خرج الدكتور نسيم سغواني مدير فرع الفيزياء الفلكية والطاقات العالية بمركز "الكراغ"، و عضو لجنة الأهلة، عن صمته، بخصوص الجدل الذي أثير حول موعد عيد الفطر، حيث أكد في بيان صحفي أنه تم الاعتماد على شهادات وهمية و غير موثقة قال إنها تتعارض مع الحسابات الفلكية الدقيقة، و ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله إن اللجنة لم تجتمع و بأنه لم تتح الفرصة لأعضائها بالتعبير عن آرائهم. و انتقد الدكتور سغواني، و هو أيضا مسؤول عن المواقيت الشرعية والأهلة في المرصد، الطريقة المعتمدة في تحديد تاريخ العيد، حيث قال في البيان الذي تلقت النصر نسخة منه مساء أمس "بعد سنة تستمر الخلافات حول بداية الأشهر القمرية، وسنة بعد سنة يضرب بالعلم عرض الحائط، والغريب في هذه المسألة أنهم يقولون بأنهم يقتدون بسنة الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم والرسول"، ليضيف "لقد شاركت بصفتي ممثلا رسميا للمرصد الفلكي في لجنة الأهلة لمدة عشرين سنة، وفي كل سنة يعبث بالعلم ولا يأخذ بآراء المختصين في إثبات أو نفي رؤية الهلال وفي كل سنة ألتزم بالصمت ظنا مني أن هذا الموقف يجنب الفتنة ولكن الفتنة قائمة ومستمرة. فقررت في هذه السنة أن أخرج من هذا الصمت وأدلي برأيي حول هذه المسألة". و تابع سغواني و هو عضو في لجنة الأهلة منذ سنة 1999، موضحا "في هذه السنة وفي التاسع والعشرين من شهر رمضان كانت ظروف رؤية الهلال كما يلي: تم الاقتران أو المحاق على الساعة 11:02 بتوقيت الجزائر يوم الاثنين 3 جوان، وأثناء غروب الشمس في كل بقاع العالم العربي، لم يبتعد القمر عن الشمس بالقدر الكافي لكي يتكون الهلال، كما أن القمر كان على الأفق. واكتمل غروب القمر بضع دقائق فقط بعد غروب الشمس (3 دقائق في الرياض إلى 10 دقائق في الجنوب الغربي للجزائر)". و أضاف الباحث في مركز البحث في الفلك والفيزياء الفلكية و الجيوفيزياء "كل هذه العوامل تجعل رؤية الهلال مستحيلة استحالة قطعية في كل بقاع العالم العربي وأفريقيا ولو باستعمال أكبر الأجهزة (تلسكوب متخصص مثلا) بل تكون هذه الرؤية مستحيلة حتى في قارتي أمريكا رغم مرور عدة ساعات إضافية. ولقد سلمت تقريرا واضحا لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف في هذا الشأن كما هو الأمر في كل سنة. وهذا الرأي ليس بقولي فقط، بل هو رأي كل علماء الأمة كما جاء في البيان المنشور في موقع المركز الدولي لعلم الفلك بأبوظبي والمشروع الإسلامي للأهلة". و أوضح الدكتور أن وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف نظمت ملتقى حول المواقيت الشرعية والأهلة في دار الإمام بضعة أيام فقط قبل حلول شهر رمضان، وكان مما جاء في هذا الملتقى، الذي شارك فيه مختصون في علم الفلك وفقهاء، أنه لابد من إتباع رأي الفلكيين في حالة النفي كما ذهب إليه الكثير من فقهاء الأمة، وكان هذا الأمر متفقا عليه بين الفلكيين والفقهاء الحاضرين، حسب نص البيان. و يردف الدكتور "رغم هذا كله، في ليلة الشك يأتي بيان وزارة الشؤون الدينية مثبتا رؤية هلال شوال في كل من الوادي، ورقلة وأدرار، رغم استحالة هذه الرؤية كما تقدم توضيحه. وبهذا "أعلنت" اللجنة الوطنية للأهلة المجتمعة بدار الإمام أن العيد سيكون يوم الثلاثاء الموافق ل 4 جوان 2019م". و ذهب الباحث إلى أبعد من ذلك بقوله "في الحقيقة، اللجنة لم تجتمع ولم تتح الفرصة لأعضائها بالإدلاء عن آرائهم حول الشهادات الوهمية التي أتت من قبل المواطنين، فاللجنة كانت مجتمعة لندوة تلفزيونية، إلى حين وصول بيان باسمها لإعلان ثبوت الرؤية من عدمه وبالتالي تحديد موعد العيد، والجميع محرج يفضل السكوت لتجنب الفتنة. وهذه المعاملة مع اللجنة الوطنية للأهلة ليست بالأمر الجديد، بل منذ خمسة عشر سنة تقريبا لا يسمح للجنة بالإدلاء عن رأيها، خلافا على ما كان عليه الأمر في السنوات الأولى حين عُينت عضوا في هذه اللجنة، ويتم الأمر تحت مسمع ومرأى كل الصحفيين الحاضرين في ليلة الشك". و أشار سغواني إلى أن اللجنة تعتمد على "الرأي العلمي الفلكي الذي يكون قد أرسل إليها مسبقا من قبل المركز المختص"، كما أنها تحتكم لنصوص القرآن والسنة واجتهادات علماء الشريعة الإسلامية آخذة بعين الاعتبار المعايير العلمية الفلكية في تصديق أو تكذيب الرؤى، وهذا لم يحدث على الإطلاق، يخلص محرر البيان. ويضيف الدكتور "صدر في البيان ان هذا القرار جاء "عملا بقوله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته "ولكننا في حقيقة الأمر لم نتبع رؤية الهلال الحقيقية، ولكننا اتبعنا شهادات وهمية غير موثقة من قبل شخصين أو ثلاثة وضربنا عرض الحائط آراء كل علماء الأمة الذين قالوا بالاستحالة وهذا ليس من سنن الحبيب المصطفى ولا يليق بأمة "اقرأ". و يؤكد سغواني أن العلم اليوم أصبح دقيقا جدا في كل ما يتعلق بحساب حركتي الشمس والقمر، بل أكثر من ذلك بكثير وأكبر دليل على هذا هو حساب مواعيد الكسوف التي تقدر مئات السنين مسبقا بدقة عالية مع ارتياب لا يفوق ثواني، مضيفا أنه وإذا لم نأخذ بآراء الفلكيين في حساب رؤية الهلال، "فلماذا نأخذ برأيهم في حساب مواقيت الصلاة؟"، ليتابع "مازال الشواذ من الجاهلين يحاولون يوما بعد يوم التشكيك في المواقيت التي وضعها الخبراء". بالمقابل، نبّه الباحث بمركز "كراغ" إلى أن صيام وإفطار المواطنين يبقى صحيحا رغم كل هذه الاختلافات، ولكن كان لا بد، بحسبه، توضيح الأمور، داعيا اللجنة الوطنية للأهلة إلى أن "تقوم بعملها كما ينبغي وفي أحسن الظروف، آخذة بعين الاعتبار النصوص الشرعية والحقائق العلمية وأن تعمل وفق مبادئ واضحة وسليمة".