لم يطو ملف “عدل 1” سنة 2017 مثلما وعد به المسؤولون عن قطاع السكن في مناسبات عديدة، أما “عدل2” فتلك حكاية انتظار أخرى لآلاف المكتتبين الذين لم يفهموا لحد اليوم، الطريقة المعتمدة لتلبية جميع الطلبات المسجلة وفي الآجال المحددة، ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه عشرات المكتتبين استلام مفاتيح شققهم بعد 16 سنة بالنسبة للصيغة الأولى وبعد 24 شهرا بالنسبة للصيغة الثانية، تأخر الأمر إلى أشهر أخرى وقد تكون سنوات، وإن قامت الوزارة الوصية بتوزيع حصص متفاوتة في بعض الولايات، وأعطت الإشارة لإنجاز بعض الوحدات الأخرى، إلا أن الأرقام المعلنة عنها من قبل المسؤول الأول عن القطاع في عدة مناسبات تكشف حقيقة “صادمة” وهي “تأخر” تحقيق حلم امتلاك سكن إلى آجال غير معروفة، تبقى رهينة قدرة المقاولات على تنفيذ البرامج المسندة لها، وحسن تسيير المسؤولين لميزانية بملايير الدينارات تضخ سنويا من الخزينة العمومية لتجسيد البرامج السكنية بمختلف صيغها. تداول على قطاع السكن والعمران والمدينة ثلاثة وزراء في ظرف عام واحد، عبد المجيد تبون الذي ظل يشغل هذا المنصب منذ 2012 إلى غاية 24 ماي 2017 حين تم تعيينه وزيرا أولا، واستخلف بوالي عنابة يوسف شرفة الذي لم يعمر طويلا في منصبه حيث أنهيت مهامه في أقل من 3 أشهر، وعين بدله والي مستغانم حميد طمار وهو يسير لحد الآن أهم قطاع يحظى باهتمام ومتابعة ملايين الجزائريين، هذه التغييرات لم تؤثر على سير دواليب العمل بوزارة السكن، لأن المسؤولين مكلفين بتنفيذ برنامج رئاسي يمتد إلى غاية 2019 وليس “ظرفي” ينتهي بانتهاء مهام مسؤول ما، يتضمن إنجاز آلاف الوحدات السكنية في مختلف الأنماط والصيغ. غير أن الملاحظة والحقائق الميدانية التي جاءت على لسان المسؤول الأول حاليا عن القطاع، أظهرت تأخرا “فادحا” في إنجاز البرامج السكنية واختلالات في الصفقات التي تبرمها مصالحه مع المقاولين المكلفين بالإنجاز، وهو ما يرهن تحقيق طلبات آلاف المكتتبين ويؤجلها سنوات أخرى خاصة في الصيغ التي يلزم فيها المكتتب بدفع حصص مالية ليست هينة على غرار “عدل” أو “أل بي بي” ليجد نفسه يصارع الانتظار من أجل الظفر بشقة بسبب عدم التزام المقاولات بدفاتر الشروط، وعجز الإدارة عن ضمان متابعة سير الورشات والأشغال. فالأرقام بينت توقف 87 ألف وحدة سكنية من صيغة “عدل” عن الأشغال، وأكثر من 10 آلاف سكن اجتماعي بالعاصمة وحدها، و286 سكن ترقوي من صيغة “أل.بي.بي”، أما في الولايات الأخرى فقد تفاجأ الوزير بوجود سكنات لم تنته الأشغال بها منذ 2006، وأخرى استهلكت تقريبا نصف الغلاف المالي المخصص للمشروع دون أن ينجز أكثر من 07 بالمائة من الأشغال، مثلما هو الحال بالمشروع السكني المسجل بولاية الوادي. في الوقت الذي تم فتح الأرضية الإلكترونية لمكتتبي “عدل2” مرة ثانية لاختيار مواقع سكناتهم، تفاجأ الكثير منهم بعدم قدرتهم على الدخول إلى الموقع لاستكمال العملية رغم أن الرقم المعلن عنه من قبل يقدر ب 78 ألف سكن عبر 23 ولاية، ترك البعض الآخر يتساءل عن حقيقة الرقم المعلن عنه من الوصاية، خاصة وأنها لم تحدد حصة كل ولاية على حدا، واكتفت بإعلان الرقم الإجمالي “الضخم” ما أعطى الانطباع على أنه محاولة منها لتمرير رسالة بأن مشاريع “عدل2” تسير وفق الآجال المحدد لها، غير أن الواقع يقول عكس ذلك بدليل الفارق بين عدد المكتتبين والسكنات الجاري إنجازها، فضلا عن وجود مئات الوحدات السكنية المتوقفة وأخرى لم تجد أوعية عقارية لاحتوائها بعد، ونفس الشيء بالنسبة للصيغ الأخرى، باستثناء السكنات الاجتماعية التي تدعمت الحظيرة السكنية بحصة كبيرة منها، خاصة في المدن الكبرى في إطار القضاء على السكن الهش والفوضوي. تحاول الوصاية جاهدة على لسان مسؤولها- في انتظار تحقيق ذلك في الميدان- إعادة إطلاق جل المشاريع المتأخرة بحل مشاكلها واستدراك الوضع، من خلال ضخ المستحقات المالية في حساب المقاولات المكلفة بالإنجاز وإن اعترفت أن الأمر ليس سهلا بسبب تكلفة المشاريع السكنية الباهظة، واستمرار تداعيات الأزمة المالية التي تفرض ترشيد النفقات وتجنب تبذير المال العام. رغم استمرار تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني وقطاع السكن بشكل خاص، تم الإعلان عن عدة قرارات، وصيغ جديدة للسكن ينتظر تجسيدها السنة المقبلة، منها انجاز 120 ألف وحدة سكنية من صيغة”عدل”، وإطلاق صيغة السكن الترقوي العمومي المدعم يجري إعداد إطارها التشريعي، لاستدراك النقائص المسجلة في الصيغة القديمة، كما تم الإعلان عن صيغة سكنية موجهة للكراء لتلبية الطلب الكبير في السوق العقاري الذي يوجد تحت رحمة السماسرة والمضاربين، مما ألهب أسعار إيجار الشقق خاصة بالمدن الكبرى في ظل غياب الرقابة.