دعا الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، الممثليات الدبلوماسية الجزائرية بالخارج، إلى التجند لأداء دور محوري في إطار الجهود المبذولة لاستعادة الأموال المهربة، لاسيما من خلال تكثيف الاتصالات مع السلطات الأجنبية، مجددا التزام الدولة باسترجاع تلك الأموال المنهوبة وقال إن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تعهد بمحاربة الفساد دون هوادة. مشيرا إلى أن السلطات تعمل على تكثيف الاتصالات مع السلطات الأجنبية لمتابعة الإنابات القضائية والحرص على تنفيذها. قال الوزير الأول، أمس، في كلمة خلال اليوم الثاني من أشغال مؤتمر رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية، إن رئيس الجمهورية أكد في العديد من المناسبات على محاربة الفساد بدون هوادة، وعلى استرجاع الأموال المنهوبة التي تم تهريبها خارج الوطن، وأقر لأجل ذلك مقاربة شاملة، كما قرر إنشاء لجنة خبراء، تعمل تحت إشرافه المباشر، لمتابعة هذا الملف. وأوضح الوزير الأول، أنه تجسيداً لهذا الالتزام، فإن ممثلياتنا الدبلوماسية مطالبة بأن تتجند بشكل تام، لأداء دور محوري في هذا الإطار، لاسيما من خلال تكثيف الاتصالات مع السلطات الأجنبية المعنية لتتبع مآل مختلف الإنابات القضائية وطلبات التعاون القضائي التي أصدرتها سلطاتنا القضائية، والحرص على تنفيذها من قبل الدول المعنية، وكذا المساهمة مع الجهات الوطنية والأجنبية المختصة في رصد وتحديد هذه الأملاك وإنفاذ الإجراءات المتخذة بصددها، بكل ما يتطلبه هذا النوع من الملفات من سرعة وفعالية، تجنبا لكل محاولة تبديد لهذه الأموال. وقال الوزير الأول، أن ندوة رؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية، ستكون تقليداً جديداً يؤسس لخلق فضاء للتنسيق والتوجيه، من أجل تجسيد سياسة خارجية فعالة، تحت قيادة وإشراف رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن اللقاء مناسبة للتأكيد على الأهمية البالغة التي توليها الحكومة للدبلوماسية، إدراكا منها بالدور الكبير الذي تلعبه في المساهمة في إنجاح مسار الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي باشرتها الجزائر، والتي تتطلب انفتاحا أكبر على العالم الخارجي، واعتبر أيمن بن عبد الرحمان، بان الدور المحوري للدبلوماسية بصفة عامة والدبلوماسية الاقتصادية بشكل خاص، يمكن في ضمان الاستفادة من اتجاهات الاقتصاد العالمي وتفادي تأثيراتها السلبية لاسيما على الاقتصاد والتجارة، وكذا تحقيق الأهداف الإستراتيجية المتمثلة أساساً في جذب الاستثمار وترقية الصادرات خارج المحروقات خدمة لبناء النموذج الاقتصادي الجديد القائم عل التنويع. استرجاع مكانة الجزائر دوليا وقال الوزير الأول، إن الإستراتيجية الجديدة، التي أقرها السيد رئيس الجمهورية، إلى إعادة تموقع بلادنا على الصعيد الدولي واسترجاع مكانتها، وفقا لرؤية مدروسة وواضحة، ترتكز على مبادئنا الثابتة، وقيمنا الراسخة، وتعمل على تحقيق مصالحنا والحفاظ على أمننا الشامل. حيث تسعى الجزائر إلى تحقيق تنمية حقيقية تحررنا من التبعية ومن الحاجة وتسمح لنا بأن نكون فاعلين ومؤثرين في المعادلة الدولية. كما تعمل الحكومة، ضمن تنفيذ مخطط عملها، على إصلاح المنظومة المصرفية والمالية وعصرنتها، وتعكف على تحسين جاذبية مناخ الاستثمار من خلال مراجعة عميقة لقانون الاستثمار، بما يجعله يتماشى وسياسة الدولة الرامية إلى تنويع الاقتصاد وزيادة الصادرات خارج المحروقات، مثلما تهدف هذه المراجعة إلى التكفل بمختلف انشغالات المتعاملين الاقتصاديين وإلى رفع المعوقات والعراقيل التي تحول دون تحقيق مشاريعهم الاستثمارية، ووضع مناخ أعمال أكثر ملائمة يوفر فرصا حقيقية للاستثمار وبيئة جذابة تتميز بالوضوح والشفافية وتسودها الثقة بين المستثمر ومؤسسات الدولة. كما تحدث بن عبد الرحمان عن إمكانية فتح مكاتب تمثيلية لبنوك جزائرية في دول إفريقية ودراسة إمكانية الانضمام لبنك الاستيراد الإفريقي، مردفا: "نعمل على تقييم الاتفاقات المتعددة الأطراف والثنائية منها الشراكة مع الاتحاد الأوروبي".