الأزمة الوطنية الأخيرة في مادة الحليب لم تكن إلا نتيجة لكل الرداءة المعممة والمقننة في تسيير الشأن العام.. شركة ''أورولي'' العظيمة التي كانت تزود الجزائريين بالحليب بدينارين تم القضاء عليها والقطاع الخاص احتل السوق بعد رفع الدعم عن كل مواد الاستهلاك اليومي للمواطن.. وها هو وزيرنا الهمام للفلاحة الأستاذ رشيد بن عيسى يتدخل ويقول إننا سنقضي على الأزمة في رمشة عين وذلك بإعطاء الأولية للمنتجين المحليين وتأتي في المرتبة الثانية الاستعانة بحليب الغبرة الذي مازال الجزائريون يسمونه حليب ''لحظة'' رغم أن أنواعه كثيرة الأسماء والأشكال والأسعار، وهي في الحقيقة تكاد تكون نوعا واحدا لا ندري من بقر أي دولة جاء، وكيف جاء، وكيف تم تحضيره.. القطاع الخاص المنتج لمادة الحليب عندنا وعلى رأسه مؤسسة ''الصومام'' الرائدة قامت باستيراد عشرات الأبقار الحلوب من أوروبا لسد العجز.. وفي موضع آخر قال الوزير الهمام بن عيسى أن البقر الهولندي مدلل كثيرا ومعناه أن طباعه الرهيفة والحساسة لن تتلاءم مع طباع الجزائري الخشنة، وهذا يعني أيضا أننا نحتاج إلى بقر رباه بشر لهم نفس طباع الجزائري، وليكن الصوماليون.. شرب الجزائريون لسنوات طويلة حليب ''لحظة'' التاريخي في زمن دعم الأسعار.. والآن ها هو الحليب يعز عليهم.. وقد يحتاج كل جزائري مستقبلا إلى أن يكسب معزة أو بقرة في بيته لإنهاء هذه الأزمة ما دامت وزارة الوزير الهمام رشيد بن عيسى عاجزة عن ذلك، وما دام البقر الهولندي مدلل.. وهو البقر الذي تكاد تكون له كل حقوق المواطن الهولندي من رعاية صحية ونفسية، وله أوراق تسجيل في الحالة المدنية للبقر، فهو بقر لن يستطيع التكيف في بلادنا ولن يدر حليبا عندنا بل قد يصاب بحالة اكتئاب بقرية وتتغير طباعه، وقد يدمن هو الآخر على الزطلة والزمبريطو ويفكر في الحرة والانتحار وقطع الطريق العمومية والاحتجاج على طريقة سكان ديار الشمس وديار العافية .. وقد يحدث أزمة سياسية بين الجزائروهولندا، وحينها ستطالب هولندا باستعادة جاليتها البقرية من بلادنا.