صدر مؤخرا للمجاهد المرحوم "بوبكر هتهات" مذكرات تحت عنوان " جوانب من ثورة التحرير بالمنطقة الثانية الولاية السادسة " تقع في حدود 208 صفحة، تحمل بين طياتها أهم المحطات التاريخية التي عاشها المجاهد طيلة حياته بين حله وترحاله خاصة وانه مازج بين مرحلتين مهمتين في تاريخ الجزائر وهي مرحلة الحركة الوطنية التي عايشها في التراب الفرنسي بين أقرانه من المهاجرين ومرحلة الثورة التحريرية التي كان فيها عنصرا فعالا لاسيما وانه كان مع الرعيل الأول من القادة أمثال الشيخ زيان عاشور والقائد عمر إدريس. المجاهد بوبكر هتهات في مذكراته لم يغفل عن محطة مهمة أخرى وهي مرحلة الاستقلال والتي حاول أن يسرد أهم مساراتها السياسية خلال تنقله بين ولاية الجلفةوالاغواطوورقلة، من جانب آخر نلاحظ أن الأستاذ لبوخ الخليفة الذي جمع هذه المذكرات قام بمجهود كبير خاصة في صياغتها وإدراجه لأحداث لها صلة بمنطقة الجلفة ومسيرة المجاهد بوبكر هتهات –رحمه الله- وذلك من اجل تنوير القارئ وتسهيل مهمة البحث لديه . ومن خلال الاطلاع على هذه المذكرة نرى أنها قسمت إلى مراحل مهمة تحكي مسيرة المجاهد، كانت بدايتها بمرحلة الطفولة والأفاق المستقبلية فمرحلة الانضمام إلى صفوف تنظيم مرورا بمرحلة الحركة المناوئة لجبهة التحرير الوطني ثم مرحلة الالتحاق بجيش التحرير و أخيرا مرحلة الاستقلال. طفولته ويلاحظ على هذه المذكرة أن أسلوبها سردي اعتمد فيها على عنصر التشويق ابتداء من سرد المراحل الأولى للمجاهد بوبكر هتهات الذي هو من مواليد سنة 1927 بعرش أولاد بوعبد الله من أب اسمه ثامر نشأ وترعرع بالبادية بمنطقة الريان "القناجي" التابعة حاليا لبلدية حاسي العش بولاية الجلفة مع أسرته ووالده الذي كان " مقدم" بزاوية سي السعيد بن الطالب إلى جانب احترافه تجارة الأغنام إلى غاية حلول سنة 1932 حيث انتقل الأب إلى ناحية وجه الباطن، في ذلك الوقت كان بوبكر الابن الوحيد عند والده، الذي غير نشاطه ففتح ورشة لجمع "أكوام الحلفاء" بمنطقة وجه الباطن. عند سرد الأحداث الأولى للمذكرة يتوقف القارئ مليا عند نقطة مهمة وهي أن المعاناة التي كان يعيشها والد الابن بوبكر لم تكن لتمنعه من أن يفكر في تدريس ابنه للقرآن الكريم وهذا دلالة عميقة لمدى ارتباط الجزائري بدينه ومقوماته الشخصية رغم أن المستعمر عمل على تجهيل الشعب الجزائري. عندما بلغ الابن سن الخامسة فكّر والده في تعليمه مثلما ذكرنا، ونظرا لوجود إحدى الكتاتيب القرآنية بالمنطقة ارتأى أن يدرسه بها وقد نهل الابن بوبكر هتهات المبادئ الأولى لحفظ القران الكريم عند الشيخ "سعد ارفيس"، وبعد انتهاء مهمة الوالد انتقلت العائلة إلى منطقة الريان وانتقل معهم معلم القران "سي سعد" ليصبح بعد ذلك مدرسا في زاوية "سي السعيد بن الطالب"، وفي حدود سنة 1939 بدأت البوادر الأولى للحرب العالمية الثانية والتي جند لها من الجزائريين الكثير من أبناء الصحراء خاصة مع حلول سنوات عجاف. انتقاله إلى فرنسا...