كغيري من الناس، وفي فترة الطفولة إلى غاية المراهقة، كنت مولعا كثيرا بلعب كرة القدم، إلى حد المبالغة، حيث تجدنا أنا وأصدقاء الطفولة نلعب يوميا، وإن لم يتوفر الملعب فإننا نلعب في ساحات الشوارع. لكن عندما خرجت من مرحلة المراهقة، حتى طلقت الكرة بالثلاث، وأصبحت أتابعها من خلال المباريات وخاصة عندما يتعلق الأمر بالبطولات الكبيرة، سواء الأوربية أو الأسيوية، وببطولة كاس العالم، والحمد لله أنني لم أشغل بالي يوما بفريق المهاجرين هذا، وإلا كنت قد تعرضت لنوبة قلبية مثل ما حصل مع بعض المناصرين. ولذلك أنا أتفهم هذا الهوَس إلى حد الجنون الذي يصيب شباب اليوم، باعتبار أن لعبة كرة القدم، هي المفضلة لدى أغلب الجزائريين والجزائريات. إن ما نشهده اليوم من اهتمام فوق العادة بالفريق الوطني، والذي أصبح غير وطني بما أن أغلب عناصره هم من المهاجرين، ولذلك وجب تسميته بفريق المهاجرين الجزائريين، الذين يتقاضون مبالغ خيالية مقابل حصيلة هزيلة، ووطنية مشكوك فيها، لأن الوطني هو من يقدم لبلده دون انتظار الجزاء، وليس الدخول في مفاوضات وشروط تعجيزية لكي يقبل اللعب في صفوف الفريق، وأغلب هؤلاء العناصر يظهرون وطنية الواجهة، أو وطنية الأقنعة، وعند أداء الواجب تظهر حقيقة كل واحد منهم. الكثير يلوم المدرب، وغيرهم يلوم رئيس الفاف، ولكن اللَوم كل اللَوم على بعض اللاعبين، فلو كانت لهم رغبة في الفوز ويلعبون بقناعة، لبذلوا أكثر من هذا الجهد ولا ينتظرون المدرب، فالقضية ليست قضية إمكانات مادية ولا شروط أخرى، والدليل على ذلك فإن بطولة كاس إفريقيا تزامنت مع البطولة العالمية لكرة القدم للفرق العسكرية المقامة في سلطنة عُمان، فالفريق العسكري لكرة القدم شرف الجزائر بنيله البطولة العسكرية منذ سنتين، وفي عدة مواعيد عالمية ضد أكبر الفرق، وهو الفريق الذي فاز حتى الآن على 3 فرق عسكرية منها ألمانيا، وإيران، وهو لا يحوز على علاوات ورواتب عناصر فريق المهاجرين الجزائريين، عفوا الفريق الوطني. وهناك دليل أخر، وهو إخفاقات العناصر المشاركة في بطولات ألعاب القوى العديدة، رغم توفر الوسائل المادية والمرتبات، والعلاوات والتدريبات بالخارج، بيد أن من يشرف الجزائر بالميداليات الذهبية والفضية، والبرونزية، هم ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يستحقون كل الثناء والاحترام. هذا هو الواقع المرير، من هو في بحبوحة الرواتب الخيالية، والعلاوات والتدريبات في الخارج يهدي الجزائر والشعب إلا الخسارة والنكسات، ومن هو يتدرب بأقل الوسائل وانعدامها في غالب الأحيان، يدخل الفرحة ويرفع راية الوطن شامخة. لذلك، يا معشر المناصرين، لا تلوموا المدرب، ولا رئيس الفاف الذي ذهب يعالج، وحتى وإن بقي مع الفريق، فليس هو المحرك، بل العتاب كل العتاب على من يدعون أنهم يلعبون من أجل العلم، والوطنية. وما هي إلا الوطنية المزيفة التي يحملها عناصر الفريق، ولو كان القانون الرياضي يسمح، لاستغنينا عن هؤلاء، وعوضناهم بعناصر الفريق العسكري الجزائري، الذي يستحق كل الاحترام والتقدير، ولما لا، العلامة الكاملة مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.