قال الدكتور ولد الصديق ميلود، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الدكتور مولاي الطاهر بسعيدة، إن الثامن ماي حدث درامي لا إنساني مخضب بدماء الجزائريين، كانت الأداة فيه متجسدة في وحشية المستعمر الفرنسي الذي أبان عن حقيقته في قمع الشعوب ونضالاتها السلمية في سبيل الاستقلال. واعتبر ولد الصديق أن الذكرى 75 أعطتنا جملة من الدروس، فالمجازر وصمة عار في جبين فرنسا الاستعمارية تضاف الى سجلها الاستعماري المتعددة، وخرّجت قناعة لدى الشعب الجزائري أن ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة.. وفي هذا تعرية للوجه القبيح للاستعمار الفرنسي غير الحضاري الذي كثيرا ما تباهى بالتحضر والحرية والإنسانية، فعوض تلبية المطالب التي وعد بها رد بأسلوب القمع والتقتيل الجماعي وتدمير القرى والمداشر. وحسب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية فإن أهم خلاصة تاريخية تستنبط من المظاهرات التي أعقبت المجازر هي أنها تعكس مدى النضج الكبير الذي اتسم به المتظاهرون ووعيهم السياسي الاستباقي.. فخروجهم في شكل مظاهرات سلمية راقية حضارية لمطالبة فرنسا بالوفاء بوعودها وتطبيق مبادئ الحرية التي رفع شعارها الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بينت مدى الرقي والإيمان بالسلمية في سبيل تحقيق المطالب المشروع. كما كشفت المظاهرات عن التنظيم الجيد والتأطير غير المسبوق من طرف زعماء الحركة الوطنية وأبانت عن انسجام والتحام الشعب الجزائري و.. فإذا كانت شرارة الانطلاق في سطيف ثم خراطة وقالمة فان صدى الاحداث سرعان ما انتقل الى المدن الاخرى وبذلك عبر الجزائريون عن مصيرهم الذي يشتركون فيه جميعا. كما أشار د.ولد الصديق إلى أن الشباب كان في طليعة هذه المظاهرات بل وشكل وقودها طلبة الجامعة وتلاميذ المدارس، بشعارات عبرت عن التحرر والاستقلال والتنظيم الباهر الذي لم تتوقعه سلطات الاستدمار، وفي هذا رسالة لشباب اليوم في جعل قضايا الوطن وهمومه مبعثا للوحدة والالتحام بقدر ما شكلت مجازر 8 ماي المروعة مأساة عجلت الاستقلال والتحرر الكامل من الاستدمار الفرنسي الغاشم.