تهاوت أسعار الخام الأسود إلى 36 دولارا، بسبب فيروس كورونا الذي على ما يبدو سيلحق أضرارا تفوق بكثير تلك التي ألحقها بضحاياه، وذلك قياسا إلى النسب الرسمية للذين تماثلوا إلى الشفاء، يحدث هذا في وقت لم تجسد الجزائر تحدي التحول الاقتصادي الذي رفعته الحكومات المتعاقبة في مرحلة سابقة، ما ينبئ أن الصعوبات التي ستواجهها لن تكون بالهينة. أين الجزائر من التحول الاقتصادي الذي كان محور البرامج الاقتصادية منذ التراجع الكبير في أسعار البترول في سنة 2014، وهل كان تجسيده آنذاك سيجنبها الآثار الكارثية لانهيار أسعار الذهب الأسود التي انخفضت بشكل كبير بسبب فيروس كورونا، الذي تأكد رسميا إصابة الاقتصاد العالمي به. مواجهة انهيار أسعار النفط، ملف عالجه اجتماع مجلس الوزراء المنعقد أول أمس برئاسة رئيس الجمهورية، إذ حرص المسؤول الأول على قطاع الطاقة الوزير محمد عرقاب في عرضه، على التأكيد بأن التحول الطاقوي أولوية في مخطط عمل الوزارة التي يشرف عليها، على اعتبار أنه السبيل الوحيد الذي يمكن الجزائر من التخلص من التبعية للمحروقات. وكانت أزمة العام 2014، التي تسبب فيها انهيار أسعار برميل النفط، بعد بلوغه مستويات قياسية بتجاوزه عتبة المائة دولار آنذاك، قد دقت ناقوس الخطر وطرح التحول الطاقوي كبديل لا خيار عنه، كان على الأرجح سيساعد الجزائر في حال تجسيده على تجاوز أزمة أخرى أكثر قوة، بعد نزوله إلى عتبة 36 دولارا. وتراهن الحكومة على تطوير الطاقات المتجددة لرفع تحدي تجسيد التحول الطاقوي، على دعم «التحكم الطاقوي والنجاعة الطاقوية»، وذلك وفق ما جاء في بيان مجلس الوزراء «رؤية ترتكز على الحفاظ على موارد المحروقات وتثمينها، وتغيير نموذج الاستهلاك، والتنمية المستدامة وحماية البيئة»، يتم تكثيف البحث والاستكشاف لاسيما في الشمال وفي البحر في مجال المحروقات. ويبرز اليوم جليا أهمية إدراج رئيس الجمهورية لوزارة منتدبة للمؤسسات الناشئة، وكذا الرهان على القطاع الصناعي، ومراجعة السياسات السابقة لاسيما ما تعلق بتركيب السيارات، في محاولة لترشيد النفقات، وضخها في فروع الإنتاج، الكفيلة بتعزيز المنتوج الوطني في مرحلة أولى ثم إلى التصدير في مرحلة ثانية. تهاوي أسعار البترول ستعجل بالتحول الاقتصادي على الأرجح، لحل نهائي يعالج تبعية الاقتصاد للنفط ومداخيله.