أبرز مؤرخون بعين الدفلى بمناسبة الذكرى 189 لمبايعة الامير عبد القادر وجود عدة نقاط تشابه بين مقاومة الأمير عبد القادر ضد المحتل الفرنسي و ثورة نوفمبر 1954 التي جاءت "تتويجا لكل الثورات الشعبية" التي بدأها مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة سنة 1832. و يتزامن اليوم السبت التي تشهد فيه الجزائر تنظيم الانتخابات المحلية مع مرور 189 سنة من مبايعة الأمير عبد القادر, تحت شجرة "الدردارة" بسهل غريس بمعسكر ليقود المقاومة الشعبية ضد الجيش الاستعماري و يؤسس بذلك لبناء الدولة الجزائرية الحديثة و يبقى رمزا من رموز المقاومة الشعبية للاستعمار عبر التاريخ. و ذكر في هذا الصدد المدير السابق لمتحف الأمير عبد القادر بلميانة، السيد عباس كبير بن يوسف ،أن من بين أوجه التشابه بين الحدثين هو "شهر نوفمبر"، إذ اندلعت الثورة المسلحة المظفرة يوم أول نوفمبر 1954، في حين تم وضع حيز الخدمة وحدة صنع السلاح بمليانة يوم 27 نوفمبر من عام 1939. و أشار المتحدث إلى قيام الأمير عبد القادر في هذا اليوم ايضا (27 نوفمبر 1839 ) بتدشين وحدة الإنتاج الحربي بمليانة ، من اجل تعزيز جيشه بالسلاح و الذخيرة، بعد قيام المارشال "بيجو" بهدم المنشآت العسكرية المتواجدة بمعسكر و تلمسان. كما تتمثل نقطة التشابه الثانية، وفق نفس المصدر، في تقسيم التراب الوطني إلى مناطق وفق خصوصياتها العسكرية، حيث كانت ثورة نوفمبر تعد ستة (6) ولايات تاريخية و سابعة ممثلة في فرنسا، في حين قسم الأمير البلاد إلى ثمانية (8) مقاطعات. أما نقطة التشابه الاخرى فتتمثل في "الثمار" المرجوة من كلتا الثورتين الراميتين إلى استعادة استقلال البلاد. حيث ابرز السيد بن يوسف أن "الأمير عبد القادر، و بعد بضعة أشهر من توليه سدة الحكم، قام بوضع ركائز الدولة الجزائرية الحديثة من خلال بعث إصلاحات اجتماعية هامة و تشكيل جيش قوي و منظم ، في حين انشأت الثورة ممثلة في جبهة التحرير الوطني الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ". كما لاحظ السيد عباس كبير، المختص أيضا في علم الآثار و هو رسام و مؤلف عدة كتب حول تاريخ الجزائر، أن "الأمير عبد القادر لم يخض المقاومة الشعبية لوحده، بل كان معه رجال أوفياء مستعدون للتضحية من اجل الوطن". و أضاف مسترسلا أنه اذا كانت ثورة التحرير الوطنية المظفرة أنجبت أبطالا لا حصرة لهم أمثال كريم بلقاسم و بن يوسف بن خدة و فرحات عباس و غيرهم ، فان مقاومة الأمير عبد القادر اوجدت رجالا من طينة الكبار على غرار بن علال و سيدي مبارك و بركاني و توهامي ، الذين كنوا يدعمونه و يمدون له يد العون خلال حكمه للمقاطعات. طرد المحتل الغاصب و بدوره لاحظ رئيس جمعية "أصدقاء مليانة"، لطفي خواتمي، الذي أشار الى أن جد البطل "علي لا بوانت " كان ضمن صفوف جيش الأمير عبد القادر، أن كلا الثورتين ، أي مقاومة الأمير و ثورة نوفمبر، تلتقيان في نفس الهدف و هو "طرد المحتل الغاصب" . و أضاف أن ثورة 1954 المستوحاة من مقاومة الأمير عبد القادر "كانت تتويجا لكل الثورات الشعبية المسجلة عبر البلاد منذ احتلال فرسنا للجزائر عام 1930 و أكثر من قرن من الجهاد و التضحيات" كما قال. و أكد انه بالرغم من التباعد الزمني بين مقاومة الامير عبد القادر و ثورة نوفمبر، إلا أن هذه الأحداث تتضمن نفس المبادئ و الأهداف ، و لكل مقاومة رجالها التاريخيين . و لدى تطرقه لسيرة الامير عبد القادر ، أكد هذا الطبيب المختص في جراحة الأسنان ، تميزه كرجل دولة متصف بقيم الشجاعة و التضحية و نبذه للظلم و الاستبداد. كما أكد الدكتور خواتمي أن الأمير عبد القادر كان "معترف به من طرف أعدائه أنفسهم بكونه رجل دولة من الطراز الرفيع و كذا بقيمه الإنسانية المتحضرة، كما انه كان من الدعاة الرائدين إلى الحوار بين الأديان". و ذكر من بين المواقف الإنسانية للأمير ضمانه لحماية المسيحيين في سوريا و دفاعه عن حقوق الإنسان.