و انضمامه للحركة الوطنية الجزائرية المجاهد من خلال مذكراته صور لنا مدى تطلع الجزائريين إلى البحث عن أبواب الرزق في أي مكان حتى وان كان في بلاد المستعمر التي تعتبر فيما بعد نقطة حاسمة في التعبئة للثورة التحريرية، ونرى ذلك من خلال سرده لمسيرته فقد انتقل إلى فرنسا مطلع الخمسينات للبحث عن العمل من اجل تحسين مستواه الاجتماعي والاقتصادي حيث انه تنقل من عمل إلى آخر نظرا إلى أن اغلب الأعمال كانت شاقة ليتحصل بعدها على منصب عمل بمصنع السكر مابين سنتي 1953 و1954 وهناك التقى الكثير من أبناء الحركة الوطنية، هذا الاحتكاك ولد لديه رغبة شديدة في مجابهة المستعمر وقد انغمس في العمل الحزبي والسياسي ضمن خلايا حركة انتصار الحريات الديمقراطية، والتي كان لها نشاط ملحوظ عبر المنطقة، وهنا نرى أن الشاب بوبكر هتهات كان له دور مهم من خلال توزيع مناشير حزبية عبر الضاحية على المناضلين المنخرطين في الحزب، وفي تلك الفترة كان لمؤتمر بروكسل ببلجيكا في افريل 1953 صدى كبيرا لدى أبناء الحركة الوطنية في ظل الصراع بين المركزيين والمصاليين مما ولد عدم توافق في الرؤى بين الأطراف، ومع اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر 1954 وقعت اتصالات بين العمال الجزائريين وبين حزب جبهة التحرير الوطني، تم خلالها القيام بمسيرة مطالبين بالاستقلال تنفيذا لأوامر الحزب، ورغم محاولة السلطات منع هذه المسيرة إلا أنهم استطاعوا القيام بها، لكن الدرك الفرنسي طوق المكان وقام بترحيلهم عنوة. ويذكر بوبكر هتهات انه القي عليه القبض فيما بعد بفعل وشاية ليتم الزج به في السجن بمدينة ليل فخصصت له خلية الحزب مترجما ومحامي للدفاع عنه، وقد حققوا معه لكن المحامي ببراعته تمكن من إقناع المحكمة بإطلاق سراحه وحصوله على البراءة. بعد مدة قام العمال بإضراب داخل مصنع السكر لم يدم طويلا فقد انكشف أمرهم بسبب احد الأشخاص، الذي ابلغ الإدارة أن الإضراب سياسي ولا علاقة له بمطالب اجتماعية ليتم إلقاء القبض على أعضاء النقابة والزج بهم في السجن حيث وجهت لهم تهم تتعلق بالعمل السياسي. ونظرا لما كان يتمتع به بوبكر هتهات من فطنة وذكاء بالإضافة إلى انه يحسن القراءة والكتابة تم انتخابه رئيسا للنقابة في المعمل لكن لم يدم ذلك طويلا بسبب مواقفه السياسية، فقد ادخل السجن لمدة يومين .ساعاتها قرر الرجوع إلى ارض الوطن متأملا بان الاستقلال قد بدأت بوادره معتقدا بان الثورة ستكون نتيجتها الاستقلال القريب لا محالة. عودته إلى أرض الوطن المجاهد ينقلنا من خلال مذكراته من الضفة الفرنسية إلى ارض الوطن الذي بقي فيه يترقب أخبار الثورة ويتابع مجرياتها إلى غاية حلول مارس 1956 حيث حلت البشائر من طرف شيخ زاوية سي السعيد بن الطالب " سي لمير " والذي اعلمه بان الجيش قد وصل إلى المكان المسمى "قلتة الزناتي" بأعالي جبل قعيقع ، فذهب ومن معه مباشرة إلى الجبل ليجد شابا تبدوا عليه ملامح القوة فقد كان متواضعا، ونظرا لشغف بوبكر هتهات استرسل مباشرة في الحديث عن النضال بفرنسا وعن الاعتقالات التي طالت المسؤولين هناك وعن معاملة الفرنسيين له وعن الثورة والاستقلال الذي سيكون قريبا... بعدما أنهى حديثه ابتسم القائد "عمر ادريس" واعلمه بان المسيرة مازالت طويلة جدا وبأنه من الممكن أن يأتي جيل يواصل المسيرة بعدهم، والمهمة التي نحن بصددها هي تهيئة الشعب لاحتضان الثورة، أي العمل المدني ولهذا قام عمر إدريس بتعيين "بوبكر هتهات" رفقة والده كمركز مدني في بداية الأمر ليصبح بعد ذلك كمركز اتصال وتسجيل وأصبح يسمى مركز "القناجي". خلال هذه الفترة عاشت المنطقة نشاطا عسكريا ملفتا للانتباه ضد الاستعمار الفرنسي ومنشآته، وذلك بحرق ورشات الحلفاء التابعة للمستوطنين ومهاجمة مزارعهم ومصادرة مواشيهم وتحطيم الجسور والسكة الحديدية للقطار وتحطيم أعمدة الهاتف واعتراض سبيل حافلة الركاب واخذ علب الأدوية منها بناحية المصران ومهاجمة أعوان الاستعمار وعملائه في عدة نقاط... سيطرة أتباع بلونيس...