بدءا ينبغي التنويه أن الحديث عن جريدة «الشعب «في كل مراحلها، ومسيرتها من الصعوبة بمكان، وبخاصة في مرحلتها الحالية أمام كثافة وسائل الإعلام المختلفة وتنوعها، وواقع المتلقي الذي يواجه واقعه المريض المأزوم على شتى المستويات، ومن ثم فإنه من تحصيل حاصل اعترافي بعدم امتلاكي الآليات، والقدرة على التماهي على طرح كل ما يقتضى أن يتوافق مع المناسبة، والذي أورده في هذا السياق ، لا يعدو كونه حضوري مع كل من يساهم في العدد من إخواني، والذين أكيد أن كثيرهم، أو جلهم أدرى مني بمسيرة الجريدة وأبلغ تعبير، وأدق عن ذلك مني. وفي كل الأحوال فإن جريدة الشعب تظل هرم الإعلام الوطني الصادق الأصيل في الدولة الوطنية الجزائرية منذ استرجاع السيادة الوطنية، وطالما يوجد من ما يزال بالجزائر وطنا، وأمة، ودولة، وانتماء، وحضارة على النهج المرصع بقيم الأمة وهويتها وتاريخها المجيد. وتظل المرجعية المثلى المطلقة لكل الإعلاميين الشرفاء، وللنخبة الوطنية الأصيلة سواء في مادتها أو في فنياتها، أو في تحديها، أو بتأثيرها، و قيادتها للرأي الوطني في أزمنة، ومواقف كانت تخلق الفضاءات والأجواء التي تعني مسيرتنا في النهوض بالدولة الوطنية كانت تخلقها من العدم بحكم ظروفنا عندما أنشئت ثم وفي كل المحطات التي واجهت أسرتها المتخندقة لدفع ما يبيت لمسيرتنا سياسيا، وثقافيا، واقتصاديا، وديبلوماسيا وبناء التحول الجديد الذي يعرفه مجتمعنا، ما يبيت من مكائد وما يحاك من مناورات، وما يفترى من تضليل، ومسخ، وما يوجه من طعنات استباقية في الغالب لكل ما يعد من القيادة، ومن الأمة، و المؤسسات في كل الطفرات التي أنشئت، وانطلقت للنهوض والرقي بالأمة وتبوء الموقع الجدير بها، الذي حققته بثورة نوفمبر وبمجدها العظيم الذي تتميز به عبر التاريخ... كانت السباقة في خلق الفضاءات الفكرية ومنابر الرأي إن الكثير الكثير باستطاعتي صياغته عندما يكون الحديث عن جريدة «الشعب» ولأن المقولة «لكل مقام مقال» ومقولة «مد الرجلين على قدر البساط» فالفضاء المسموح به ينبغي احترامه، وهذا الذي أفعله والخلاصة حينئذ أن أيا كان ممن واكب الجريدة لا ينسى أبدا وبخاصة المثقف، والمتعلم بعامة أنه لم يكن قارئا لها فحسب، بل هو تلميذ يتعلم منها كأي تلميذ في المدرسة، أو طالب يسترشد بكل ما فيها في شتى الأبواب، والفصول، والزوايا، أو باحث، أو مبدع يضيء ببحوثه أو إبداعه مسيرة الأمة، ويغذي فكرها، بما يتوجب السير عليه، وبخاصة في فترات كانت الإيديولوجيات تتطاحن فيها، وتبتلع أي ضعيف، وتملأ أي فراغ بما تريد، وواقعنا الذي خرج بجراح دامية من ثورة التحرير، ومثقلا بركام من الثالوث الإستعماري، الفقر، الجهل، المرض، وجذر لحماية جرائمه التي لا تضبط بحال لكثرتها وتنوعها رهطا فرانكوفيليا ما يزال يتمدد كالسرطان في وسطنا إلى اليوم، ويفعل في بعض الأحيان أكثر مما فعلته الكولونيالية الإستيطانية المجرمة المقيتة وآليات الحلف الأطلسي المدمرة التي ما نزال نعاني من بقاياها في ربوع الوطن. تعرضت في التسعينيات مع بداية التعددية إلى حملة شرسةلكنها بقيت صامدة إن جريدة الشعب وبخاصة لأجيالنا الجديدة الذين لا يعرفونها هي التعليقات اليومية في زواياها التي كانت سهاما نافذة في أعماق كل متطاول عن أي شيء يخصنا، وصفحات متخصصة بما يقدم مسيرة الأمة في تحولاتها، وفي حضارتها، وفي تراثها وفي إبداعها، وما يحدث هنا وهناك في العالم، فهي الشعب الثقافي الذي أحفظ كل أعداده تقريبا، وهي قلم «د. محي الدين عميمور» أطال الله عمره و أقلام «د. عبد الله شريط»، و «عبد المجيد مزيان» و «عبد الله ركيبي»، و «أبي العيد دودو» و «الجندي خليفة» و «د. أبو القاسم سعد الله» و «د. صالح خرفي»، و «مصطفى لشرف» رحمهم الله، و «د. العربي الزبيري»، و(عبد المالك مرتاض)، و «تركي رابح»، و «د. أحمد طالب الإبراهيمي»، و آخرون كثيرون من صحفييها الذين ما يزال بعضهم على قيد الحياة، ومنهم من انتقل إلى رحمة الله، ومن قبيل الذكر «كمال عياش» و «قطافي»، «عيسى عجينة»، «سعد بوعقبة» وغيرهم و غيرهم. ومن الجيل الشاب آنذاك «د.أحمد حمدي» ، «حمري بحري»، و «عمر أزراج»، و»محمد بن رقطان»، و «بلقاسم بن عبد الله» ، و «محمد الصالح حرز الله»، و»عمار يزلي» وغيرهم وغيرهم. ولأن الجريدة هي صاحبة الجلالة المطلقة في إعلامنا، وأم كل المستحدثات اللائي حاولن أن يكن شيئا وما يزلن يحاولن ذلك، ولم تبلغ أي منهن بعد حتى مرتبة الحفيدة، فإن ما أذكره في النهاية أنها لذلك فقد تعرضت في التسعينيات مع بداية التعددية إلى حملة شرسة كان مثيروها ومسيروها مصممين على إنهاء وجودها، وقد بلي بالهجوم عليها آنذاك معالي وزير الثقافة الحالي عز الدين ميهوبي أي بلاء، وكان لي الشرف أن أنشأت لجنة تأييد لبقائها بولاية باتنة، وأصدرنا في حينها ما أصدرنا من بيانات ومن مقالات في هذا السياق دفاعا عن بقائها. ويختم بالقول :لكم التحية والتقدير أسرة الجريدة أينما كنتم ودمتم على درب من كانوا وقود مصابيح مسيرتها أحياء، وأمواتا، وانحنائي لأرواح كل الذين رابطوا فيها، وانتقلوا إلى الملإ الأعلى، عاشت جريدة الشعب، جريدة الأمة، والوطن، والدولة الجزائرية، والسفيرة إلى كل أرجاء الوطن العربي والعالم.