 ألف لاجئ، واستقبلت فرنسا بدورها نحو 350 ألف لاجئ، واستقبلت بريطانيا نحو 170 ألف لاجئ.
4- فشل سياسات إدماج ذوي الأصول العربية أو الإفريقية والإسلامية في المجتمعات الأوروبية ما جعلهم بمثابة مواطنين من الدرجة الثانية رغم حملهم جنسية أوروبية ومولودون في أوروبا وكثير منهم لم يزوروا بلدانهم الأصلية أصلا.
5- تصاعد اليمين المتطرف في أوروبا المعادي للأجانب مثل حركة " البيجيدا في ألمانيا"، التي قامت في عام 2015 بعدة مظاهرات ومسيرات وحركات احتجاجية ضد الاجانب. الأمر الذي يغذي لدى الأجانب النزعة في التحول لذئاب منفردة.
6- فشل سياسات التعامل مع المهاجرين، ففي ألمانيا مثلا يوجد ما لا يقل عن 11 مليون مهاجر ، وبلغ عدد المواطنبن الألمان من أصل أجنبي نحو 17 مليون مواطن، ما يمثل نسبة 20 بالمئة من السكان الألمان البالغ عددهم نحو 81 مليون نسمة. ويقدر عدد المسلمين في المانيا بنحو 4.7 مليون. وينطبق هذا التوصيف على فرنسا التي تحصي ما لا يقل عن 10 مليون من أصول إسلامية.
وهكذا يمكن القول أن أوروبا أصبحت القارة الحاضنة الطبيعية للذئاب المنفردة، وينبغي عليها إعادة النظر في الكثير من السياسات المنتهجة داخليا وخارجيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.