و بداية المأساة! المجاهد بوبكر هتهات تحدث عن المأساة التي حلت بالمنطقة التي تربى فيها حيث خيمت عليها مشاهد القتل والإعدام والتعذيب فهو الذي عايش مرحلة عصيبة خاصة مع سيطرة بلونيس على منطقة كبيرة تحت الحماية الفرنسية، لتصبح دار الشيوخ والمناطق المجاورة لها مرتعا لهم يعيثون فيها فسادا رفقة القادة الفرنسيين ورجال "لاصاص" الذين نكلوا بأبناء المنطقة، فقد تم القبض على جميع الموالين لجيش "عمر إدريس" سواء كانوا عسكريين أو مدنيين بما فيهم المجاهد "بوبكر هتهات" الذي أُلقي عليه القبض باعتباره مسؤولا عن مجلس الثورة. ويتابع صاحب المذكرات ليصف لنا بدقة مراحل مسيرته التي عانى فيها الأمرين مع بلونيس وأتباعه حيث يقول " تم ترحيلنا في شاحنات إلى سيدي عيسى حيث يقيم العميل بلونيس بعين الحجل، وهذا المشتى عبارة عن مسكن قديم وإسطبلات للحيوانات فقاموا بحشرنا داخل غرفة ضيقة مع المعاملة السيئة واجراء التحقيق معنا بحضور الجنرال وكان ذلك في بداية شهر جويلية 1957 وبعد حوالي شهر من احتجازنا بحوش رابح البرادي وهو أيضا عميل لدى الاستعمار، قاموا بعد ذلك بترحيلنا عبر عدة محطات وفي كل محطة كنا نقضي بها مدة مابين الشهر والنصف الشهر وأحيانا لا تتجاوز الأسبوع في ظروف سيئة للغاية ومعاملة اسوء وكان يشرف على المعتقلين المدعو جمال الطولقي اسمر البشرة وكاتبه اسمه مقراني ويعامل المساجين بدون رحمة ولا شفقة يعذب بالضرب المبرح لاتفه الاسباب ويعدم كل من يشك في إخلاصه او في تعاطفه مع جبهة التحرير، اما المحطات التي تنقلنا عبرها ونحن في طريقنا الى ناحية حوش النعاس فهي : واد اللحم " حوش الخونية"، راس الضبع " حوش الكرمة "، سفوح القعدة حد السحاري " حوش القراير"، ناحية سيدي بايزيد و المرحلة الأخيرة كانت عين الروس " حوش لقراد" وتحول هذا المكان إلى معتقل تابع لإدارة بلونيس بحوش النعاس وعبر هذه المحطات التي ذكرناها تعرض الموقوفون إلى حوادث مؤلمة وتصفيات جسدية مثلما وقع مع مجموعة من المسؤولين البارزين الذي رتبوا وخططوا فيما بينهم عملية الفرار فانكشف أمرهم وأخضعوهم للتعذيب والضرب المبرح، ومن بينهم المجاهد لخضر إدريس الذي اعترف على أعضاء الخلية المخططة وذكرهم بأسمائهم وكان من بينهم الضابط هاني محمد بن الهادي الذي عذب بالضرب حتى اشرف على الهلاك كما عذبوا شقرة بن صالح وبلقاسم مغزي وآخرون لم تحضرن اسماؤهم " من خلال تتتبعنا لمراحل حياة المجاهد هتهات رحمه الله، نرى أن مسيرته تحت لواء الحركة الوطنية الجزائرية خلال تواجده في فرنسا كان لها الدور المهم في نجاته، فبعد وصول أنباء اعتقاله وتعذيبه إلى أسماع أتباع الحركة الوطنية بالجلفة الذين انقسموا في رأيهم مابين مؤيد لتصفية المعتقلين وبين رافض للاعتقال أصلا، وبعد مجيئهم إلى إدارة بلونيس الذي استقبلهم بحفاوة، لكن حينما طرحت قضية بوبكر هتهات أثارت نقاشا حادا مع بلونيس تغلب فيها أصحاب الرأي المطالب بإطلاق بوبكر