عرض مساء أمس الخميس بقاعة ابن زيدون بالجزائر العاصمة الفيلم الوثائقي الطويل "علبتان منسيتان: رحلة إلى فيتنام" للمخرجين الإيطاليين تشيتشيليا مانغيني وباولو بيسانيللي, والذي يحكي رحلة السينمائيين تشيتشيليا مانغيني وزوجها لينو دل فرا إلى فيتنام عامي 1965 و1966 إبان الحرب الأمريكية عليها لإنجاز وثائقي عن تلك الحرب. ويتطرق هذا العمل, المقدم في إطار مسابقة مهرجان الجزائر الدولي ال11 للسينما المخصص للفيلم الملتزم (فيكا), لمهمة السينمائيين الراحلين تشيتشيليا وزوجها اللذين عاشا لأربعة أشهر بهانوي بشمال فيتنام محاولين تصوير فيلم وثائقي عن المقاومة الفيتنامية للغزو الأمريكي وتجند السكان لها بكل أطيافهم, بالإضافة للحياة اليومية للفيتناميين إبان تلك الحرب, غير أن فيلمهما تخرب نتيجة المعارك ولم يتبق لهما سوى صور فوتوغرافية وكتابات توثيقية تؤرخ لتلك الفترة. تعود تشيتشيليا مانغيني في هذا العمل بذاكرتها المثقلة إلى تلك السنين من خلال علبتين لا تزال تحتفظ بهما منذ أكثر من 50 عاما بمكتبة بيتها بروما, هي كل ما بقي لها من أرشيف عن تلك الحرب, حيث تضم صورا بالأبيض والأسود التقطتها بنفسها وكتابات توثيقية تعود لزوجها, لتقوم رفقة باولو بيسانيللي باستغلالها في فيلمها الوثائقي الذي وظف أيضا العديد من الفيديوهات الحقيقية عن حرب فيتنام. ويبرز المخرجان في عملهما هذا يوميات الحرب في فيتنام من معارك وقصف يومي خلف قتلى و جرحى , كما يصفان الأحياء والشوارع وحياة الفلاحين في القرى, بالإضافة إلى تسليط الضوء على الثقافة والهوية الفيتنامية من ملابس تقليدية وبيوت من القصب وموسيقى وغيرها, وكذا عادات الفيتناميين وتقاليدهم وأهازيجهم وأغانيهم ورياضاتهم الشعبية. إقرأ أيضا: مهرجان فيكا ال11: عرض فيلم "المريض المثالي" أمام الجمهور ويقدم العمل أيضا صورة عن حياة الأطفال إبان تلك الحرب و"الدور الكبير" للمرأة الفيتنامية في تلك المقاومة, وقد حمل أيضا "إشادة بروح المقاومة لدى هذا الشعب الذي كان كله في حالة تعبئة", وفقا لهذا الوثائقي الذي يسخر من جهة أخرى من فترة الاحتلال الفرنسي لفيتنام والتي سبقت الغزو الأمريكي وخصوصا من "الغسيل الفكري الذي كان يمارسه الفرنسيون على الفيتناميين", حسب ما جاء في هذا العمل. يعتبر هذا الوثائقي, المنتج في 2020 ومدته 59 دقيقة, بمثابة تنديد بتلك الحرب الفظيعة التي وقعت بين 1955 و1975 وأودت بحياة مئات الآلاف من المدنيين الفيتناميين وخربت بلادهم وتسببت في مذابح ضدهم, وقد أطلقت أيضا حملة دولية ضد الأمريكيين في الغرب في الستينيات, حسب ما جاء في هذا العمل الذي ينتهي بعبارة أن "تشيتشيليا وزوجها لم يتمكنا من إنجاز وثائقيهما ولكن فيتنام تمكنت من الصمود والانتصار في الأخير". وكانت تشيتشيليا مانغيني (1927- 2021) سينمائية ومصورة التزمت في حياتها بالدفاع عن حقوق الشعوب المظلومة, وقد نالت في 2009 ميدالية رئيس الجمهورية الإيطالية, أما باولو بيسانيللي, الذي حضر العرض, فهو مصور وسينمائي من مواليد 1965 متحصل على شهادة في السينما ويكرس وقته منذ 1997 لإخراج الأفلام الوثائقية. وتستمر فعاليات المهرجان الدولي ال11 للسينما بالجزائر (فيكا) المخصص للفيلم الملتزم إلى غاية 10 ديسمبر الجاري, وسط مشاركة 60 فيلما من مختلف البلدان بينها 25 عملا ضمن المنافسة, وتركز هذه الدورة خصوصا على قضايا المقاومة والمرأة والبيئة.