في هذه الأثناء، وأنا أكتب هذا المقال يوجد الآلاف من أقلية "الروهينجا" المسلمة عالقون في البحر، بعد أن تقطعت بهم جميع السبل من دون طعام أو ماء. لا يملكون شيئاً سوى الأمل بالنجاة، مع كل موجة تضرب القارب الذي يؤويهم، تتشبث الأمهات بأطفالهن، و يتساءلن عما سيؤول إليه مصيرهن؟؟؟ في حين، وفي هذه الأثناء، يقصف نظام آل سعود شعب اليمن الحزين، بعد أن كان يسمى باليمن السعيد، بحجة تخوّفه من المد الشيعي الذي سيجلبه له الحوثيون إذا ما سيطروا على اليمن . ومع أنني ضد جماعة الحوثي التي لا تريد خيرا باليمن، والدليل أنها لم تصغ إلى أحد، فلا هي وفّت بتعهداتها مع منظمة الأممالمتحدة، ولا هي سمعت لكل من دعا إلى احترام الشرعية والتعاون مع عبد الهادي منصور، الرئيس الشرعي لليمن، رغم أن هذه الجماعة قد تحصلت على مناصب عليا في سدة الحكم كانت لا تحلم بها، وظلت تراوغ حتى كشّرت عن أنيابها وظهر وجهها الحقيقي، وأرادت أن تنقلب على الحكم، مما جعل النظام السعودي يشن حربا بالوكالة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، لأن هذه الأخيرة متورطة في افغانستان و العراق ومناطق أخرى، ولا تريد الزج بجيوشها في حروب خلفت فيها القتلى والمعطوبين، ولا خسائر مادية، لأن الفاتورة مدفوعة من طرف آل سعود، هذا النظام الذي يمنع أئمة المساجد من الدعاء على اليهود، ويعقد الصفقات سرا مع الكيان الصهيوني، ويتظاهر بخدمة الإسلام والمسلمين، ويغض الطرف عن ما يجري لإخواننا من أقلية "الروهينجا" من قمع من طرف نظام بورما البائد، وهاهم يطردون ويرمون في البحر أمام أعين المسلمين، ومع كل الأسف، فلقد كتبت سابقا عن إخواننا وذلك أضعف الايمان، حسب الحديث الشريف. وها هي المأساة تتكرر وبشكل خطير، فآل سعود ينفقون الملايير من أموال سكان الحجاز الأحرار، في تدمير اليمن بحجة إضعاف قدرات العصابات المجرمة التي تسببت في زعزعة استقرار اليمن وجعلته بؤرة للفوضى والدمار. وتغض الطرف عن ما يجري لفئة مسلمة مهجّرة وتتعرض لأنواع القهر والمعاناة . و انطلاقا من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)، و(المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا)، وقوله (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، وجب عليَ وعلى أمثالي أن يقف مع هؤلاء المشردين، ولو بالدعاء والكتابة عن آلامهم. وقبل أن أنهي مقالي ورد إليَّ خبر عاجل، يتم فيه إعلامي عن تكفل دولتي ماليزيا واندونيسيا بإخواننا من "الروهينجا"، وهنا أقف متسائلا ، أليست ماليزيا، أحق بتسيير شؤون الكعبة التي هي ملك للمسلمين والتي يحجّون إليها بأموالهم ؟؟ وأن لا فضل لآل سعود عليهم. أليست ماليزيا هي الدولة التي شرفت الإسلام والمسلمين، وهي الدولة الأنموذج للإسلام الحقيقي؟؟ إنها شهادة الجميع، فهي دولة عصرية بكل المقاييس، وفيها تتعايش الديانات ، وكل من زار الحجاز، يشيد بأخلاق الماليزيين وعن أدبهم ، وعن سماحتهم ومعاملتهم، مما يعطي انطباعا عن الوجه الحقيقي للمسلم، تلك المعاملة التي هي أساس الدين، والتي نفتقدها نحن العرب المسلمون. في الأخير، على الجميع بالدعاء لإخواننا بأن يعجل في تفريج كربتهم ، وأن يرزقهم الاستقرار ، والاطمئنان ، وأن يعوضهم خيرا...آمين.