تحل، اليوم، الذكرى 55 لتأسيس جريدة “الشعب”، اليومية الإخبارية الوطنية التي أنشئت في 11 ديسمبر 1962، أي أشهر قليلة بعد استعادة السيادة الوطنية في 5 جويلية من نفس السنة، وفي الذكرى الثانية لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 التاريخية. كان لزاما آنذاك أن يظهر صوت المواطن، ومن يتكفل بإعلامه ونقل انشغالاته بإعلام موضوعي ونزيه وبخط افتتاحي وطني وباللغة الوطنية، فظهرت الجريدة التي كانت ومازالت ذات صبغة وطنية، لا تهتم بجهة على حساب أخرى، ولا بفئة على حساب فئة أخرى. وقفت “الشعب” منذ 55 سنة، شامخة تعايش كل مراحل الوطن في أفراحه وأتراحه، تتحدى الصعاب وتتكيف مع التعددية الإعلامية التي عرفتها البلاد في بداية تسعينيات القرن الماضي، ومع ذلك بقيت محافظة على خطها الأصيل، تنقل المعلومة والخبر بكل موضوعية وصدق ومسؤولية، دون تهويل أو إثارة، كل ما يهمها الإعلام النزيه في خدمة الوطن والمواطن، تتجنب التجريح والمبالغة لأنها بالأساس تؤدي خدمة عمومية، في الوقت الذي تجتهد صحف أخرى في تضخيم البسيط وتقزيم الكبير والمهم من الأخبار والمواضيع التي تهم المجتمع، لدواع ليست بالضرورة، لها علاقة بالمهنة الشريفة. رغم الصعاب وتعقد الوضع الذي فرضته عوامل التعددية والأزمة الاقتصادية والتطور التكنولوجي والالتزام بالخط الافتتاحي، إلا إنها ترتقي يوما بعد يوم سلم التطور الإيجابي بنقلها الانشغالات الحقيقة للتنمية الوطنية والمحلية، والمجهودات المبذولة في الميدان والنقائص المسجلة، متفادية أخبار الإثارة والجرائم والحوادث التي أصبحت المادة الأساسية لكثير من الصحف، إلا في الحدود التي تخدم القارئ والإعلام الموضوعي. يومية “الشعب” تبقى جريدة الموضوعية والصدق والخدمة العمومية بدون منازع، باعتراف الجميع، قراء وإعلاميين ومثقفين، ويكفيها فخرا أن عمالقة الإعلام والثقافة في بلادنا، إذا صح هذا التعبير، مروا من بوابتها، فكانت المدرسة والأم الحنون التي احتضنت الجميع ومازالت. وإذا كانت الجريدة تشهد تطورا حقيقيا منذ سنوات، من خلال التقرب أكثر من المواطن والحدث المحلي في أرجاء الوطن، وكذا تدعيم أعدادها اليومية بملحقات تفصل في بعض المواضيع المطروحة على الساحة في مختلف المجالات، فهذا لأنها مصممة على البقاء شامخة ورافعة التحدي، مؤمنة بقدراتها ورصيدها، في الوقت الذي يشهد فيه المشهد الإعلامي الوطني اختفاء بعض الصحف لعدم قدرتها على المواصلة، لكن هذا لا يعني الاكتفاء، بل الأمر يستدعي بذل المزيد لإثبات الوجود في عصر إعلامي معقد بتعدده وبتطور تكنولوجي يفرض التكيف معه للبقاء.