رفقة أصحابه، هذا التدخل عجل بإطلاق سراحه يوم 27 من أكتوبر 1957. بعد تلك المرحلة توجه إلى منطقة "القصعة" قبالة حاسي العش ليختفى عن الأنظار مدة عام خوفا من إلقاء القبض عليه من طرف اتباع بلونيس. بعد سماع المجاهد "بوبكر هتهات" لهذه الأخبار، حاول الاتصال بجيش التحرير لكن حدث ما لم يتوقعه فقد اعتقل بحمام المصران بمنطقة حاسي بحبح من طرف الفرنسيين، ليتم التحقيق معه في "لاصاص" بمدينة حاسي بحبح وقد كان الهدف الأساسي من ذلك هو تجنيده لصالح القوات الفرنسية، لكن نظرا لحنكته في المحاورة استطاع أن يخرج من هذا المأزق، ليسبب له هذا الموقف مشكلا مع قيادة جيش التحرير الوطني، فعند اتصاله بالقائد "عمر ادريس" لم يكن اللقاء ليبشر بالخير حيث أن القائد اعتبر اختفاء "بوبكر هتهات" مدة عام كامل بالغير المبرر، فكان من المفروض بعد خروجه من السجن أن يلتحق بجيش التحرير إضافة إلى انه أصبح محل ريبة ولاسيما أن الفرنسيين حاولوا الاتصال به مرارا في الجهة التي يقطن فيها، لذلك ارتأت القيادة التريث وأخبرته بأنه يعتبر جديدا على نظام الثورة ولا يمكن تجنيده في الجيش بل عليه العمل في الجانب المدني فقط. وهنا يجب أن نتوقف عند هذا التصرف من قادة الثورة من أمثال عمر إدريس الذين لا يفرقون بين قائد أو جندي حينما يكون تحت الأسر في سجون العدو خاصة إن طالت مدته، ويبقى تحت المراقبة ليس لأنه متهم بالخيانة ولكن هذا من قوانين الثورة وهنا نتذكر مواقف قادة الاوراس حينما هرب مصطفى بن بولعيد من سجن الكدية بقي تحت المراقبة مدة من الزمن رغم انه كان قائدا للولاية الأولى، ومنه ندرك مدى قوة الثورة الجزائرية التي سطرت قوانينا وحافظت عليها. بعد ذهاب عمر إدريس اتجاه الولاية الثالثة وحينما طالت عودته قرر المجاهد بوبكر هتهات الاتصال من جديد بقادة المنطقة ليلتقي حينها بالضابط "سليماني سليمان" الذي أمر بتجنيده فعليا بتاريخ 8 ديسمبر 1958 في منطقة قعيقع بالقسمة 37 ليعين بعدها كاتبا عند مسؤول القسمة "الهاشمي المبروك". تجاوزات تُحسب على الثورة! المجاهد بوبكر هتهات من خلال مذكراته فتح ملف الاغتيالات والإعدامات التي كانت في بعض الأحيان مبنية على شكوك، يعني أن من قام بالحكم لم يهتد إلى الصواب رغم كل المبررات التي نحاول أن نعطيها للقادة، وقد ذكر عدة حوادث خاصة مع غياب عمر إدريس سواء ما يذكره من تصفية "قندوز بولرباح" الذي حكم عليه بالإعدام من طرف الهاشمي، و"سليمان فريفر" الذي اعدم هو الآخر من طرف الهاشمي وهنا نلحظ أن المجاهد بوبكر هتهات في كتاباته يعاتب هذه التصرفات التي ظلمت الكثيرين، ويعلل ذلك بالتسرع في إصدار الأحكام بالإضافة إلى الضغائن الحزبية ومنافسات انتخابية وقعت في السابق بين أحباب البيان وحزب الشعب وراح ضحيتها مناضلين مخلصين. الأحداث التي ذكرها المجاهد بوبكر هتهات في مذكراته كانت بداية لإحداث دامية أخرى راح ضحيتها عديد القادة من بينهم قائد الولاية السادسة العقيد الطيب الجغلالي والتي خيمت هي الأخرى على المنطقة، حيث مست الإعدامات والتصفيات مجموعة من أبناء منطقة الجلفة، ويذكر هنا المجاهد أن هذه الإعدامات لم تستند إلى أدلة واضحة، فهي مبنية على شكوك والبعض من اجل تصفية حسابات شخصية، وهنا يقول المجاهد يمكننا أن ندونها في خانة " التجاوزات" التي تحسب على