و اشار إلى أن الجزائر اليوم بحاجة لاسترجاع الكفاءات وإشراكها في التكوين واسترجاع ثقتها، وذلك في إطار إنشاء شبكات مستدامة على المدى الطويل بين الجالية والسلطات. وطالب الوزير الأول ممثلي الدبلوماسية الجزائرية أن تكون أكثر فعالية وبراغماتية من خلال التعريف بالمنتوج الوطني في الخارج ومرافقة المصدرين الجزائريين. الدبلوماسية مطالبة بالبحث عن شركاء حقيقيين واعتبر الوزير الأول، وزير المالية، أن الأموال التي تستقطبها الجزائر كاستثمارات أجنبية مباشرة تبقى ضعيفة مقارنة مع الإمكانات المتاحة، حيث لم يتعدى حجم الاستثمار الأجنبي المباشر معدل 1,3 مليار دولار في السنة، أغلبها في قطاع المحروقات؛ وهو رقم بعيد جدا، بل يكاد ينعدم، مقارنة بدول أخرى لا تملك من الإمكانيات والموارد ما تملكه بلادنا. وشدد أيمن بن عبد الرحمان، على أن ممثلياتنا الدبلوماسية مطالبة بأن تقوم بعمل استباقي أكبر وتتحلى بمزيد من اليقظة، وأن تكون في مستوى ما تقتضيه متطلبات المرافقة الجيدة للاقتصاد الوطني على مستوى البيئة الاقتصادية الدولية، وذلك بالمبادرة بالبحث عن شركاء حقيقيين وجديين ومستعدين للتعامل وفق مبدأ رابح رابح، وهذا بالتعريف بمختلف الفرص الاستثمارية والمزايا والتحفيزات التي تقدمها بلادنا في مجال الاستثمار، وكذا شرح الإجراءات التي اتخذتها الدولة والإصلاحات الهيكلية الكبرى التي قامت بها من أجل ضمان تسهيل فعل الاستثمار. بعض التقارير الدولية مجحفة ومغلوطة وانتقد الوزير الأول مضمون بعض التقارير الدولية التي لا تنقل الصورة الحقيقية عن الجزائر ومناخ الاستثمار بها، وشدد على ضرورة العمل على تصحيح تلك الصور النمطية المتداولة لدى بعض الترتيبات الدولية في مجالات تنافسية الاقتصاد والتجارة والابتكار والبحث العلمي وغيرها، والتي قال بانه «لا تعكس في الكثير منها حقيقة المؤشرات الاقتصادية الوطنية»، وذلك من خلال متابعة دقيقة لهذه الترتيبات الدولية»، والحرص على وصولها إلى المعلومة الصحيحة والرسمية، بدل الاتكال على تقارير مغلوطة ومجانبة للصواب. وقال بهذا الخصوص إن الحكومة، تعكف على استكمال إنشاء آلية مكلفة بإدارة وتنسيق عمليات تحسين مناج الأعمال والعمل على إعطاء صورة حقيقية عن تطور أوضاع بيئة الأعمال في الجزائر. موضحا بان الممثليات الدبلوماسية والقنصلية، مطالبة بان تولي أهمية خاصة لهذا العمل لكونه يتصل مباشرة بترقية صورة الجزائر على الصعيد الدولي وبتفادي الإضرار بمصالحها جراء مثل هذه الصور المغلوطة التي تُنفِّر الاستثمار الأجنبي. التكفل بانشغالات الجالية من جانب آخر، طالب الوزير الأول ممثليات الجزائر "بالإصغاء إلى انشغالات الجالية ومرافقة كفاءاتنا في الخارج ودعم تموقعها والوصية بهم في الهيئات والمنظمات وبمراكز البحث التي تعمل بها". مشددا على الدور الهام للجالية الوطنية بالخارج في تنمية البلاد، داعيا البعثات الدبلوماسية إلى التكفل أكثر بانشغالات هذه الشريحة من أبناء الجزائر والتي تضم عددا كبيرا من الكفاءات والباحثين والأساتذة. حيث أكد فيها على أن الجالية الجزائرية التي تضم عددا متزايدا من الكفاءات والباحثين والأساتذة والخبراء رفيعي المستوى، ابدوا استعدادهم للمساهمة في ضمان دورات تكوينية عالية المستوى في الجزائر. وقال بن عبد الرحمان انه "يتعين العمل على استكمال مشروع البوابة الالكترونية المخصصة للكفاءات الوطنية بالخارج قصد تسهيل مساهمتها في تطوير مختلف الميادين لاسيما التقنية والتكنولوجية والعلمية والتكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال والذكاء الاصطناعي وغيرها من ميادين اقتصاد المعرفة". كما دعا الوزير الأول، وزير المالية، الممثليات الدبلوماسية والقنصلية الجزائرية إلى التعريف بالجزائر ك"وجهة سياحية بامتياز" وبعرضها السياحي "الفريد من نوعه". وقال السيد بن عبد الرحمان أن قطاع السياحة، وبالرغم من "المؤهلات الكبيرة" التي تملكها الجزائر، إلا أنه يبقى "حبيس عوائق كثيرة"، وهو ما "يحتم علينا ضرورة النهوض به من أجل جعل الجزائر وجهة سياحية بامتياز". وأوضح أن ذلك يتم عبر "دعم وكالات السفر وتسهيل إجراءات التأشيرة لصالح السياح الأجانب وتنويع العرض السياحي والعمل على بروز أقطاب امتياز سياحية تستجيب للمعايير الدولية وتشجيع اللجوء إلى صيغ تحفيزية". وأشار الوزير الأول إلى أن هذه المستهدفات، يقع على عاتق الممثليات الدبلوماسية والقنصلية "المساهمة في بلوغها، بالعمل على التعريف بالوجهة الجزائرية وبعرضها السياحي الفريد من نوعه واستقطاب الطلب العالمي والاستثمار في مجال السياحة". وشدد على أن "الهدف الأسمى" هو أن تتحول الممثليات الدبلوماسية والقنصلية إلى "قوة اقتراح لدعم النمو الاقتصادي وجذب الاستثمارات الخارجية وترقية الجزائر كوجهة سياحية بامتياز"، وكذا "الارتقاء بصورتها و إشعاعها الثقافي إقليميا ودوليا، لا سيما في السياقات الراهنة التي تفرض تحديات كبيرة تستوجب علينا جميعا مواجهتها وفاء لرسالة نوفمبر المجيدة".