تم أمس، عقب صلاة المغرب، تكريم الفقيه والمفكر الجزائري محمد الصالح الصديق عرفانا بجهوده الكبيرة في خدمة الوطن والدين، وذلك خلال حفل احتضنه مسجد (الأمير عبد القادر) بقسنطينة، بحضور جمع غفير من الأئمة والمصلين. وفي تصريح على هامش هذا الحفل، أوضح الأستاذ يوسف علال إمام وخطيب جامع الأمير عبد القادر، بأن هذه المبادرة المندرجة في إطار الاحتفالات بالمولد النبوي تهدف على وجه الخصوص إلى (التعريف بعلماء الجزائر المغمورين الذين يجهلهم الكثيرون من أبناء الشعب مع قطع السبيل أمام كل من يدعي بأن الجزائر لم تنجب علماء ومفكرين ذوي مستوى عال وإثبات بأنها دولة ولادة للمبدعين في مختلف المجالات). وأضاف بأن هذا التكريم الذي بادرت به الجمعية الدينية لمسجد الامير عبد القادر وأئمة ذات المسجد تحت رعاية المديرية المحلية للشؤون الدينية للأوقاف، يهدف أيضا إلى صنع القدوة لشبابنا المتطلع نحو مستقبل زاهر وتقديم مثال لهم عن شخصية قدمت خدمات جليلة للبلاد والدين واللغة العربية. وتميّز ذات الحفل بإلقاء كلمة من طرف المؤرخ أرزقي فراد، وهو رفيق الشيخ محمد الصالح الصديق الذي قدم شهادة حية عما عايشه بمعية الشيخ مع التطرق لعديد خصاله علاوة على تنظيم معرض لأهم مؤلفات الشيخ محمد الصالح الصديق ببهو مسجد الأمير عبد القادر. وألقى بدوره الشيخ محمد الصالح الصديق محاضرة بالمناسبة تطرق فيها إلى تجربته في الحياة ولقائه بالشيخ عبد الحميد بن باديس ونضاله إبان الثورة التحريرية، كما دعا الشباب إلى حب الوطن والتمسك بالثوابت الوطنية. جدير بالذكر، أن محمد الصالح الصديق هو عالم ومجاهد وأديب وفقيه ومفكر جزائري، ولد سنة 1925 بقرية أبيزار بتيزي وزو، عرفت عائلته بالتدين والعلم حيث تلقى تعليمه الأول على يد أبيه الشيخ البشير آيت الصديق، ثم انتقل إلى الجزائر العاصمة حيث التقى بالشيخ عبد الحميد بن باديس. وفي سنة 1946 سافر إلى تونس لإتمام الدراسة بجامع الزيتونة الذي تخرج منه سنة 1951. وبعد عودته إلى أرض الوطن، تولى التدريس بزاوية الشيخ عبد الرحمن الإيلولي بتيزي وزو، فساهم في الحركة الإصلاحية حينها بالتعليم والكتابة والنشر في الصحف، وبعد اندلاع الثورة التحريرية انخرط فورا في العمل النضالي. وقد عمل في إذاعة (صوت الثورة الجزائرية) التي كانت تبث من طرابلس (ليبيا) منذ 1 جانفي 1958 وإلى غاية انتهاء الثورة، كما قدم عدة برامج على شاشة التلفزيون وأثير الإذاعة الوطنية، وكتب في 36 مجلة في الوطن وخارجه. يزخر رصيد الفقيه محمد الصالح الصديق أيضا بأكثر من 130 كتاب، من بينها على وجه الخصوص (مقاصد القرآن) و(الجزائر بين الماضي والحاضر) و(الجزائر بلد التحدي والصمود) و(عالمية الإسلام وأخلاقيات رسوله).