أربعة وزراء منعهم المواطنون من القيام بزيارتي عمل لولايتي بشار وتبسة. بين الولايتين مسافة بعيدة جدا، ولم نسمع من قبل أي نداء للقيام باحتجاجات من هذا النوع، ففي ليلة الأحد أصر مواطنو بشار على انتظار ثلاثة وزراء في المطار، ونظموا احتجاجات لمنعهم من زيارة الولاية، وقد اضطر وفد مكون من ثلاثة وزراء إلى إلغاء زيارته للعبادلة بسبب الاحتجاجات السلمية التي مزيتها حادثة رمزية تمثلت في إقدام المحتجين على إخراج سيارة شرطة علقت في الرمال. يوم الأحد عمد المواطنون إلى محاصرة وزير الطاقة في مطار تبسة لمنع من زيارة الولاية، وليس بالإمكان القول إن هؤلاء كانوا مجرد مشوشين أو مندسين تم التلاعب بهم من طرف جهة ما ولا مجال لإنكار حقيقة أن ما جرى يعكس رفض الجزائريين لهذه الحكومة التي توصف بحكومة تصريف أعمال والتي يقودها وزير أول يرد اسمه في جميع الاحتجاجات ضمن قائمة الأشخاص الذين يطالب ملايين الجزائريين برحيلهم فورا كشرط أساسي لبناء الثقة الضرورية لصياغة مخرج من المأزق الحالي، والأرجح أن هذا النوع من الاحتجاجات سينتشر في جميع أنحاء البلاد خلال الأيام المقبلة، ويجعل قيام هذه الحكومة بمهامها أمرا مستحيلا. طريقة أخرى للرفض مثلها قرار رئيس بلدية اعكوران الذي أبلغ والي تيزي وزو رسميا برفضه القيام بعملية مراجعة القوائم الانتخابية، وهذا يعني أن إجراء الانتخابات في الظروف الحالية وبالشروط المتوفرة أمر غير ممكن، وحتى لو أصرت السلطة على السير على هذا الطريق فسيكون من المستحيل الحصول على رئيس شرعي هذا إذا استبعدنا أسوأ الاحتمالات وهي علمية منع إجراء الانتخابات. التمسك بخيار بن صالح والحكومة وبلعيز قد يدفعنا إلى وضع أكثر تعقيدا في المستقبل، والوقت الذي يضيع في فرض هذا الخيار هو استثمار في السياسة الخطأ مع كل ما قد يترتب عليها من آثار سلبية ليس أقلها شأنا تعميق شرخ الثقة بين المواطن والدولة وتخريب مزيد من الجسور التي بقيت تربط بينهما. لن نجد في الدستور حلولا لوضع يرفض فيه المواطنون الحكومة ويمنعونها من ممارسة مهامها، وهذا يحتم علينا البحث عن حلول أخرى تكون أكثر واقعية من التمسك بنص قانوني تحول، بفعل قراءة قاصرة، إلى مبرر لرفض التجاوب مع إرادة الشعب.