الثورة وقادتها، ورغم أن الهاشمي حكم عليه بالإعدام بتهمة الخيانة فيما بعد نجد أن المجاهد بوبكر هتهات يدافع عنه بسبب انه كان كاتبه، وينفي عنه الخيانة باستثناء ظلمه للمناضلين الذين ذكرهم سابقا. المجاهد بوبكر هتهات كان صريحا في كتاباته فقد ذكر خلافه مع مسؤول المنطقة الثانية "سليماني سليمان" الذي اعتبره جزء من المشكلة خاصة وانه كان لا يتوافق معه في عديد المواقف، خاصة مسألة العقوبات العشوائية والارتجالية وانقطاع الصلة بين الهيئات والتذمر الظاهر على أفراد الجيش، ورغم أن بوبكر هتهات قد أبلى البلاء الحسن في تسيير القسمة التي أسندت إليه خاصة قسمة 38 والتي عرفت حراكا قويا في الفترة مابين 1960 و 1961 وكان من نتائجها مظاهرات 01و02 نوفمبر 1961 بمدينة الجلفة والتي كانت ناجحة، لكن رغم ذلك فقد كان سليماني سليمان يتحين الفرصة للقضاء عليه إلى أن قام بتحويله إلى الناحية الرابعة التي استحدثت فيما بعد وأصبح المجاهد بوبكر هتهات مساعد قسمة والتي لعب فيها دورا مهما في تجديد المجالس التي كانت في حالة ركود، واستطاع إحباط الحملات التحريضية التي شنتها جماعة الولاية الخامسة ضدهم . ومع بزوغ فجر الاستقلال وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار قام المجاهد بوبكر هتهات بعقد اجتماع للقسمات التابعة للناحية والالتزام بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار. الصورة ملتقطة في 10 جوان 2009 بمنزل الحاج "بوبكر هتهات" رحمه الله في لقاء مع "الجلفة إنفو " مسيرته بعد الإستقلال مذكرات المجاهد بوبكر هتهات لم تتوقف عند نهاية الثورة بل أسهب كاتبها في الحديث عن انجازات الجزائر في عهد الاستقلال خاصة وانه كان احد صانعي تلك المرحلة فقد عين على رأس قسمة الاغواط ووفق في تسييرها خلال تلك الفترة، وفي سنة 1965 وبعد التغييرات الجذرية في هياكل الحزب أصبحت الاغواط تابعة لمحافظة ورقلة التي عين على رأسها محمد الشريف ويعين بوبكر هتهات رئيسا لاتحادية الاغواط، ورغم تحمله للمسؤوليات لكنه لم يكن بعيدا عن النزاعات التي تقع بين المسؤولين، أين استطاع في كل مرة أن يكون رجل مواقف فاشرف على مؤتمر المنظمة الوطنية للمجاهدين بورقلة وقد استمر في محافظة ورقلة مدة عشر سنوات إلى أن أصبح مشرفا على محافظة الاغواط. غادر المجاهد هتهات الاغواط عائدا لمنبته الأصلي ولاية الجلفة ليعلن ترشحه بها في الانتخابات التشريعية، و بالرغم من انه لم يلق دعما كافيا في البداية إلا أن تاريخه الثوري شفع له، وسجل فوزا مستحقا بفضل وقوف الرجال المخلصين الى جانبه، واصل نضاله السياسي والتشريعي إلى غاية الانفتاح والتعددية، فترك منصبه بالحزب واستمر في عضوية المنظمة الوطنية للمجاهدين والإشراف على جمعية أول نوفمبر 1954 والتي أسسها رفقة نخبة من المجاهدين من اجل إحياء الذاكرة الشعبية وتدوين الأحداث التاريخية بالمنطقة. وفي الأخير نذكر القارئ أن هذه المذكرة الشخصية للمجاهد بوبكر هتهات حاول القائمون على تدوينها الحفاظ على الترتيب الزماني للتاريخ بالإضافة إلى إقحام مواضيع ذات صلة وثيقة بالمسار النضالي للمجاهد منها ما تعلق بالشخصيات التي التقى بها أيام كفاحه أو المعارك التي حضرها أو عايشها من خلال شهادات من حضرها وهذا لأجل تنوير القارئ وتسهيل مهمة البحث لديه .