جريمة قتل الطالب الزيمبابوي ندودزو بروسبير في عنابة تسيء إلى صورة الجزائر وشعبها، ولا يكفي القول بأن الجرائم تحصد الضحايا بصرف النظر عن أصولهم وجنسياتهم، وهي تستهدف الجزائريين أكثر من غيرهم، للتهوين مما جرى. الرواية الأولى التي راجت عن جريمة القتل، حسب ما نقل عن رفاق الضحية الذين شهدوا الواقعة، تقول بأن ثلاثة شبان حاولوا سرقة هاتف الضحية الذي كان يجري مكالمة هاتفية وعندما قاومهم طعنوه بسكين في الرقبة والركبة وبقي ينزف لفترة لأن الاسعافات تأخرت، كما أن الشرطة لم تصل إلا بعد نصف ساعة من وقوع الجريمة، في حين رفض سائقو السيارات نقل الطالب المصاب إلى المستشفى. هذه الرواية فيها كثير من التفاصيل المسيئة إلى الجزائريين مثل تأخر وصول الإسعافات، لكن أسوأ ما فيهاعلى الإطلاق هو رفض أصحاب السيارات إسعاف شخص في حالة خطر شديد، ولا تهم كثيرا هنا جنسية الضحية رغم أنها تزيد في قبح صورتنا، فالرفض قد تكون له خلفيات كثيرة لكنه يعكس الحرص على السلامة وعدم التورط حتى وإن كانت النتيجة وفاة إنسان وهو ما حدث بالفعل، ومهما تكن خلفيات أولئك الذين رفضوا تقديم المساعدة فإن ما جرى يعكس حالة من الانحطاط الأخلاقي لا يمكن تجاهلها. الدافع الحقيقي للجريمة يتغير في الرواية التي يكون قد قدمها الجناة الثلاثة الذين تم إلقاء القبض عليهم، وحسب تقارير استندت إلى ما دار في التحقيق فإن الفاعلين اعترفوا بارتكاب الجريمة لكنهم أنكروا أن يكون الدافع هو سرقة هاتف الضحية، وقالوا بأن مشادة وقعت مع الضحية بعد أن وجهوا لها كلاما عنصريا أغضبه وهو ما أدى إلى وقوع شجار انتهى بطعن الضحية. لا نعرف حقيقة ما جرى بالضبط، لكن يبدو أن الجناة يعتقدون أن توجيه أوصاف عنصرية لأجانب، والأفارقة منهم تحديدا، هو أهون من محاولة سرقة هاتف محمول، ولعلهم اعتقدوا أن التركيز على هذا الدافع سيجعلهم موقفهم أمام القضاء أفضل، وهذا يكشف مدى الاستخفاف بمسألة العنصرية، ونحن نتذكر ذلك الفيديو المشين الذي ظهر فيه شخص وهو يصفع طفلا، من اللاجئين من دول الساحل، في محطة للحافلات بعنابة في حين كان أحد أصدقائه يصور المشهد للتسلية. هذه التفاصيل التي قد تبدو صغيرة هي إنذارات خطيرة بإفلاس أخلاقي يشوه صورة الجزائر وشعبها في نظر الشعوب الإفريقية، ويقضي على رصيد كبير من الاحترام تراكم على مدى عقود الاستقلال.