أجمع عديد الحرفيين المشاركين في الطبعة ال11 من المهرجان الثقافي الوطني للفنون والإبداع (اليد الذهبية) بقسنطينة الذي انطلق مطلع الأسبوع المنصرم وسيتواصل إلى غاية ال20 من الشهر الجاري، على أن أكثر ما يشغل بالهم هو كيفية تسويق منتجاتهم الحرفية التي يبذلون جهدا كبيرا في صنعها في ظل عدم وجود معارض قارة لتصريف هذه المنتجات الحرفية. وأوضح حميد هدري، وهو حرفي شاب مختص في الخزف الفني من الجزائر العاصمة، بأن إشكالية تصريف المنتج الحرفي تلقي بظلالها على عمله حتى وإن كان يشارك في عديد المعارض بين الفينة والأخرى حيث تتاح له فرصة الالتقاء بالزبائن، إلا أنها تظل غير كافية -حسبه- أمام ما يبذله وغيره من الحرفيين من أجل الحفاظ على إرث ثمين وأصيل. وأردف ذات المتحدث (أنا أعمل في ورشتي الخاصة بالجزائر العاصمة ولي زبائني، لكن هذا لا يكفي لأنني أرغب في أن يصل هذا الإرث التقليدي إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور، فلكل حرفي بصمته الخاصة والمعارض قليلة وبالفعل أنا أشارك في بعضها، لكنها تظل غير كافية مما يعني أنه يتعين على الحرفي أن يجتهد في تصريف بضاعته وإلا فإنها ستعاني الركود). واقترح ذات الحرفي بأن يتم التداول على فضاء معين بين كل فترة وأخرى بين الحرفيين من أجل السماح لأكبر عدد ممكن منهم للالتقاء في فضاء خاص لتبادل التجارب والأفكار وبيع منتج حرفي يعتبر عصارة جهدهم. وأضاف ذات المتحدث الذي يعرض تحفا فنية من السيراميك في جناحه بأحد أركان بهو قصر الثقافة (محمد العيد آل خليفة)، بأنه من شأن إنعاش الحركة السياحية حل هذا الإشكال وتحفيز الحرفيين للإبداع أكثر كل في مجاله. وهو نفس ما ذهبت إليه الحرفية الطاوس طاسين من قسنطينة المختصة في التحف التزيينية النحاسية والتي اعترفت بأنها (لا تملك مكانا قارا يسمح لها ببيع منتجها بأريحية، على اعتبار أنها تمارس حرفتها في المنزل)، مفيدة بأن عملها الفني مرهون بتنظيم معارض للحرف التقليدية سواء في ولاية قسنطينة أو ولايات أخرى. واستنادا لذات المتحدثة، فقد استطاعت من خلال سنوات عملها التي تمتد على أكثر من 15 سنة أن تنسج علاقات مع زبائن أصبحوا بمرور الوقت أوفياء لها، حيث قالت (أعمل كحرفية في الأواني النحاسية منذ أكثر من 15 سنة وقد سمحت لي مشاركاتي في عدة معارض من تكوين شبكة من الزبائن أتعامل معهم عبر الهاتف). وأبدت ذات المتحدثة أسفها لهذا الأمر، داعية إلى تنظيم معارض قارة بهدف تمكين الحرفي من تصريف منتجه الحرفي مما يحفزه على العمل أكثر والحفاظ على موروث ثقافي واجتماعي من الزوال. وفي هذا السياق، أوضح نصر الدين بن عراب، مدير غرفة الصناعات التقليدية والحرف بقسنطينة، بأن الغرفة تبذل جهودا كبيرة من أجل المحافظة على الحرف والصناعات التقليدية الجزائرية الأصيلة التي تمثل العمق والروح الجزائرية من خلال التكوين والمرافقة على وجه الخصوص. وبشأن تسويق المنتجات الحرفية، أفاد بأن الغرفة تعمل على تقديم الدعم للحرفيين في هذا الشأن من خلال على وجه الخصوص تنظيم عديد المعارض خلال مختلف أيام السنة، علاوة على تخصيص فضاء بحي الدقسي عبد السلام لفائدة حوالي 65 حرفيا في الصناعة التقليدية الفنية لمزاولة نشاطهم بكل أريحية وتسويق منتجاتهم في أحسن الظروف. كما تحدث بن عراب عن أروقة عرض وبيع منتجات الصناعة التقليدية المتواجدة بشارع عبان رمضان بوسط مدينة قسنطينة، حيث أفاد في هذا السياق بأن الأروقة تفتح أبوابها أمام جميع الحرفيين لعرض منتجاتهم في الأروقة لمدة شهر كامل، حيث يكون العرض بالتداول وفي حال حقق المنتج إيرادات معتبرة خلال تلك الفترة تقوم الغرفة باقتنائه من الحرفي والتكفل ببيعه.