لاقت القرارات التي كللت ثاني اجتماع عقد على أعلى مستوى، في إطار متابعة تطورات انتشار فيروس كورونا في الجزائر، أشرف عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون استحسانا كبيرا لدى الجزائريين، الذين طالبوا بتشديدها من خلال فرض حجر تام، وإعلان حالة الطوارئ، حفاظا على أمنهم وسلامتهم لتطويق المرض. القرارات الهامة التي اتخذها رئيس الجمهورية، بالتنسيق مع الوزارات المعنية والجهات الأمنية، في مقدمتها تعليق كل الرحلات الجوية الدولية، وتوسيعها إلى المحلية بدءا من الغد، وكذا فرض الحجر الصحي على كل من تطأ قدمه الجزائر، لاسيما منهم القادمون من المناطق الموبوءة، جاءت منسجمة مع مطالب الجزائريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، الذين سقطوا على الذهاب إلى أقصى حد تفاديا للكارثة، ممثلا في فرض حجر عام. الجزائر وإن لم تعلن حالة الطوارئ بعد، التي تتزامن وفق ما هو معمول به في الدول التي اكتسحها «كوفيد 19» مع المرور إلى المرحلة الثالثة، الأخطر والأشد فتكا، إلا أنها اتخذت تدابير متبعة خلال الوصول إلى هذه الأخيرة، في محاولة من السلطات العمومية لاستباق فيروس، خسرت أمامه المعركة كبريات الدول، باستثناء الصين الذي وقف مجددا بعد تلقيه الضربة القاضية. لكن الاشكالية المطروحة في هذه الأثناء هل هذه الإجراءات كافية، في وقت ينتشر فيه الفيروس القاتل بسرعة البرق، وعلى الأرجح فإن الانتقال إلى حجر عام كإجراء وقائي، لاسيما في ظل السلوكات السلبية للبعض، إما لعدم الاكتراث أو الاستهتار، الخيار الأنسب، وذلك اقتداء بتجربة الصين، التي لم تتجاوزه إلا بعد فرض الحجر الصحي الذي أدى إلى انحساره ثم تراجعه، إلى غاية تسجيل 0 حالة يوم 19 مارس الجاري، أمر لم يكن متوقعا قبل أسابيع قليلة. ومهما كان الاستعداد والقرارات الاحتياطية والاستباقية، ومهما عملت السلطات العمومية على احتواء الفيروس وتبعاته، إلا أنها تبقى غير كافية، ما لم ينخرط الشعب بكامله في عملية الوقاية، أمر لم يحدث بعد للأسف، ذلك أن الأعراس وبعدما منعت في القاعات، أصرّ أصحابها أن تتم في الموعد لكن في بيوتهم، بحضور عشرات الأشخاص وكأن القاعات تنقل الفيروس وليس الأشخاص، في مخاطرة كبيرة بالمواطنين ككل. هذه السلوكيات السلبية مستمرة، رغم أن الجزائر تسجل مستويات قياسية في عدد الوفيات، بعد إحصاء 10 وفيات من مجموع 90 إصابة، قد تستلزم الوضعية فرض حجر تام لتفادي تأزم الوضع، مطلب رفعه الأطباء قبل المواطنين، لإدراكهم بخطورة الوضع وتجنبا للأسوأ، الذي حذرت المنظمة العالمية للصحة، من حدوثه في القارة الإفريقية.