«أم الشمل» المنطقة المنسية من جغرافية الحضنة وتاريخ أولاد دراج العريق ، ظلت على الهامش، حلمها لم يكن كبيرا في جزائر الانفتاح على الاقتصاد الرقمي، وتكنولوجيات الاتصال، بل أمنيتها أن يرفع عنها غبن طال أمده، وتعتيم كان للنخب السياسية والثقافية فيه القسط الأكبر، وعندما نتحدث عن قرية «ام الشمل»، أكيد ان هناك العديد من القرى شبيهاتها في طي النسيان، لا تزال يومياتهم رهينة البراري المحيطة بها، لا أكثر، لذلك كان على كل قرية ان تخرج الينا عياشها، ولما لا عائشاتها، فلدغة عقرب أودت بحياة الأديبة عائشة القاطنة بقرية في ربوع جنوبنا الكبير، لم يسعفها الطاقم الطبي هناك، ولم ترحمها تصريحات مسؤولين، كان الأجدر بهم ان يصمتوا إلى الأبد، لأنهم حولوها من ضحية سم عقرب الى متهمة بسموم التصريحات. كأن الموت حليف الفقراء، وحظهم في الحياة لن يكتب له المرور إلى سجل الخلود، لأن التهاون والتقاعس في أداء المهام صار الصفة الغالبة، في الكثير من قطاعاتنا للأسف ، ان لم تكن أغلبها ، وعوض ان يتلقي المواطن الصدمة الواحدة تتوالى الصدمات والنكبات على رأسه بعضها بعضا. «عياش» و»عائشة» لم يكونا قبل الحادثتين في السنة المفرطة، ليسطع نجمهما، لولا ان التعامل مع مثل هذه الأحداث كان بروح مسؤولة، وعوض أن تكون التدخلات في المستوى المطلوب، لامتصاص الغضب، تعقدت التصريحات المجانية غير مدروسة العواقب، بل افتقدت إلى آليات الحلول وساهمت في تعكير الأجواء ومنح الضحيتين قدرا من الاسهاب الاعلامي، لم يكونا ليحلما به وهما على قيد الحياة». افتح قوس هنا «لأقول ان القصد من الحلم هنا، ليس له علاقة بمكانة احدهما في المجتمع، بقدر ما أردت الإشارة إلى التناول الاعلامي الكبير للحادثتين من زوايا اعلامية متعددة». احيانا لدغات البشر اكبر من لدغات الحشرات، التي تظل خطيرة وسمومها قاتلة، سواء بالاقتراب منها أو الابتعاد عنها، لذلك سيظل البئر جبا بأعماقه، يبتلع الضحايا من الغرقى والعابرين، ما لم نسارع إلى تصحيح انفسنا حسب عقارب الساعة، وليس عكس العقارب من الحيات.